مأزق التوافق |
المقاله تحت باب في السياسة تحدثنا قبل اسبوع في مقال سابق لنا تحت عنوان ( الانسحاب مأزق للتوافق وليس للحكومة ) الذي حقق أبعادا ايجابية في الوسط السياسي الرسمي والشعبي العراقي عن ابعاد المأزق السياسي الذي القت به قيادات جبهة التوافق نفسها من خلال الأنسحاب من الحكومة والذي يبدو لي على انه كان مخطط لها وبجدارة بل كان هناك عوامل دفع في ذلك الاتجاه فأكلوا الجماعة الطعم الذي كان ظاهرا جدا بسذاجتهم المعهودة ودخلوا الفخ بأرجلهم ولم يبك عليهم احد بل بكوا على انفسهم بأنفسهم . تنازلات بدل المكاسب: والأن وبدل ان تحصل التوافق على بعض ما اعلنته مما تسمية هي مطالب لكي تعود ، قيل لها يجب عليك ان تقدمي تنازلات لكي تعودي ؟؟؟ فتحول طمعها بالمكاسب الى حقيقية تنازلات للعودة للوزارة وإلا فإن البديل الأقوى موجود ، البديل الذي يحكم الشارع ويسيطر على الأرض والذي ابدى استعداده مباشرة ورشح 15 اسما لكي يتم اختيار ثلاثة وزراء منهم فقط وهذا ما لم تفعله التوافق اثناء ترشيح اسماء الوزراء حيث كانت تعاني من شحة بالاسماء والشخصيات المقبولة ومع هذا التطور اللافت كان لابد للتوافق ان تحرك ساكنا ما او تقوم بشيء ما من اجل اسدال الستائر لتغطية النكسة الكبرى التي احاطت بهم ومن كل الجوانب ، طبعا هذه النكسة لايمكن لعامي بسيط ان يستنتجها بسهولة ولكنها بالنسبة للسياسي واضحة كرابعة الشمس في النهار فالملوك والزعماء العرب والشخصيات السياسية والثقافية العربية تشاهد ذلك وبوضوح تام من ان الجماعة لم يثبتوا قدرا كبيرا من البراعة السياسية فالإنسحاب هو الوجة السلبي للتحرك وهو دليل عجز سياسي وعدم المقدرة على مجاراة الآخر سياسيا وأغلب ظني على ان اجهزة المخابرات العربية الداعمة للتوافق وبعد هذا الفشل الذريع ستبدأ بالحث عن بديل سياسي آخر يكون اكثر مقدرة ومرونة على الحراك السياسي كممثل للسنة في العراق بالخصوص بعد حركات ورسائل الشطارة التي تبثها جبهة انقاذ الانبار وصحوة عشائرة التعاون مقابل المالكي: فالمالكي المحترف تركهم بغيضهم وركب طائرته متوجها الى انقرة في استقبال بهيج وهو يوقع الاتفاقيات والتفاهمات مع الزعماء الاتراك ثم طار الى طهران التي احتفت به بصورة المبالغة في واحدة من انجح الزيارات الرسمية خلال السنوات القليلة الماضية بالخصوص في تجليات الملف الأمني ومسار ( أمريكا ـ طهران ) الذي ازعج السعودية وحلفاؤها بل اربكهم سياسيا في خطوة لم تكن متوقعة من ايران على الاطلاق ، التي رفعت شعار التعاون مع امريكا مقابل دعم حكومة المالكي بالضد من شعار السعودية التعاون مع امريكا مقابل اسقاط المالكي ، ثم عاد الى بغداد كالطاووس مصطحبا معه دعما اقليميا هائلا لحكومته يتمثل بانقرة وطهران والاكراد معهم باعتبار ان زيارته لانقرة كان هدفها هو سحب فتيل التوتر على حدود كردستان وكانت اشبه بالوساطة بين الكورد والاتراك مما خفف عنهم ابعاد الأزمة فعاد بتأييدهم ودعمهم هذا مع رفض المالكي لثلاث دعوات وجهة له من قبل السعودية خلال الاشهر الماضية كما أكدت بعض المصادر الخاصة لنا. الضربة التي لا تميت تقوي: داخليا لازال رجل العراق القوي الحكيم الذي يمثل عمود الخيمة التي تتكأ عليها العملية السياسية والحكومة العراقية يدفع بها إلى الصدارة رافضا اي مساس بالحكومة وبمسار العملية السياسية متزامنا هذا مع التحالف الكردستاني بشقية الطالباني البارزاني الذي يمثل الرافعة الاخرى للحكومة ويدفع بها الى الإمام كذلك هذا كله مرتبطا بالدعم الامريكي للعملية السياسية التي تسيرها حكومة المالكي الذي اكسبته الانسحابات