عتاب متأخر |
المقاله تحت باب في السياسة قبل مناقشة اسباب وخلفيات وتأثيرات قرار السيد مقتدى الصدر بالإنسحاب من كتلة ائتلاف الاكثرية البرلمانية ينبغي التوقف عند السؤال التفصيلي التالي: ما الذي يضطر الصحافة العراقية والكتاب السياسيين العراقيين الى مناقشة هذا القرار بحذر، وادخار في الصراحة كما يحصل، عادة، في التصدي للتطورات الموصولة بالهيكلية السياسية للراهن العراقي؟ وما الذي يمنع اصحاب الكلمة والتعليق والتحليل من ابداء ارائهم باداء التيار الصدري، نقدا او تصويبا، باستفاضة وحرية وجرأة؟. وجاهة هذا العتاب المتأخر تنطلق مما يلاحظه المتابع من شحة ما كتب واذيع عبر الاقنية العراقية عن الخطوة الصدرية، وازدحام الكتابات والتصريحات السياسية بالغموض وتطييب الخواطر او الاعجاب المفرط او النقد العابر، كما لو ان المعقبين العراقيين على هذا الحدث يبتلعون نصف الكلام ليتركوا قراءهم ومستمعيهم، في نهاية الامر، في حيرة مما يعنيه هذا القرار وما يترتب عليه، وقد تضطر الملايين الى التوجه نحو اقنية اعلامية خارجية ومحللين اجانب للحصول على اجابات شافية على هذا الحدث وعلى خلفياته ومدياته. علما بان خطوة التيار الصدري بالطلاق المصمَّم من شركائه الذين جاءوا معه الى موقع الاكثرية البرلمانية بمباركة وزخم وفضل المرجعية الدينية العليا لم تعد شأنا يعني التيار الصدري وحده بل تعني جميع الذين تشغلهم لوازم الاستقرار ومصائر العملية السياسية في العراق، إذ وُضعت كتلة الائتلاف التي تقود الحكومة في مهب الريح بما يفتح الوضع السياسي والعسكري في العراق على احتمالات بلا سقوف. على ان الخطوة الصدرية، إذ دخلت في دورة اقدار ومصائر المستقبل العراقي فانها صارت عنوانا حرا غير مسكوت عن نقده، ولا ممنوع عن المناقشة وعن تأشيرات الخطأ والصواب. التعريض والترحيب. التبشيع والتلميع، بما يتجاوز محاولات اضفاء القدسية والالمعية على مصادره، شأن اي خطوة تقدُم عليها فئة من الفئات العراقية. واحسب ان الاسباب التي قيلت عن دواعي تلك الخطوة ما خص اعتلالات الحكومة وفشل الائتلاف في ضبط مساراتها ليس سوى تبرير شكلي لدواعي القرار التي هي ابعد من ذلك بكثير إذا ما تذكرنا بان التيار الصدري استبعد تماما سعيه الى اسقاط حكومة نوري المالكي او الدخول في تحالف سياسي يتجه الى وضع برنامج وهياكل بديلة عن العملية السياسية على الرغم مما نشر عن اتصالات بين الصدريين وحزب الفضيلة وجبهة التوافق والقائمة العراقية، وما لم ينشر عن تنسيق مع “حركة” الدكتور ابراهيم الجعفري وبعض اطراف حزب الدعوة. فثمة، في رأيي، اسباب غير معلنة، مطلوب التأمل فيها بجدية، وهي موصولة بقراءة التيار الصدري لاتجاه الاحداث في المستقبل القريب(حرب امريكية ايرانية. انسحاب امريكي مفاجئ. تمسك الائتلاف بالفيدرالية. تمشية قانون النفظ..الخ) ما يسمح له بالتحلل من قيود الشراكة والتضامن في اطار الاكثرية البرلمانية، ويجعله اكثر انسجاما مع نفسه ومرجعيته وتحالفاته السياسية في معارضة الحكم والوجود العسكري الامريكي، والاداء المعلن يوميا: التشهير بالاول والقتال ضد الثاني. اقول، ما احوجنا الى الجرأة في كشف دوافع ودلالات الخطوة الصدرية، بعد ان خرجت من اقدام اصحابها لتصبح في مرمانا جميعا. ــــــــــــــــــــ .. وكلام مفيد ــــــــــــــــــــ “كل العيون تحتوي على الماء، لكن ليس كل ماء العيون صالح للشرب”. مثل كردي (من كتاب-الاقوال الماثورة- خالد محمد خال) |