عبود الجابري: لا أتشبّه بشعري ولا يتشبّه بي |
المقاله تحت باب مقالات و حوارات عبود الجابري شاعر ومترجم عراقي يقيم في الأردن منذ عام 1993. صدرت له ثلاث مجموعات شعرية، تتبعها اثنتان قيد النشر، يلفتك دأبه على تجاوز ذاته في كل مجموعة جديدة، كما تلفتك لغته الخاصة ورهافتها وابتعادها عن المباشرة، والحزن الكامن فيها. مع الجابري كان هذا الحوار: *أنجزت أكثر من مجموعة شعرية كان آخرها مجموعتك (متحف النوم/2012).. ما الإضافة الشعرية التى حققتها من خلالها وتعتقد أنك تجاوزت بها نفسك؟
- لست مؤهلا للحديث عن نفسي، وغالبا ما أشعر بعدم الرضى عما كتبت حين أعود لقراءة نصوصي بعد انتهاء فترة الزهو التي تلي صدور الكتاب، لكنني أحاول كقارئ لنصوصي أن لا أكرر ما اقترفته قديما في جديد ما اكتب، وذلك ما يسميه البعض (التجاوز)، وانا أسعى لتجاوز ذاتي على مستويات الكتابة جميعها لا سيما محاولتي لاقتراح لغة تخصني، لغة تكون في متناول حواسي، لكنها تبدو عسيرة المنال على سواي، وهذا الأمر قادني الى التأخر لمدة عشرين عاما من الكتابة قبل ان اصدر مجموعتي الأولى (فهرس الأخطاء). * يتململ بعض النقاد والمتابعين للشعر وللتجارب الشعرية الراهنة؛ يقولون إنها تشبه بعضها البعض ولا جديد فيها، ما الذي يميز نصك الشعري ويحفزك للاستمرار في الكتابة؟ - هات لي كتابا واحدا يتحدث عن التجارب الشعرية الراهنة، وسأقيم له احتفالا واطلق الألعاب النارية في سماء البلاد. الكتب النقدية قديمها وجديدها تماري التجارب القديمة. الأيقونات ذاتها التي تتم اعادة انتاج ما كتب عنها حيث المصادر جاهزة، تماما مثل خطب الجمعة في المساجد. لم يعد هناك من يغامر بقراءة كتاب شعري جديد ويتطوع لتقديمه لنفسه او للآخرين. النقد يشبه تماما الشاي البارد عند الفطور، لا بخار يتصاعد منه، وما نقرأه لا يتعدى كونه مجاملات خجولة وعروضا مبتسرة لما يصدر من دواوين. *غالباً لا يشبه الشعراء شعرهم ماذا عنك؟ - لا أحاول أن أتشبه بشعري ولا أريد منه أن يتشبه بي، بل إنني أسعى إلى خلق منازعات بيننا لتأكيد الغلبة لأحدنا، فثمة زوايا وادعة في شخصي لا أتمناها لشعري، وأسعى إلى حقنه دائما بأسباب الشراسة ليكون أكثر نزوعاً إلى النزق اليومي ليضمن مقومات بقائه. *في شعرك الكثير من الألم والحزن، هل هذا من أثر غربتك عن الوطن؟ - حتى في قلب الوطن كان هناك ثمة ألم وحزن، الأوطان لم تعد تهدي الورود لأبنائها، ربما يكون لذلك تأثير في نزعة الحزن في نصوصي، لكنني دائما اردد امام اصدقائي انني اكتب لأهجو بشاعة هذا العالم من خلال التركيز على بؤر الضوء في تفاصيل الحياة ولا أكتب بكائياعبود الجابري: لا أتشبّه بشعري ولا يتشبّه بي * في شعرك الكثير من التحفظ مع المرأة، هل هذا يعبر عن موروث ثقافي تنتمي له أم ماذا؟
- نعم، انا وريث ثقافة تنظر الى المرأة بطرف العين كي لا تلحظ انك تتابع خطواتها، وذلك ادى الى أن يكون اقترابي من المرأة شعريا فيه الكثير من الحذر اللغوي، الأمر الذي أدى إلى قمع كثير من النصوص التي تمنيت كتابتها، وربما علي أن أتجاوز طفولتي كهلاً لأستطيع استعادة ما لم أتمكن من كتابته في هذا الباب، ذلك ما أحلم به دوما... *أخيراً بمن تأثرت من الشعراء العرب من أبناء جيلك؟ - ليس لي جيل، فنحن جيل سحقته الحروب فنسي عمره، كل النصوص الجميلة التي قرأتها لمن هم في عمري ومن هم اصغر مني، وما تراكم لديَّ من خزين معرفي كان مؤثرا في تجربتي بشكل او بآخر، ذلك لا ينفي ان شعراء الجيلين الثمانيني والتسعيني قد تأثروا كثيرا بتجربة الجيل السبعيني، وكانت لنا فضيلة اعادة الشعر الى القارئ بعد أن عجز عن الطيران لملاحقة نماذج الكتابة التي لم تكن تفضي الى أية سماء. |