كتاب سلام عبود: المثقف الشيوعي تحت ظل الاحتلال - التجربة العراقية |
المقاله تحت باب أخبار و متابعات في «المثقف الشيوعي تحت ظلال الاحتلال ــ التجربة العراقية» (الجمل)، يرثي الباحث والروائي تاريخاً من النضال الثقافي والحزبي للحلم الشيوعي في العراق. عبر منهج علمي، يفكك عثراته وإخفاقاته لأكثر من مرحلة ومثال، ويتخذه كمدخل لتحليل تاريخ بلاد الرافدين السياسي منذ قيام الدولة الحديثة، مروراً بالاحتلال الأميركي، وصولاً إلى اليوم كما تتعمّق في انعكاسات ذلك على المشهد الاجتماعي والسياسي والسيكولوجي لشخصية الفرد، بل تتخطى ذلك باتجاه استقصاء ماضي المشهد وحاضره للوقوف على المصير الكارثي الذي وسم سنوات العراق الأخيرة. حروب مع دول الجوار، تصفيات داخلية شرسة، حصار اقتصادي مرير، احتلال أميركي مدمر، تلاه إعداد مدروس لحرب طائفية أوغلت في الدم، ثم سنوات من تعاظم مساحة الإرهاب وحواضنه. وفي موازاة كل ذلك حكومات احتلال مفسدة، وأزلام وردت مناهل العراق المترعة بالثروة، متأبطة أجندات مزقت روح البلاد. الخيبة المعتمة وسط هذا التاريخ هو موقف المثقف عموماً والمثقف الشيوعي بشكل خاص. اشتباك مماثل لا يمكن تخطيه من دون الركون إلى ناصح أمين، وراو يتمتع بعين ناقدة، يجمع شتات حركاته ويمسح الأنفاس اللاهثة المضببة لزجاجه الداخلي. يوقد ناره النقدية ليضيء كل زواياه المواربة. لا بد من أن حنق الكلمات التي تطبع نبرة سلام عبود تصب فوق رؤوس أسهمت في تلك العتمة، وصوّرت الخرائب البغدادية على أنها فتح الفتوح. سيكون نصيب المثقف الشيوعي من ذلك الحنق وافياً. حتى أولئك الذين التزموا العزلة هم مسؤولون عن صمتهم إزاء الواجب التاريخي. يشخّص الكاتب أنواع المثقّف؛ فثمة من أدمن العزلة والاعتكاف، وآخر محايد، أما الأسوأ من بين هؤلاء فقد تحول إلى مثقف احتلال يغرد على صدى خطوط سياسة الفاتحين التي وضعها الحاكم المدني الأميركي بريمر، ومجالس حكمه الانتقالية. لا يوجه سلام عبود لغته النارية نحو المثقف العراقي بصفة إطلاقية، بل يلذع تاريخ أولئك المثقفين الشيوعيين الذين مارسوا دوراً مجتمعياً وحزبياً في يوم ما ثم ما لبثوا أن كشفوا في توقيت مأسوي عن انتمائهم إلى ذلك القطيع المنثال. لقد قاموا بالتنظير للمحتل، وعقبوا على سياسته المدمرة لبنى المجتمع والدولة، كما برروا وحشيته بذرائع «علمية» مارست دوراً في تكريسه كواقع حال أو سوغوه كضرورة حتمية لإزالة الطاغية أو تحريك عجلة التاريخ. |