المقاله تحت باب نصوص شعرية في
05/01/2015 06:00 AM GMT
فنجانٌ آخرُ ؟..
أدري . قهوتنا كادت .. لكنَّ الليل على أولّهِ.. هل كُنّا أطفالاً يوماً ؟ أعني مُذ كُنّا أصغرَ ، والليل طويل , يكفي للأحلامِ . الليل الآن – كما الفلمُ الهنديّ – طويلٌ جداً ونحيفٌ جداً ! , كُنّا نذهب للفلم الهندي , لأجل التبريد !.. وكُنّا نذهب للأفلامِ الأمريكية حتى في الحرِّ ! الأفلام الأمريكية تكذب أجملَ مِمّا نصدق نحنُ الشرقيين !... أنا أعني حتى الأحلامُ – ومازالت بالأبيضِ والأسود - , لا أحلامَ ملونةٌ . تدرين لماذا ؟ .. الألوان كما قال مُعلمنا أستاذ الرسم : الألوان يُحدّدها مقدار الضوءِ , الأجفانُ مُغلّغةٌ في النومِ , إذاً . لا ضوء . إذاً لا لون .. الأحلام ستبقى بالأسود والأبيض . تدرينَ ؟ القهوةُ تظهرُ واضحةً في الأحلامِ ، فما دامت سوداء وتُعطى في المأتمِ مجاناً !.. تدرين ؟. أتى يومٌ , صرنا نحلمُ حتى بالقهوةِ , نحنُ البصريين , بْسَنةِ التسعينَ ، الكيلو – لاكذبني الله – الكيلو غيرُ المطحونِ .. نسيتُ السِعرَ ..! ذهبتُ بعيداً !.. فلنرجِع للأحلام , الاكفانُ كذلِكَ واضحةٌ في الاحلامِ , الأكفانُ بِلا لون ، ليست خضراء ولا صفراء وحتى – سُبحان الله- خدود بنات المدرسةِ الحلواتِ , التفاح بِلا لونٍ في الأحلام ،الرُمّانُ .. انتبهي ! في سنة ثمانين –عساها ما عادت !- كُلّ الأشياء غدت في لونين : الأحمرِ والأسود.. جُرح ابن أختي احمرُ ... أختي تتباهى قُدّامي : - أنظر ! (ثائر) في طُولك , باسم الله عليك !.. وثائرُ لم يسمع صوت القصف الاول , كان يُغنّي !.. في الليل حلُمت بثائرَ . كان قميص ابن أختي أزرق , حتى في الحُلم . وسُبحان الله ابن أختي في الحلم تزوّج من بنت الجيران , وكانت عيناها خضراوين . أنا أعني . حتى في الحلم . ولكنّ أختي – حتى في الزّفة – كانت بالأسود !.. فنجانٌ آخر ؟.. أدري . قهوتنا في العلبة ما عادت تكفي . في الصبح سأذهب للبقال ... انا عمري سبعون الآن . انا اعني سبعينَ وعامين تماماً .. وأنا .- مذ عمري عشرون- حلُمتُ بسوق في العشار بتسعة ادوار (والعاشر للسّيارات) .. أنا بطران أحياناً في أحلامي !.. حتى (العاجل) في التلفزيون :- (( افتُتِحتْ مُنذُ قليل أوبرا الفارابي بالعشّار , ومدرسة الباليه , بحيّ الجمعيات .. و سبّاحاتُ البصرة فزن على سباحات مدينة (برلين) .. البرلينيّات تعجبنّ من المسبح في (باب سليمان ) ... المنتخب الوطني ّ العاشر في تصنيف ( الفيفا ) . فلمان عراقيان , من الموصل والحلة , في (الأوسكار ) .. رئيس الوزراء يزور الأستاذ (فلاناً ..) في شقته في حيّ الأدباء ، يهنّئه بالترشيح إلى (النوبلَ) !.. فنجانٌ آخرُ ؟.. لا . بل كأس نبيذٍ أحمرَ . تدرين ؟ القهوة صارت تؤذيني . بالأمس شربت القهوةَ مرات ٍ , كان المترو أسرع ممّا خمّنت , وصلت الى المقهى قبل الأصحاب ... هناك تفاجأت , رأيت حفيدي (طارقَ) في منتزه الخريجينَ وكانت تمطر .. والملعون رأى بنتاً , كانت تمشي بمظلّتها , فآندسّ مع البنت الملعونُ .. وكانت تبدو سائحة , من مشيتها والشعر الأشقرِ .. للتذكيرِ : غداً سأكون ببغداد .. أنا أشتاق الى نادي الآدباء , لأشرب نخب الأمواتِ .. بلى . لا بأس بفنجان .أدري قهوتنا كادت .. كان (العاجل) في التلفزيون : (( يقول شهودٌ أنّ بنات الموصل يلبسن الأسود حتى في العيد , لأنَّ ...)) أنقطع التيار ! بلى . فنجانٌ آخرُ ... لكنْ . لا سكّر فيه !
18/12/2014
|