العراق نحو خطوة الإلف ميل |
المقاله تحت باب في السياسة ليس من الصعب على كل متطلع للإحداث المتلاحقة في الداخل العراقي إن يشاهد الأوضاع بشكلها العام مدعاة إلى القلق والخوف ولو بالمنظار القريب الذي يراه كثيرا من المراقبين للشأن العراقي---من هنا يمكننا القول لكل من يرى ذلك المشهد إن ينظر بعين ثاقبة كي يستشف إن حقيقة ما يحدث يشبه من حيث الشكل تجارب أخرى عاشتها بلدان سبقتنا بالانعتاق من أنظمة مستبدة إذاقتها أبشع أنواع التسلط والدكتاتورية –من هنا يتبين لنا إن الذي يجري الآن في العراق ما هو إلا نتاج طبيعي إلى ما آلة إليه الحرب الأخيرة من هدم لكل ما هو قائم في مفاصل الدولة العراقية من نظام وهيكليه لكل وزارات تلك الدولة رغم الهشاشة التي كانت أصلا تعاني منها تلك الوزارات تحت ظل سلطة الفرد الواحد والذي اجتزأ العراق من كل ما هو مرتبط بمسيرة البشرية وركبها السائر نحو المدنية والتحضر والعلم--------------------------- لذا لو عدنا قليل إلى الوراء وعند سقوط ذلك النظام وفي السنة الأولى كانت الأوضاع تميل إلى الهدوء النسبي لو قورنت بما حدث فيما بعد ورغم الذي شاهدناه في بادئ الأمر من سرقات وتخريب لكل دوائر الدولة وذلك لشعور ألغالبيه العظمى باللامبالاة وعدم الحرص على ما هو حكومي على اعتبار إن كل ما يعود إلى الحكومة هو ملك لها وليس للشعب مما أدى بالنهاية إلى التصور الخاطئ من الكثيرين الذين مارسوا تلك الإعمال تحت مفهوم إن ما يأخذونه ما هو إلا حق مسترجع من حقوقهم التي سلبت على يد عصابة تسلطت على مقاليد الحكم واستولت على كل ما هو عائدا لهم---بعد ذلك وبعد مرور فترة وجيزة على سقوط الطاغية ظهرت على الساحة العراقية كتل وأحزاب لا تحصى منها الديني والعلماني وذلك كان أيضا من إفرازات المرحلة التي رزح بها الشعب العراقي تحت وطأة الحكم الواحد المستبد –ناهيك عن الحدود التي فتحت على مصراعيها بعد السقوط وبلا أدنى رقابة حكوميه لافتقار الدولة إلى الأجهزة الأمنية والجيش اللذان أصلا حلى بعد السقوط------- كلنا يعرف بالذي حدث وما زال مستمرا من المفخخات والتفجير العشوائي والذبح على الهوية وبعد دخول تلك المجاميع التكفيرية والإرهابية التي عاثت بالأرض فساد دون أي رادع ماديا كان أو معنوي- وكانوا تحت مسميات لا نهاية لها وبحجة محاربة الأمريكان كما يدعون وهذه العكاز الذي يبرر من خلاله القتل والتفجير والذبح لكل العراقيين وبلا استثناء وبأفكار تكفيرية لا تمت بأي دين سماوي أو مفهوم أنساني بصلة—والنوايا كانت لأتخفى على من يدرك الأمور ولو بشكل بسيط—أنهم كانوا يرمون من وراء ذلك زرع النعرات الطائفية المقيتة في الجسد العراقي الواحد وهذا ما لا يفلحوا به رغم انجرار البعض من لا يدرك حقيقة الذي يحدث- ولكن سرعان ما أدرك غالبية العراقيين النوايه التي جاءوا بها هؤلاء الدخلاء على مجتمعنا العراقي --- ورب ضارة نافعة بالرغم من الخسائر التي دفعها شعبنا الأبي حيث جاء الرد العراقي الأصيل وانبثق ذلك الصوت المدوي ليقول للعالم ها نحن عراقيون—ها نحن التاريخ الذي لا يمكن لأي قوة في الكون التأثير عليه وعلى هذا التراكم الحضاري الضارب في عمق التاريخ البشري---العراق بلد الأنبياء والأوصياء حيث الإنسان الأول والحضارة الأولى التي علمت الدنيا كتابة أول حرف وقراءته--------- فلا خوف على العراق بعد كل هذا المخاض العسير والدامي وها هي الولادة التي أنجبت لنا فهم جديد لمعاني الوطن والانتماء وقبرت تلك الفتنه اللعينة التي كادت تحرق الأخضر واليابس لولا تصدي الشرفاء في امتنا العراقية---نعم ألان نستطيع إن نقول ها هو الصوت العراقي الناصع الذي لا تشوبه معاني الطائفية والعرقية أو القومية والمذهبية الضيقة-وها هو الانتماء إلى العراق أولا أصبح الصوت الأعلى في الشارع العراقي وهذا ما يبشر بالخير بغض النظر عن تلك الأصوات النشاز من القلة الضالة التي تبحث عن مصالحها ألضيقه التي لا تتعدى كونها مصالح لا تخدم سوى المتربصين للنيل من التجربة العراقية—لذا فكل ذلك زائل وسوف يبقى العراق الذي أنعتق من اعتى الفترات ظلمة في تاريخه وخلال أكثر من ثلاثة عقود من الزمن الضائع ضاق الإنسان العراقي بها ذرعا ولكنها فرجت وها هو العراق على خطوة الإلف ميل التي بدأت انشاءالله –لنتفاءل قليلا وكما يقال تفاءلوا بالخير تجدوه - |