البصرة بين الماضي والحاضر |
المقاله تحت باب في السياسة البصرة مدينة النخيل ذات العمق التاريخي الممتد إلى عصر ما قبل التاريخ- أي إلى العصر البابلي حيث بنيت على يد – نبوخذ نصر- وسميت آنذاك – طريدون- وكانت تقع بالقرب من جبل –سنام- الذي يبعد حوالي ثلاثة عشر ميل عن مدينة الزبير حاليا—ولو عدنا إلى تاريخها المرتبط بالعصر الإسلامي- فاهي أول مدينة بناها العرب بفترة الفتوحات الإسلامية السنة الرابعة للهجرة أي سنة 635 ميلادية وقد تم بنائها على يد الخليفة عتبة بن غزوان- وكان ذلك قبل بناء مدينة الكوفة بستة أشهر- لذلك كانت هي المدرسة الأولى التي احتوت العلوم الدينية والأدبية المختلفة في بداية انبثاق عصر الدولة الإسلامية وكانت تمثل العاصمة الإقليمية لأهم ولايات الدول المتعاقبة على مدى التاريخ – فالبصرة هي المدينة التي احتضنت كل الأطياف بتنوعاتها الدينية والعرقية ومنذ القدم حيث سكنها المسيحيين- والكلدان- والسريان- والأشوريين- وكذلك الصابئة المندائيين وفيما بعد سكنها اليهود بالإضافة إلى المسلمين—وحتى الأوربيين عندما حصلت مجازر الأرمن فكانت البصرة أول من استقبل هؤلاء الهاربين من تلك المجازر وكانت لهم الملجأ الأمن بعد فرارهم من تلك الصراعات—فعاشوا أهل البصرة متآخين متحابين على مدار تلك العصور رغم ذلك الخليط الشائك- عراق مصغر- - فماضي هذه المدينة عريق بعلومه وعمرانه فكانت البصرة صورة جميلة من الفن المعماري والذوق الرفيع بالتنظيم- لما تتمتع به من موقع حيوي وملتقى اكبر نهرين دجلة والفرات الذين يلتقيان بالجانب الشمالي من المدينة – وكانت أيضا تمتاز بالأنهار التي تشق المدينة وتروي بساتينها المنتشرة حتى أصبحت الأنهار وما يحيطها جنة الله على الأرض - لان بناء البصرة العمراني يمتاز بخصوصية لا تشاركها بها أي مدينة في العالم في ذلك الوقت - فخصوصية هذه المدينة المتميزة جعلها عريقة وذات أهمية على مدى التاريخ ولغاية بداية القرن العشرين حيث لا زالت تحتفظ بتلك الجمالية المميزة- ولحين ظهور الثروة النفطية- الكارثة- لان حقيقة الأمر باْن البصرة وبعد اكتشاف النفط من المفروض أن تصبح أكثر أهمية واهتمام من قبل القائمين من الحكومات المتعاقبة على حكم العراق- ولكن وللأسف إن هذه المدينة عانة من الإهمال وعدم الاكتراث وبشكل غير معقول ولا يصدق وما السر في ذلك---- لا احد يعلم—باستثناء فترة المرحوم عبدا لكريم قاسم رحمه الله الذي ترك بصمات عمرانية وبناء الشوارع والمنتزهات لا تزال عوالمها شاخصة إلى يومنا هذا – أما فيما بعد ذلك وعلى مدى الفترات ألاحقه من الأنظمة التي تعاقبت على العراق من – عارف إلى صدام- إلى يومنا هذا لم يلتفت أحد إلى هذه المدينة وهذا الثغر الذي يحتوي على كل خيرات العراق والى هذه اللحظة لم نشاهد أي شيْ يشار إليه بالبنان ومنذ سقوط الطاغية- فها هي البصرة ما زالت تعاني من الخراب الذي أصابها بزمن النظام البائد وحروبه الغبية—وما زال أهلها يعانون من انعدام ابسط مقومات الحياة الطبيعية من ماء وكهرباء وهي مدينة النفط والأنهار- عجيب أمور غريب قضيه— حقيقة تساؤلات كثيرة وعلامات استفهام أكثر – لماذا هذه المدينة بالذات – رغم معرفتنا بباقي محافظات العراق والذي تعاني منه- ولكن وعلى ما اعتقد إن كثير من تلك المحافظات فيها حركات عمرانية لا باْس بها مقارنة مع البصرة – والبصرة بسكانها الثلاثة ملايين واحتوائها اكبر مخزون نفطي – وموانئها التي تصدر وتستورد كل ما يحتاجه العراق—فمن الإنصاف بمكان أن يكون لهذه المدينة ربع ما يحصل عليه إقليم كردستان من ميزانية سنوية وهي ما يعادل سبعة مليارات ونصف المليار دولار والبصرة تحصل على مئه وسبعون مليون دولار فقط فأي عدالة هذه يا حكومتنا الرشيدة- لا حسد على أهل كردستان وألف عافيه عليهم—لكن ألمطالبه هي عدالة التقسيم –وهذه ألبصره خرائب وأطلال متراكمة- أليس من حق هؤلاء الطيبين بحياة كريمة بمقدار الضريبة التي دفعوها لفترة ثلاثة عقود ونيف تحت ظل الطاغية المقبور الذي أذاقهم المر والحرمان – وأين انتم يا من تمثلون البصريون في البرلمان وعلى مستوى مجلس المحافظة لماذا الصمت- أم إنكم مقتنعون بالذي تحصلون عليه من امتيازات خاصة والآخرين—إلى حيث ألقت رحالها ام قشعم—فلكم الله يا أهلنا – والطيبون في الأرض يضحك عليهم— |