ضمائر لا يحركها صراخ الثكالة ولا عويل الأيتام

المقاله تحت باب  في السياسة
في 
20/10/2007 06:00 AM
GMT



يا لسخرية الأقدار ويا لمهزلة الواقع المرير الذي ينقض على هذا الشعب المبتلى بأبناء جلدته الذين لا يهدأ لهم بال ولا يستقر لهم ضمير إلا بعذاباته وحالة الذل التي يرزح تحت وطأتها – كيف لا وكل الذي نسمعه ونراه يدلل وبوضوح على ذلك التعامل المزري مع كل القضايا التي تمس الحياة العراقية وعلى المستوى الداخلي والخارجي -

في كل يوم وعلى مدار السنوات المنصرمة تطالعنا صحافتنا المقروءة والمرئية بالمصائب والويلات التي يعاني منها شعبنا العراقي – وليس هناك نهاية منظورة إلى هذه المأساة – وكلما أردنا التفاؤل بانتهاء بعض من تلك الماْسي التي يعاني منه الإنسان العراقي تفاجئنا أحداث ومفارقات تعود بنا إلى دائرة اليأس الذي أصبح ظل لا يبرح أن يفارق الإنسان العراقي وأماله المذبوحة على دكة الحكومة والبرلمان – ولا احد يستطيع التنبؤ بما هو قادم والقادم أسوء إذا استمرت الأوضاع على وتيرتها الحالية وذلك التمادي من قبل من يمثلون هذا الشعب المغلوب على أمره -

فبعد شهر من الراحة والاستجمام تمتعوا به ممثلي الشعب ورافعي راية الأمة ومنقذيها – كي يعودوا ويمارسوا عملهم البرلماني من جديد داخل قبة البرلمان والحصول على المزيد من الامتيازات والمكتسبات –الحقوق- كما يطلقون عليها –

ولو رجعنا قليل إلى السنة الماضية وفي الجلسات الأولى للبرلمان حيث احتدمت النقاشات وعلت الأصوات داخل قبة البرلمان مطالبة بزيادات الرواتب الغير مجزية للنواب – فكانت الصولات والجولات غاية في الحماس حيث انتهت بإصدار جداول وقوانين جديدة تؤمن للبرلماني راتب شهري يكاد أن يكون خيالي في ظل الأوضاع المعاشية المتردية التي يعيشها الأغلبية المطلقة من الشعب العراقي – علاوة على ذلك تاْمين راتب تقاعدي أيضا لا يقل نسبة عن الراتب المصروف للبرلماني وهو داخل الخدمة وحتى لو كانت خدمته لا تتعدى السنة الواحدة – فانتهت تلك الجولات بانتصار البرلمانيون واخذ القرارات والقوانين التي تؤمن لهم ذلك الحق –

وألان وبعد مرور اقل من سنة واحدة ارتفعت الأصوات من جديد داخل قبة البرلمان وهي تطالب برفع الغبن الذي يعانون منه- وهو آن رئيس البرلمان ونائبيه يطالبون بحقوق تساويهم برئيس الوزراء ونائبيه من حيث الامتيازات – والبرلمانيون طالبوا بمساواتهم بدرجة الوزير من حيث الامتيازات والحقوق - وعلاوة على ذلك منح عوائلهم جوازات دبلوماسية – ويعني ذلك بعد مرور عشرة دورات انتخابية سوف يحمل نصف الشعب العراقي جوازات دبلوماسية – وكما علمنا من الأخبار إن مجلس الرئاسة قد صادق على هذه القرارات- فبارك الله جهودكم وانتم تناضلون للنيل بالمزيد من الامتيازات والحقوق –وها هو شعبكم المشرد يعاني الحرمان ولا يستطيع الحصول على وثيقة سفر يحفظ بها ماء وجهه في دول الجوار التي أذلته فوق الذل الذي يحمله على كاهله من جراء عدم مبالاة هؤلاء الممثلين له في البرلمان- وهذا جزاء هؤلاء الذين غامروا بحياتهم وخرجوا متحدين الموت والتفجير ليصوتوا إلى ممثليهم الأشاوس - أملين أن يكونوا لهم العون بالدفاع عن مصالحهم وحقوقهم المسلوبة سابقا وحاضرا- فمتى تتحرك الضمائر الحية وتأخذ بزمام المبادرة لإنقاذ هذا الشعب المظلوم وإعطاء حقوق الثكالة والأيتام ممن يعانون شظف العيش وذل الحاجة وفاقة الفقر وقلت الحيلة - أين انتم يا من كنتم أحزاب معارضة في زمن النظام المقبور وتتباكون على مصائب العراق والعراقيين وتنادون برفع الظلم والحيف الواقع عليهم من النظام المقبور أنسيتم مرارة الظلم وذل الاغتراب – فالأجدى إنكم عارفون معنى العوز وفاقة الحاجة التي يعاني منها هذا الشعب وها انتم تتسلمون مقاليد السلطة – ولكن للأسف إنكم تناسيتم هؤلاء المظلومين وانتم تنعمون بكل ما تتمنون - فهذا هو سحر الكرسي الذي أنساكم وجعلكم تخذلون من انتخبكم – ولكن تأكدوا إن هذا الشعب لا يغفر لكل من يخذله – فانه ائتمنكم وحملكم هذه الأمانة والمسؤولية لتعينوه وتنتشلوه من هذه الفاقة والمأساة وإلا سوف ينقلب السحر على الساحر – ولو دامت لغيرك لما وصلت إليك - والله القادر المعين -