الهاشمي العميل يلتقي المالكي العميل !!!

المقاله تحت باب  في السياسة
في 
07/01/2008 06:00 AM
GMT



هكذا كان نص عنوان الخبر الوارد في أحدى مواقع حزب البعث الالكترونية التي تقاتل منذ أربعة سنوات القوات الامريكية وقوات الأمن العراقية على حد سواء !!!

ولم ينتهي أستغرابي حول هذا الخبر الذي سمّرني عقلياً لبرهة من الزمن حتى طالعني خبر تحته وفي نفس الموقع جاء فيه:

أعضاء مجلس النواب العراقي العملاء ينتقدون أداء وزراء الحكومة العملاء بعد التباطؤ في تنفيذ بعض المشاريع في العراق !!!

ويبدو من البديهي أن يرتفع لدي منسوب الأستغراب لدرجة كبيرة جداً , ولكنها وبعد أن اصطدمت بالخبر الثالث في نفس الموقع والقائل :

جلال الطالباني العميل يلتقى رئيس مجلس النواب العميل !!!

عند ذلك أرتسمت علامات الأستغراب الممزوجة بالدهشة فوق تضاريس فكري وخريطة عقلي والتي تشظت اخيراً الى تساؤلات كبيرة على الطريقة المعروفة لدى فلاسفة اليونان ارسطو وقبله افلاطون وسقراط حينما رأوا ان تجليات الدهشة ومظاهر الأستغراب وعلامات التعجب تمثل أولى عمليات الفكر وتشغيل العقل التي تربط الأنسان بالأشياء المتنوعة والمتعددة في العالم الخارجي , وهي الخطوة التمهيدية نحو فحص الأفكار ومساءلة الحقائق وأستنطاقها .

ولهذه الدهشة الأيجابية أثر عليّ تمظهر في تساؤلات كبيرة وعلامات أستفهام عميقة تجسدت في الأسئلة التالية التي اضعها أمام القارىء وأصحاب هذه المواقع وغيرها عسى نصل معهم الى وحدة مفهومية تتركب من مفاهيم ومصطلحات واضحة ترتسم علاماتها ومعانيها في كتاباتنا وتحليلاتنا بصورة تمكننا من فهم المعنى وأيصال فكرته ومعرفة دلالاته وأبعاده التي تنبثق من فهم اللفظ او المصطلح من أجل أن يفهم القارئ مانكتب ولايسرح بفكره بعيداً للبحث عن معنى واضح دقيق لما يقرأءه .

وهذه هي الأسئلة التي أطرحها هنا....

هل الدكتور طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية والأستاذ نوري المالكي رئيس وزراء العراق عميلان ؟

وهل اعضاء مجلس النواب ووزراء حكومة العراق عملاء أيضاً ؟

وهل_ وهذا هو السؤال الأخير_ الدكتور جلال الطالباني رئيس جمهورية العراق والدكتور محمود المشهداني رئيس مجلس النواب العراقي عميلان ؟

ليست هذه الاسئلة التي طرحتها أعلاه طفولية او عابرة كما تظنون , ولاهي أسئلة بسيطة صنعتها مخيلة سطحية تبتغي من ورائها جواب بسيط يتراوح بين نعم عميل او كلا ليس عميل !!!

أنها اسئلة نارية مهمة وجوهرية تفتح فوهات بنادقها امام أفقنا مشروع متكامل للحوار الهادئ البناء المُنتج بعيد عن الصراخ والزعيق والشتائم التي تتطاير في سماء الحوارات هنا وهناك , حوار نبين فيه قيمة صيرورة التساؤل وجدلية الجواب والعلاقة بينهما ومايمكن ان تترشح عنه من مفاهيم وصيغ تصنع فضاء من التفكير الأيجابي يمارس دوره الفعال في استجلاء مفهوم العمالة والعميل في التفكير السياسي النقدي الخلاق بغية كشف الحقيقة وتعرية الزيف وفضح الخداعات التي يمارسها البعض حينما يتحدثون عن مفهوم العمالة .

