بصمات ٌ معلنة ٌ .. وجود ٌمبهم |
المقاله تحت باب مقالات و حوارات قد يتسلل الى خوافي الروح طارئ ٌ من التشاؤم بواقع ركيك .. وقد تصرخ بعض الحناجر ناسفة ً لغة الابداع .. وتتضخم النرجسيات المترعة بالانفجارات التي تطفح سوءا على جبين الانسانية .. ونصل ُ الى آخر رفة ضوء ٍ تبشرنا بالافول القادم .. وترحل ُ رائدة ٌ نازكة ُ المعالم ملائكية ُ الابداع .. ويغيب ُ مصل ُ قصيدتها ( الكوليرا ) لتتناهبنا الأوبئة ُ الأدبية .. قد .. وقد .. وتطول المسألة .. ويبقى العراق بلسما معطاء ً للشعر .. ورائدا لحركة ٍ تدور .. تدور .. لتسقط في كأسه وتحتفل معه بالشعر .. خصوصا الشعر النسوي العراقي .. الذي ( ولا ادري لماذا ) يمعن أغلب الشعراء باقصائه واعتباره عنصرا غير فاعل ٍ على مر ِّ العصور رغم أننا لو أغمضنا اسم أية شاعرة ٍ من ديوانها وقرأنا بتجرد لوجدنا كمية الابداع تفوق بعدا كبيرا من الشعراء الذكور .. وتساوي بعدا آخر .. ما دفعني لكتابة هذه المقدمة هو الموقف السلبي الذي تتعرض له المبدعة العراقية والشاعرة على وجه الخصوص من قبل الأنوات المتضخمة سخطا والفارغة ابداعا وهن يشكلن بتراتيل وجودهن وقصائدهن حركة الشعر .. فمن منا يستطيع انكار وجود شاعرات عراقيات مبدعات مازلن معنا دائما يخططن بفرشاتهن لوحة النعومة المفرطة .. والبسمة الآملة .. ففليحة حسن ونجاة عبد الله وريم قيس كبة وداليا رياض والمجموعة الاخرى من الشاعرات سمرقند غلام ورنا جعفر وباسمة الحسيني وعلياء المالكي .. يشكلن ظاهرة صحة ونبوغ مجتمع عانى كل شيء لكن نساءه اثبتن روعة ابداعهن .. اسوق ما كتبت لأدخل الى عوالم مجموعة شعرية صدرت أخيرا للشاعرة سمرقند غلام محاولا مواكبة ما خفي عنها من بوح .. صانعا رؤية ً خاصة ً قد لا تعدو الانطباع المشوب بأكاليل الأكاديمية القريبة من الروح .. فـ ( بصمات قلب ) وهو عنوان هذه المجموعة التي تطل علينا بـ ( 180 ) من صفحات القطع المتوسط و ( 37 ) قصيدة ً بين مقطعة وطويلة .. تلج ُ أروقة الهم الانساني منذ الاهداء التائه الموجه للتائهين ببوصلته الارضية .. الى أدق تفاصيل القصائد التي حملت وحدة موضعية ترتبت وفق ذاتية واحدة .. تنهض ُ فيها المرأة ُ العاشقة بطلة ً لثورتها وانكسارها ورغبتها وعنفوان خجلها الى النهاية .. ولم أجد قصيدة ً واحدة تخرج من إطار هذه الذاتية العاشقة .. وهو ما يحسب للنص على اعتبار المجموعة نصا واحدا مجموعا في كتاب واحد وإن فصلت العنوانات الصغيرة رؤوس أصابعه لتكوين قصائد .. ولعل َّ أبرز ما يميز هذه المجموعة هو الفتوة المباشرة في اظهار الحب .. من قبل فتاة شرقية لم تمل لكسر القواعد من باب المخالفة إنما أضاءت تجربتها الانسانية بالصدق الواقعي المحمل بالفنية العالية :
أتحجج بالبرد لأرتدي أصابعك .. كتحججك بالمرض لأجس َّ جبينك .. ( من قصيدة بعيدا عنهم )
والميزة الثانية التي تغمر معها المجموعة .. هي الروح المنهجية والتي وإن سقطت في التراتبية إلا أنها دلـّت بقوة على سعة ادارة واسعة لمبدعة أشارت بأنها لا تجيد الشعر فحسب بل أنها منطلقة من مناطق ابداعية وضروب أخرى .. فقد استثمرت الشاعرة روح القصة القصيرة وأركانها المتينة في بث الروح القصصية في تفاصيل قصيدة النثر .. :
كتبت في كفي حرف السين كي لا انسى زفاف الصديقة خمسة اعباء في يوم واحد ما اسرع لفات الساعة تصادم حافلتين ( استرنا يارب ) ( من قصيدة شتات )
إلا أن روعة المجموعة أراها تتجلى واضحة ً وتشي بقدرة مبدعه في النصوص القصيرو في المجموعة التي شملت التكثيف الواسع والمفارقة وحسن ادارة توجيه الوخزات الشعرية في حبكة منتظمة :
عندما يضيع درهمي في البالوعة لن ابحث عنه .. فانا لا اريد ان آكل شطيرتي بدرهم قذر ( مقاطع ) لقد حملت ُ عمري على اصبع واحد فكيف اعجز عن حمل تفاحتين في يد واحدة ! ( قصائد قصيرة )
ولا شك أن الشاعرة سقطت – وهي تعتمد قصيدة النثر في المجموعة – في فخاخ الوزن الشعري وهو مما لا يحسب لها , واعزو ذلك لتشبث الوزن في تربيتها السماعية .. وكان لها أن تجعل قصيدتها خالصة للوزن أو النثر لكن ربما خانها الانتباه في النسج الشعري وشدتها المفردة وانشغالها بالصورة ويظهر ذلك مثلا في قصيدة ( الصورة ) و قصيدة ( كرسي ) ..
في المجموعة آفاق واسعة للتأمل لكن سأكتفي بالإشارة الى أن الشعر يعبر عن الشاعرة بدقة حتى صارت بصماتها أكثر دقة من الوجود الذي طالما كان مبهما .. والصدى أبلغ ُ من الصوت المقموع في تفاصيل بشرية ناعمة .. انها مغامرة ٌ شيقة ٌ فاضت به قراءة مجموعة بصمات قلب .. وما فعلته هو أني سكبت ُ تصوراتي البسيطة على أرض الاوراق .. منطلقا من باب المثقف النقدي .. ربما سأجد مخارج لأبواب جديدة في غضون هذا النص وربما ستجدون أنتم .. لنغامر إذن مادامت الأبواب مشرعة . |