رسالة مستعجلة الى العزيزة سوريا |
المقاله تحت باب في السياسة كان يفترض ان تخرج هذه الرسالة الى النور كما يدل عنوانها بصورة مستعجلة فور إفاقتي من الصدمة التي دفعني اليها سماع الخبر . و كانت صدمتي كبيرة لا بسبب طبيعة الخبر فقط و لكن لأن أحد وكلاء الاحتلال في العراق هو الذي أعلن الخبر , فباسم من كان يتحدث ؟ و كيف جاز له ان يتحدث نيابة عن دولة ناصبها العداء و لم يكن ينفك عن ترديد اتهامات سيده لها ؟ و لعل ذلك العداء يفسر طريقة إعلان الخبر مع مسحة من الفخر و بعض الشماتة ,هل كانت الشماتة بالعراقيين ؟ أو بشعور النصر على التوجه العروبي الذي نذر و أسياده أنفسهم لمحاربته. بعد زوال الصدمة انتظرت أن أسمع شيئا عن الخبر , القرار , نفيا أو إثباتا من الجهة صاحبة القرار مع مبرراته إن كان صحيحا قبل ان اعلق عليه لئلا يكون الخبر فصلا من فصول الحرب النفسية التي يجيد لعبها الاحتلال و فرسانه , لكن الأيام مرت و إخواننا في سوريا صامتون , و السكوت في معرض الحاجة بيان !! اذاٌ فالقرار صحيح و لا عبرة في ان يكون من أعلنه وكلاء الاحتلال في بغداد نيابة عن صاحب القرار و على العراقيين ان يتحملوا النتائج , و قد قيل ان القرار قد حدد بعض الفئات المشمولة به و هي الفئات التي ما زالت تستهدفها عصابات القتل سواء من المليشيات العلنية أو التي منحها وكلاء الاحتلال الملابس الرسمية طيلة السنوات التي امتدت منذ بدء الاحتلال , فعليهم أن يبقوا مكانهم بعد أن نجح وكلاء الاحتلال في إغلاق آخر باب ينفذ منها المطلوبون للقتل و على الذين استطاعوا الخروج أن يعودوا الى الأقفاص التي أقامها وكلاء الاحتلال لتسهيل صيدهم و الخلاص منهم في لعبة التطهير التي يمارسها الاحتلال و وكلاؤه . الصدمة الأكبر كانت في توقيت إذاعة الخبر, و لا بد هنا أن نعود قليلا الى الوراء , الى السنوات التي سبقت حملة بذر ( الديموقراطية ) التي جاءت حصيلتها هذه العصابات و فرق الموت . فقد اعتاد العراقيون الذين شردتهم ممارسات النظام حينئذ أن يتوقعوا الشر و سوء المعاملة في البلدان التي تشردوا فيها كلما زار أحد ( المناضلين ) تلك البلاد, و لما كان وكلاء الاحتلال قد ورثوا جميع الممارسات القمعية و الشاذة و أجادوا تطبيقها بكفاءة نادرة فقد صار المشردون العراقيون في كافة أقطار الشتات يمسكون قلوبهم و يتوقعون الشر و سوء المعاملة كلما زارها وكلاء الاحتلال على اختلاف تسمياتهم و اختلاف المستويات التي زرعتهم فيها سلطة الاحتلال, و لم تخيب جميع تلك البلدان رغبات وكلاء الاحتلال و آمالهم فكانت عند ( حسن ظنهم ) بعد كل زيارة و كانت مخاوف المشردين تتحقق بأسوأ مما توقعوا , و هذا مبعث الصدمة الكبرى , و لست أقول خيبة الأمل , التي نحسها جميعا حين نرى هذا القرار يصدر فور انتهاء زيارة كبير وكلاء الاحتلال لسوريا الصمود و الجهاد . إن من حق كل دول العالم أن تمارس السيادة في أراضيها على وفق عقيدتها و مصلحة شعبها , و لا اعتراض لأحد على أي إجراء تتخذه في هذا الشأن , لكن سوريا تؤمن بوحدة الأمة العربية و حق الشعب العربي في الحياة الحرة الكريمة في أرضه لا تحده في هذا الحق حدود , و قد كان أبناء سوريا السباقين طيلة أكثر من قرن في الدعوة الى الوحدة العربية والعمل على تحقيقها و مقاومة الاستعمار في كل اقطار الوطن العربي الكبير, و كانت مواقفها تجاه ما أصاب العراق من عدوان و تدمير تجسيدا لكل ذلك الإيمان طيلة كل تلك العقود, و ما زلنا ننتظر منها المزيد. كلمة مخلصة نقولها لأخواننا في سورية : لا تشمتوا بنا , و بكم , أعداء العروبة . |