ومادمت وعدتكم بحوار هادئ , عقلاني , مُنتج , لذلك لابد ان تستمعوا لوجهة نظري قليلاً لكي نصل الى نتيجة حول مصداقية اطلاق لفظ عملاء على هؤلاء الأشخاص, وسوف أستخدم هنا المنهج المنطقي الفلسفي في قراءتي لتوصيف هؤلاء بالعملاء وما يمكن ان يترتب على هذا الوصف من نتائج تتعدى هؤلاء لتمس الشعب العراقي الذي أنتخب_ في حينها_ هؤلاء الساسة . هذه الطريقة تسمى في المنطق الاستنتاج deduction والذي هو عملية ذهنية يُستخلص بواسطتها بدقة من قضية تُدعى مقدمة، قضية أخرى تُدعى نتيجة تنتج عنها بالضرورة .

من المؤكد أن كل من هؤلاء الأشخاص الذي وصفهم الموقع الألكتروني التابع لحزب البعث بالعملاء ليسوا من الصنف الذي يمكن محاكمتهم واطلاق الأوصاف بشأنهم هكذا على عواهنها ببساطة , بل هم رجال يتسنمون مناصب رفيعة في الدولة العراقية, وأنهم جاؤا الى هذه المراكز بواسطة آلية معينة تمثلت كما هو معروف في الانتخابات_ بغض النظر عن مارافقها من سلبيات وطائفية_التي حدثت سنة 2005 والتي نتجت عنها هذه الحكومة , فهؤلاء الأشخاص الذين وردت أسمائهم في هذه الموقع لايمثلون أنفسهم فقط ولايجسدون شخصياتهم الفردية وأفعالهم الذاتية وانما يُعد كل واحد منهم ممثلاً لجماعة كبرى لها هوية معينة سواء كانت حزبية أو طائفية او قومية, على الرغم من عدم أيماني الشديد بطريقة تمثيلهم في الأنتخابات والتي حصلت بطريقة الأصطفاف الطائفي والقومي لكن عدم أيماني شيئ وقراءتي للواقع شيء أخر , فأنا أمارس _أجرائياً_ تحليل واقعي سوسيولوجي لما هو بالفعل, بعيداً عن التحليل القيمي الأكسيولوجي القائم على ما ينبغي ان يكون عليه الشيء .

ومادام هؤلاء لايمثلون أنفسهم , لذلك أن وصف هولاء بالعملاء يعني أن من أنتخبهم أيضاً عميل,حيث سوف ننتقل بطريقة الأستنتاج,الذي وضحتها أعلاه ,من الذات الفردية للسياسي الى الذات الجماعية التي مثلتها هذه الشخصية وجسدت هويتها .

ولناخذ المثال التالي كنموذج بسيط للشرح ...

السيد الطالباني عميل.... هذه مقدمة وهي مفترضة من أصحاب الموقع.

لكن الشعب الكردي هو من أنتخب الطالباني.

أذن الشعب الكردي عميل وهذه هي النتيجة !!!

وكذلك الحال بالنسبة للمالكي والهاشمي الذي سنصل معهما_ وفقاً لهذا الاستنتاج _ الى نتيجة مفادها أن الشيعة والسنة أيضاً عملاء!!! بل يمتد ذلك أيضاً الى بقية الساسة كعلاوي والمطلك وغيرهم الذي سنصف من انتخبهم بالعملاء أذا كانوا هم عملاء أيضاً !!!

وعلينا الأن أن نتسائل ....

هل يمكن أن يصح هكذا أستنتاج ؟

نحن الأن لدينا ثلاث أركان ...

1. مقدمة.

2. عملية الأستنتاج.

3. نتيجة.

ولكي تكون النتيجة صحيحة يجب أن تكون المقدمة صحيحة أولاً وعملية الاستنتاج وآليته صحيحة ثانياً كما يعرف ذلك اهل المنطق ....

