إعلاميون عراقيون يعترضون على قانون جديد لحرية الرأي |
المقاله تحت باب قضايا عبر إعلاميون ونشطاء وأكاديميون عراقيون عن قلقهم البالع إزاء توجهات الحكومة العراقية لتقييد الحريات والمظاهرات والتجمعات السلمية عبر تقديم مشروع قانون جديد يضم بنودا وعقوبات وصفت بأنها«الهراوة بيد الشرطي لقمع الحريات»، إضافة لمخالفته الحقوق الدستورية والشرائع والمواثيق الدولية، وطالبوا بوقف تشريع القانون وإعادته إلى الحكومة، أو الاستمرار في التصدي له بالاحتجاجات والاعتصامات. وكان مجلس النواب العراقي، قد أعاد في العشرين من أكتوبر (تشرين الأول)، الماضي قراءة مشروع قانون حق التعبير والرأي والتظاهر السلمي، بعد أن رفضه في دورته السابقة وجوبه بمعارضة الأوساط الثقافية والإعلامية والسياسية ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية مثل هيومن رايتس ووتش، وجرى التريث به، لكن الجميع فوجئ بطرحه ضمن مجموعة القوانين المقدمة للبرلمان لقراءته مرة ثانية تمهيدا للتصويت عليه. النائبة ميسون الدملوجي عن ائتلاف الوطنية وعضو لجنة الثقافة في البرلمان، أكدت في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: أن «النسخة المقدمة للبرلمان هي نفس النسخة التي طرحت في الدورة البرلمانية السابقة، وجوبهت بالرفض، بسبب حاجتها لتعديلات كثيرة كونها تتعارض مع حرية التعبير المنصوص عليها في الدستور». وأشارت الدملوجي إلى أهم البنود الواردة في المسودة والتي تتحدث عن توقيتات «محدّدة» للمظاهرة - من السابعة صباحا حتى العاشرة ليلا - وهو ما اعتبرته منع استمرار المظاهرات حتى الصباح –إذا كانت سلمية، مؤكدة عدم السماح بتمرير هذا القانون. أما النائبة عن التحالف المدني شروق العبايجي، فأكدت أن «مسودة القانون الحالية تحتاج إلى إعادة صياغة بالكامل لأجل أن تكون منصفة وتحافظ على النهج الديمقراطي الذي يسعى له الجميع». ويقول عدنان حسين نقيب النقابة الوطنية للصحافيين العراقيين في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، خلال وقفة احتجاجية نظمت في شارع المتنبي (أحد أهم شوارع بغداد الثقافية) «العراق بحاجة إلى تشريع قوانين تعنى بالحريات العامة والخاصة وبحق الحصول على المعلومات ونشرها، وليس إلى تحجيم الحريات وقمعها». وأكد «طالبنا برد القانون، لما فيه من بنود مقيدة للحريات وحق التظاهر السلمي، كما أن المادة 38 من الدستور جعلت حرية التعبير مطلقة، ومسودة مشروع القانون تقيّد هذا الحق بقيود كثيرة زمانية ومكانية وبالتالي يعتبر مخالفا للدستور، إضافة إلى أن المشروع دمج بين 3 مشاريع لقوانين هي قانون حق التظاهر السلمي والاجتماع، وقانون حق الحصول على المعلومات، وقانون جرائم المعلوماتية، وبينها قوانين دستورية ألزم وجودها النص الدستوري». وأعربت عدد من منظمات المجتمع المدني المعنية بالحريات، عن استغرابها الشديد حيال الإصرار على مثل هكذا مشاريع، وطالبت في بيان صدر عنها مجلس النواب العراقي بوقف تشريع القانون وإعطاء فسحة كافية للنقاش العام بشأنه، محذرة من الآثار السلبية التي يمكن أن تلحق بالأسس الديمقراطية التي من المفترض أن تكون المنطلق لبناء الدولة العراقية الحديثة. الصحافي العراقي مشرق عباس، أحد الموقعين على البيان، قال في لـ«الشرق الأوسط»: «القانون يمس ويعتدي على جوهر الحراك الشعبي والمدني والحريات العامة، وأن صياغته تمت بطريقة (مموهة) و(وغير منصفة) و(خطيرة) وهو في الحقيقة قانون لحماية السلطة التنفيذية، أكثر منه قانونا للحريات العامة». وأضاف: «هناك الكثير من الملاحظات سجلت لدينا على مسودة القانون، من بينها أنه يدمج مصطلحي (التظاهر) و(الاجتماع العام) بشكل غير واضح وهو بذلك يريد تمرير القيود الحكومية على حق التظاهر كما أنه يسعى إلى تقويض حق الاجتماع العام». مؤكدا أن القانون عبارة عن حزمة من العقوبات التي تصل إلى 10 سنوات من دون رؤية وتوضيح لكيفية فرض العقوبة وأسبابها. بدوره أبدى الأكاديمي الإعلامي حمدان السالم تساؤله على استخدام بعض المصطلحات القابلة للتأويل والتفسير في القانون دون تحديد مفاهيمها، ومن بينها عبارة عدم التظاهر في الأماكن العامة.. والسؤال هو أين سيكون التظاهر إذن؟ إضافة إلى أنه ركز على الجوانب الدينية وتقديسها إذ احتوى أكثر من 8 فقرات وضمنها عقوبات مبالغة في حين أهمل الجوانب الفكرية والمدنية في البلاد. وقد أورد نص القانون مفاهيم لم يقم بتعريفها أو تحديدها مثل (اعتدى بإحدى الطرق العلانية على معتقد لإحدى الطوائف الدينية أو حقر شعائرها) و(تعمد التشويش على إقامة شعائر طائفة دينية أو على حفل أو اجتماع ديني أو تعمد منعها أو تعطيل إقامتها) و(طبع ونشر كتابا مقدسا عن طائفة دينية حرف فيه نصا عمدا تحريفا يغير معناه أو استخف بحكم من أحكامه أو تعاليمه) و(أهان علنا نسكا أو رمزا أو شخصا موضع تقديس أو تمجيد أو احترام لدى طائفة دينية)ولم يوضح القانون ما هي الطائفة الدينية؟ ومن هم رموزها؟ وكيف وبأي صيغة يتم المس بهم؟ وما معنى (الإهانة). ووصف القانون بأنه مربك ومقيد للحريات ويشبه الهراوة بيد السلطات لقمع حرية التعبير والتظاهر السلمي. يذكر أنه لم يصدر عن نقابة الصحافيين العراقيين أي ردود فعل على القانون المثير للجدل، ولدى اتصالنا بأمين سر النقابة سعد محسن لسؤاله عن القانون وموقف نقابة الصحافيين العراقيين أبدى عدم معرفته ببنود القانون أو الاطلاع عليه ولا على حملة الاعتراضات التي قام بها الإعلاميون العراقيون ضد القانون. |