الكثيرة والمتعددة احتراما امريكيا متزايدا باعتبار انه استطاع ان يتجاوزها بكل قوة وتحدي مستندا ومتكأ على روافعة الحكيمية ـ الكوردية ( فالضربة التي لا تميت تقوي ) هذا المسار الذي لم يكن لجبهة التوافق يد طولى به بل كانت على الهامش ليس لأنها مهمشة كما تدعي ولكن لانها تفتقر الى الخبرة السياسية اللازمة التي تؤهلها للعب دور سياسي مؤثر يمكن ان يجد له مكان في المعادلة التي اشرت اليها اعلاه التراجع السعودي: في خضم هذه الاحداث كان لابد للتوافق من ان تقوم بعمل ما على اقل التقادير امام جماهيرها التي انتخبتها او على اقل التقادير امام اجهزة المخابرات التي تدعمها سياسيا وماليا ومعنويا وتسليحيا لكي تذكر بنفسها وبدورها وباعتبار انها لا تستطيع ان تقوم باي دور سياسي معين ولا سيما بعد ان لم تحقق السيارات الأربعة المفخخة التوافقية التي ضربت حي الكرادة الشيعي بعد اعلان جبهة التوافق انسحابها اي جديد ونجاح خطة امن الزيارة المليونية الكاظمية والتكتيكات الجديدة التي اتبعتها الاجهزة الأمنية مصحوبا بالاجهزة الجديدة التي بدأت تأتي أؤكلها هذا متسقا مع خط الوفود السياسية الجمهورية والديمقراطية بالخصوص والتي بدأت تتناقل عنها وسائل الاعلام الامريكية تراجعها ودعمها لخطة بوش بعد التغييرات الاخيرة الحاصلة في ارض العمليات العسكرية في المنطقة الغربية مضافا الى انحسار التأثير السعودي وتراجعة بعد الحملة الأمريكية الشرسة على السعودية خلال الشهر الماضي كل هذا لم يبق امام التوافق إلا توسلات واستجداءات من خلال رسائل يبعثها الضاري او يلقيها الدليمي . رسائل العجز: فرسالة الضاري الى بوش هي نوع من انواع الديماغوجية السياسية وإلا في الوقت الذي يتفق فيه الجمهوريين والديمقراطيين على دعم المالكي يأتي من يقول لهم ابعدوا المالكي وسلموا السلطة لعسكري سني كما يوحي نص الرسالة وسنتعاون معكم ، هنا يخيل لي ان البيت الأبيض مبهوربذكاء الضاري المتأخر جدا ، اما توسلات واستجداء الدليمي في رسالته التي عنونها من ارض الاحتلاليين الى السنة العرب فهي آخر سهام جعبة الدليمي بعد ان عجز حتى في أن يؤثر بمواطن عراقي واحد لكي يؤثر بعملية صنع قرار او بسياسي عراقي رفيع المستوى لكي يؤثر على العملية السياسية برمتها وهو يعلم انه تحول الى بوق شتائم يعمل بأمرة الهاشمي متى ارد النفخ به على الآخرين . رسالتي الضاري والدليمي وتوسلاتهم واستجداءهم واستدرارهم للعطف الامريكي والطائفي هو اوضح دليل على حالة الوهن والضعف التي تعصف بجبهة التوافق وبخط واضح من السياسيين الذين كانوا بالأمس كافاعي غابات الآمازون التي تلتهم البشر وتقطع اجسادهم بلف جسدها حول جذوع الاشجار العملاقة فيما عادو اليوم كالفئران المذعورة في المختبرات الطبية حيث لم يجد هؤلاء امام داعميهم إلا الرسائل التي اصبحت اليوم ماركة مسجلة بأسم الضاري والتوافق معرفة الحقيقة: واخيرا فلم تنفعكم القاعدة ولم تنفعكم عمليات قطع الرؤوس ولم تنفعكم عمليات الاختطاف ولم تنقعكم السيارات المفخخة ولم تنفعكم الانسحابات ولم تنفعكم رسائل الحقد الطائفي او رسائل الاستجداء السياسي ولم تنفعكم المناشدات ، ولم ينفعكم العرب ، إنما ينفعكم شيء واحد فقط وهو معرفة الحقيقة وهي ان الأمس ليس كاليوم ، واليوم ليس كالغد ، ينفعكم الحوار المبني على اسس التفاهم والعيش المشترك مع الآخرين ونسيان التسييد في الماضي والقبول بحق المواطنة والاذعان لحق الآخر في السلطة والحكم وتقاسم السلطة حسب النسبة والكثافة وإلا فأنظروا كيف كنتم قبل سنتين وكيف اصبحتم اليوم ، وكيف ستصبحون غدا أو بعده . |