المقدمة لدينا أن هؤلاء عملاء كما يفترضها الموقع الألكتروني ... والنتيجة ان الناخب الذي منحهم صوته عميل والذي هو الشعب العراقي ....ولكن من غير الممكن أن يكون الشعب العراقي بسنته وشيعته واكراده ومسيحيه عملاء فهذا مالايتجرأ أحد أن يدعيه ويقول به , فمن المستحيل أن يرتهن شعب باكمله الى دولة خارجية ويكون عميل لها , فهذا مالم يحدث في التاريخ وماسوف لن يحدث مهما تغيرت الأحوال والظروف التي تعيشها الشعوب المختلفة في سياق تاريخي معين .

اذا هنالك خطأ في هذا الاستنتاج....يكمن في المقدمة التي وصفتهم بالعملاء مادامت عملية الأستنتاج صحيحة في ذاتها صورياً , فلايبقى الا أن تكون المقدمة مضللة مخادعة كاذبة غير حقيقية وهي وصفهم بالعملاء .

أن السياسيين في العراق اليوم يمارسون السياسة من حيث هي فن الممكن والتي تعني من بين أهم ماتعنيه الأنفتاح على كافة الأمكانيات المتنوعة والأحتمالات المختلفة والمساحات الواسعة للحدث السياسي, ولهذه الأسماء العراقية سياسات وبرامج وأهداف يحاولون تطبيقها بشتى الطرق ولوعن طريق التعاون مع الأدارة الأمريكية التي لقواتها العسكرية وجود حقيقي وفعلي في أرض العراق لايمكن تجاهله, وقد أختاروا هذا الخيار السياسي في التعامل مع الوضع العراقي .

أنني أود التأكيد في أخر المقال على جملة من الأمور التالية:

1. أن رفضي لوصف هؤلاء بالعملاء لايعني انهم ملائكة أو أنبياء ولاهم يدعون ذلك بل هم شخصيات عراقية أنخرطت في العملية السياسية بقواعدها المعروفة .

2. هذه الشخصيات ربما تُخطئ في بعض الأحايين وتصيب في الاخرى, وقد نختلف معها في طرح مرة أو نوافقها عليه مرة أخرى ... ننقدها في مقالة ونمتدح سلوكها في مقالة اخرى.

3. أن الزعم القائل أن الجميع عملاء بالمطلق هكذا ...هو أمرلايمكن قبوله ولاأستساغته أذا ما حكّمنا العقل الهادئ وجعلناه معيارنا في الحكم على الأخر في قضيتي العمالة والوطنية .

4. ربما لايستحق أعضاء مجلس النواب العراقي والحكومة العراقية مانالوه اليوم من الرفاهية التي كانوا سابقاً حتى لايحلمون بها ولابربعها وخصوصاً أعضاء مجلس النواب, هذا صحيح ووارد فعلاً لكن الوصف بالعميل شيء, وعدم أستحقاقهم الرفاهية ومانالوه من مكاسب شيء أخر .

5. كما أني لا أنزه الجميع ولاأزعم ان الجميع صادق النوايا ويحب وطنه ومستعد للتضحية في سبيله , بل يوجد ربما من يعمل لغاياته الشخصية ومنافعه الفردية ويمكن ان يكون أدوات لدول أخرى , لكن هذا الأمر لايختص بالعراق وحده وأنما يمكن أن يكون في كل دولة .

6. أن الأتهام بالعمالة قضية خطيرة وكبيرة وفيها (..... تطير ركاب..كما نقول في اللهجة العراقية .... ) , وعلى المرئ قبل أن يُطلقها أن يتبين الخيط الأبيض من الأسود حتى لا نقع في فوضى دلالية تهدر دماء أشخاص أختلفنا معها في الرؤية والمسار السياسي .

7. أن الشعب العراقي الذي أوصل هؤلاء الى سدة الحكم قادر على سحب البساط من تحتهم في الأنتخابات القادمة, فهو الحكم والفيصل الذي سيقرر بقاءهم في الحكومة والبرلمان أو خروجهم منها .