مرثية أولى لأخي علي .. |
المقاله تحت باب نصوص شعرية نفقت آخرُ قصائدي فجأة
سأعاود تربية َ الكلمات ِ
في حظيرة المختلى بهم
في نهر جاسم * .. وقاطع الفاو *
مزحة ً كانتْ
تلك الأيام ُ التي قـُتل منا فيها نصفُ مليون
ويُـتّم فيها ما لا يستطيع الربُّ عدَّه من الأطفال
ومزحة ً كانتْ
حين رفعنا عن دشاديشنا للموت
واستقبلنا الرصاصاتِ بمؤخراتٍ لم ينصفها المؤرخون
ثم دلقنا ألسنتَنا معيّبين على الموت
، هممممممممممممممم وبالبصاق النازل أيضا ،
هجومَه المخنث ذاك
وركضنا باحثين عن نخلةٍ تخبئنا
لكنها كانت قتلتْ قبلنا
ولم يعد لظلها من وجود
وحين اصطفتْ سياراتُ الأجرة ( تاكسي )
بيضاءَ وبرتقالية ً
رفرفتْ أعلامُ الجوع ِ والخوفِ والقمع على سقوفها
كان البصطال ضيقا جدا
ولذلك مات عليٌ حافيا
وكانت بدلتُه العسكرية ُ عريضة ً جدا
ولذا ..
لعبتِ الشظايا بخاصرته
وتدثرتْ على بعد آيةٍ من سورة عبس وتولى
جنوبَ صرته ِ
كان طيبا
ولذلك أخذه اللهُ
الذي أحب أن يرى احتراق تلك العجوز
ذلك الجدار المهدوم الذي أدعوه أمي
ويدعونه ثكلى
ويسميه الله آخر العمر
ما أرذلها من خاتمة
كان لا يعرفُ كيف يستخدم البندقية َ
أخذوه من معهد إعداد المعلمين لأنه لم يكن بعثيا
قال عنه البعثي الخنزير كاظم ذياب في تقريره للمعهد
عليّ ابن ملا عبد الصاحب
شابٌ جيد ٌ ..
ورياضي جيد ..
ولم يُعرف عنه سوى الأشياء الجيدة
ولكنه ليس بعثيا جيدا
وأخوانه شيوعيون
كان تقريرا يكفي لفصل النجوم عن السماء
لو وقع بيد الخنازير أن يفعلوها
تقريرا يكفي لأغلاق المعهد كله
ولذلك طردوه
ورموه إلى فم السعالي والحيتان في قاطع البصرة
علي ٌ ...
كان مفردا
ولذلك أختطفه الله بأيام زوجية
8 ـ 8 ـ 1988
آخر يوم ٍ في الحرب
آخر صباح
آخر ساعات سنوات ثمان عذبنا الله فيها بلا أدنى حق
آخر خطابات العاهر ورب العاهرات
آخر صوت للطبول
آخر قافلة من الموتى
آخر أيام سعادتي
آخر يوم بعمر علي
آخر يوم لي بحب هذه الحياة
من أجل هذا
أنا لا أحب الوطن
عليٌ ....
كان طويلا ..
هل أخبرتكم أنه كان مدافعا في فريق قلعة سكر لكرة القدم
ولذلك رآه الإيرانيون فقصفوه
علي ..
يحب أن يضع على شعره زيتا
لم يكن يعرف أن الزيت سيجعلنه ينزلق من بين أيدينا
كان يحب عبد الحليم حافظ
ولكن صوت عبد الباسط عبد الصمد انتصر في النهاية
ما أشد ذلك النهار
ما أثقله
رن الهاتف الأسود
ألوووووووووو
نعممممممممم
بيت ملا عبد الصاحب
يا ستار ..
إيْ ..
هل علي ٌ ولدكم
جندي في اللواء 21 مشاة
قلتُ ..
أما عن علي فهو ولدنا ..
وأما عن اللواء فلا نعرف عنه شيئا
من معي ؟
سألتُ ..
مركز شرطة قلعة سكر ..
تعالوا لتستلموا عليا .. لقد قتلَ
لم أكن أعرف الألمانية حينها
لصحت .. ششششششششايزززززززززة *
بكل ما أوتيت من كره
لا ربّ لهذه الدنيا كي يقيم فيها العدل
ولا سماءَ فوقنا نظن فيها الرحمة
الذي فوقنا قدرٌ يغلي بدمنا
الذي فوقنا لن يريحنا أبدا
كتبَ على صخور أرحام أمهاتنا :
دعوهم يعذبون ..
لا تبخلوا عليهم بالموت
ولا تأخذنكم بهم رحمة
إنهم سريعو النسيان
ولهم قلوب طيبة
لكنها قلوب بغال
الآن ..
بامكانكم العودة إلى ثلاجات الطب العدلي
وسترون بلا أدنى شك بعضا من أشلائنا هناك
ستجدون عليا منتفخ البطن
ستجدون ألف علي بلا رأس
وألف أم لا تعرف أين ذهب عليٌ
ولماذا ضاع
وحين يصعد دخان الأمونيا
فاعلموا أن نصا نثريا قد صعد إلى الله
علي .. حبيبي
أريد أن أراك ..
..........................................
علي ..أخي الذي يكبرني بعامين .. قتل في اليوم الذي أعلن فيه وقف لأطلاق الموت في حرب السنوات الثمان بين صدام وإيران .. بتاريخ 8 ـ 8 ـ 1988
* نهر جاسم وقاطع الفاو في البصرة غرقا بدماء الأقمار من شبابنا في الحرب الصدامية الإيرانية ..
* شايزة .. خراء بالألمانية .. يستخدمها الألمان وقت القهر وما أقل قهرهم .. |