| الأجندة الأميركية والمستقبل المرسوم |
|
المقاله تحت باب في السياسة ليس غريبا على المتطلع للمشهد العراقي أن يعي حقيقة أبعاد الأجندة الأمريكية التي جاءت بها عند غزوها العراق – وذلك بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وتفجير الأبراج التجارية الأمريكية في نيويورك حيث إن مخطط غزو العراق ورسم الخارطة السياسية الجديدة لمنطقة الشرق الأوسط كان معدا قبل ذلك الوقت بفترة طويلة- فالعراق كان مستهدف منذ زمن بعيد وكان جدول غزو العراق مرسوم بشكل كامل داخل أروقة البيت الأبيض لدى القوى المهيمنة على القرار السياسي الأمريكي آنذاك – وحتى لا نستغرق بتفاصيل الإحداث والكيفية التي دخل بها الأمريكان إلى العراق بصفة المحررين لا الغزاة كما أشيع في بداية الأمر وكانوا يحملون بجعبتهم الحرية والديمقراطية إلى هذا الشعب المغلوب على أمره – فالذي اتضح إلى القاصي والداني إن الأمريكان لم يجلبوا إلى العراق سوى الدمار والقتل المجاني بأبشع صوره وعلى مدى الخمسة سنوات الماضية - فكلنا يعلم باْن النوايا المبيتة لدى الأمريكان كانت تصب في نقل المعركة مع الإرهاب على الساحة العراقية وجعلها مسرح للعمليات وتصفية الحسابات وكان هذا البديل الأرخص ثمن بالنسبة لهم- وهذا ما صرح به بوش الابن مرارا أمام شاشات التلفاز بعد الغزو- وها هو شعبنا العراقي يدفع ثمن هذا التحرير المزعوم وما زال الدم العراقي يراق – والى متى لا احد يعلم -- فالأمريكان وعند غزوهم العراق كان على رأس أولوياتهم تقسيم العراق إلى كيانات عرقية واثنيه لذلك عملوا وبكل إمكانياتهم المادية والاستخباراتية لإثارة الفتنة الطائفية المقيتة وتغذيتها حيث بدء مسلسل التفجيرات والتهجير ألقسري الذي عانوا منه العراقيين بكل شرائحهم الاجتماعية وبدون استثناء وهذا ما جعل العراق يغرق بالدماء والفوضى التي أطلق عليها بوش الصغير بالفوضى البناءة – وهذا ماليس بالغريب على الأمريكان وتجاربهم الدموية في تدمير الشعوب على مدى التاريخ البشري والذي يبعث الاستغراب إن أمريكا بجيوشها الجرارة لا تستطيع بسط الأمن ولو بشكل نسبي هذا ما لا يصدق – لان الأمريكان عند مجيئهم إلى يوغسلافيه القديمة أثناء الحرب الأهلية بين الصرب والكروات من جهة والبوسنيون المسلمون من جهة أخرى –أول خطوة قاموا بها هي سحب الأسلحة من القوة المتصارعة بالترغيب أو بالترهيب وبعد ذلك تمت السيطرة على الموقف وانتهت تلك الحرب الضروس بغضون فترة وجيزة – فما الفارق بين هذه الحالة وبين الذي يجري الآن داخل العراق ومنذ خمسة سنوات - هل إن الأمريكان حقيقي غير قادرين للسيطرة على الموقف آم هناك أجنده مختلفة –بالتأكيد إن الذي يخططون له في العراق مختلف تماما –وهم الذين يسهمون وبشكل مباشر باستمرار الفوضى –وإلا ماذا يعني سكوتهم عن كل الذي يصرح به من قبل المتطرفين داخل السعودية وحتى على المستوى الرسمي- وتشجيع الشباب السعودي وإرسالهم إلى العراق ليصبحوا قنابل تتفجر وتقتل الأبرياء من هذا الشعب المظلوم- وعلى مرأى الأمريكان والسعوديين- فماذا نفهم من ذلك غير إن الأمريكان لهم مصالح عليا باستمرار مثل هذه الإعمال الإجرامية وباتفاق كامل مع كل الذين لا يروق لهم استقرار العراق- كيف لا والسعودية تصدر ما يقارب العشرة ملاين برميل بالوقت الحالي وهي حصتها وجزء كبير من الحصة العراقية – فكيف للعراق أن يستقر ويصبح بلد امن يتمتع بثرواته ويتنفس اهله الصعداء- هذا ما لا يرضي أل سعود – والطرف الأمريكي أيضا هو المستفيد الأكبر سواء على الجانب المادي آو جانب الأجندة التي جاءوا بها إلى منطقة الشرق الأوسط وها هم سائرون نحو ما يخططون له وبدون التفات لأي قيم إنسانية أو حتى حيوانية -
فالمحاولات الأمريكية المستميتة والدنيئة التي قاموا بها لإشعال حرب طائفية كانت وشيكة لولا تصدي الشرفاء من امتنا العراقية إلى ذلك الوباء الذي كاد يحرق الأخضر واليابس لو شاءت الأقدار ونجحوا بذلك المخطط الخبيث- ولكن والحمد لله لقد باءت محاولاتهم بالفشل وقد أدرك شعبنا العراقي أبعاد ما كان مخطط له من قبل القابعين داخل البيت الأسود - أما الآن وبعد التهدئة التي تمت وبجهود كل الخيرين من أبناء شعبنا نرى هناك تحرك أمريكي وباتجاه معاكس لما عملت عليه الحكومة العراقية – ألا وهو أن الأمريكان وكما نعلم لديهم صلاحيات غير محدودة باتخاذ القرار وللأسف داخل الدولة العراقية وهذا ما يؤسف له ولكن هذا هو الواقع المر – فالذي يجري إن الأمريكان قاموا بإعمال غاية في الخطورة وهو تسليح جماعات بحجة مساعدتهم على طرد تنظيم القاعدة ومحاربتهم - وبدون علم الحكومة العراقية ولا موافقتها وهذه سابقة خطيرة- فأين انتم يا حكومتنا من هذه الأعمال الغير مسئولة – ألا يكفي ما دفعه شعبنا من قتل وتفجير يومي على مدى السنين المنصرمة – فما هذا التصرف الأمريكي إلا محاولة أخرى لإشاعة الفوضى وإعادة المسلسل الدموي- وما توزيع هذه الأسلحة على تلك المجاميع إلا فتيل سوف يشعل من قبل الأمريكان متى ما استدعت الحاجة إلى ذلك – ولنكن على بينه باْن القرار الذي أصدره مجلس الشيوخ الأميركي بتقسيم العراق ليس اعتباطيا – وكما قيل إنها قراءة غير واقعية للواقع العراقي بل العكس هو الصحيح وإنهم لا زالوا يراهنون على ذلك وسوف يعيدون الكرة بمحاولة تفتيت اللحمة الوطنية وإثارة النعرات الطائفية- لذلك تراهم يسلحون مجموعة هنا ومجموعة هناك- فهذه قنابل موقوتة ممكن تفجيرها بالوقت الذي به يقررون فحينها لا ينفع الندم ويصبح العراق مؤهل إلى التقسيم حسب النظرية الأمريكية – فحذاري يا أولى الألباب فالعراق أمانة في أعناقكم وها هو شعبكم يتطلع إليكم وينتظر منكم المواقف التي تنتشله من هذا الواقع المأساوي- والله ولي التوفيق - |