البرلمان العراقي يدرس تشكيل (مجلس أعيان) جديد |
المقاله تحت باب قضايا عن (نقاش) يسعى البرلمان العراقي لإعادة تقليد سياسي قديم يعود إلى الحكم الملكي في البلاد بين عامي (1921-1958) يتجسد بتشكيل هيئة تشريعية جديدة تعمل إلى جانب البرلمان يُطلق عليه تسمية "مجلس الاتحاد". "مجلس الاتحاد" أو "مجلس الأعيان" كما كان يسميه العراقيون في العهد الملكي هو بمثابة مجلس الشيوخ المُكمل لعمل مجلس النواب في الولايات المتحدة، أو مجلس اللوردات في بريطانيا مع الاختلاف بشأن الصلاحيات وطريقة اختيار أعضاءه. ويقول عضو لجنة الأقاليم والمحافظات النيابية النائب زياد الذرب لـ "نقاش" إن "الخطوط العريضة لقانون تشكيل مجلس الاتحاد اكتملت تقريبا، لكن الخلاف الدائر في البرلمان هو حول عدد أعضاء المجلس وكيفية اختيارهم. الذرب أوضح إن "الاتفاق الأولي يتضمن بأن يكون هناك أربع ممثلين عن كل محافظة لكن هناك مطالب بمنح بغداد حصة أكبر على اعتبار أنها العاصمة وسكانها الأكثر، فيما تطالب الأقليات الدينية والقومية والعرقية بتخصيص "كوتا" لهم داخل المجلس. وتنص المادة 46 من الدستور العراقي على أن "السلطة التشريعية تتكون من مجلس النواب ومجلس الاتحاد"، فيما تنص المادة 62 على "إنشاء مجلس تشريعي يُدعى مجلس الاتحاد يضم ممثلين عن الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، وينظم تكوينه وشروط العضوية فيه، واختصاصاته وكل ما يتعلق به بقانون يُسن بغالبية ثلثي أعضاء مجلس النواب". لكن واضعي الدستور العراقي عام 2005 أضافوا مادة أخرى بالرقم 133 نصّت على "تأجيل العمل بإحكام المواد الخاصة بمجلس الاتحاد أينما وردت في هذا الدستور إلى حين صدور قرار من مجلس النواب بأغلبية الثلثين وفي دورته الانتخابية الثانية التي يعقدها بعد نفاذ الدستور". هذه المادة عطّلت تشكيل "مجلس الاتحاد" في الدورة البرلمانية الأولى (2005-2009) ومع بدء الدورة البرلمانية الثانية (2010-2014) بات مسموحاً للنواب البدء بمناقشته حيث أنهى البرلمان بحسب نواب في اللجنتين القانونية والأقاليم والمحافظات مسودة أولية بشأنه. ويرى المحامي يوسف خان إن أهمية تشكيل مجلس الاتحاد لكونه يراقب عمل البرلمان الذي لا يخضع للرقابة من قبل أي هيئة سياسية. لكن خان قال لـ "نقاش" انه يفضل أن يكون أعضائه من الشخصيات الاجتماعية والسياسيين المخضرمين والعسكريين القدامى ليكون مركزاً للخبرات. ويبدو أن نجاح البرلمان العراقي في 23 حزيران (يونيو) الماضي في إقرار قانون صلاحيات المحافظات الذي دعم اللامركزية في نظام الحكم ووزّع المزيد من الصلاحيات على الحكومات المحلية في المدن، شجع القوى السياسية على المطالبة بإحياء قانون "مجلس الاتحاد" ليكرِّس المزيد من اللامركزية في إدارة البلاد. وبحسب النقاشات الدائرة بين النواب واللجان المختصة فإن المسودة الأولية لقانون "مجلس الاتحاد" منحتهه مهمة الدفاع عن صلاحيات المحافظات الأمنية والإدارية الواسعة التي أقرها البرلمان في الثالث والعشرين من حزيران (يونيو) الماضي، من إي محاولة من الحكومة أو البرلمان لتقليصها. ومن أبرز صلاحيات "مجلس الاتحاد" وفقاً للمسوّدة الأولية لقانون المجلس التي حصلت "نقاش" على نسخة منها، يملك المجلس حق الفيتو على القوانين والتشريعات الصادرة من البرلمان والحكومة في حال رأى فيها مخالفات. القوانين التي سينقضها مجلس الاتحاد ستعود إلى البرلمان مجدداً لغرض تعديلها أو إلغائها، ولكن في حال استطاع البرلمان التصويت عليها مجدداً بثلثي الأعضاء سيكون هذا القانون نافذاً، فيما لا يستطيع مجلس الاتحاد تشريع قوانين لكنه يقدم المقترحات. ومن الصلاحيات الأخرى لأعضاء المجلس هو حقهم بحضور جلسات البرلمان ومناقشة القضايا المطروحة في أروقته لكن لا يحق لهم التصويت عليها، كما يحق لرئيس مجلس النواب أن يدعو مجلس الاتحاد لمناقشة القوانين المهمة. إضافة إلى ما سبق فإن قرارات "مجلس الاتحاد" ملزمة للسلطات التشريعية والتنفيذية لأنه سيجبر الحكومة على تطبيق القوانين التي يصدرها البرلمان من خلال مراقبة عمل الحكومة بهذه التشريعات الجديدة. وبخلاف "مجلس الأعيان" الذي كان معمولاً به في العهد الملكي في العراق، فإن أعضاء "مجلس الاتحاد" سيكونون منتخبين من قبل الشعب وينطبق عليهم ما ينطبق على النائب في البرلمان من الامتيازات والحصانة وطريقة الانتخاب. أما في العهد الملكي فإن أعضاء مجلس الأعيان يتم تعيينهم من قبل الملك شخصياً وأعضائه غالباً مايكونون من شيوخ العشائر ورجال الدين والضباط والعسكريين القدامى والتجّار. اللجنة النيابية التي تدرس صياغة قانون تشكيل المجلس تلمح إلى أن الخلافات لم تعد تتجاوز الأمور الشكلية والإجرائية، مثل عدد ممثلي كل محافظة في المجلس الجديد وكوتا النساء والأقليات. لكن النائب عن كتلة "العراقية" عدنان الجنابي قال لـ"نقاش" إن "صلاحيات المجلس قليلة مما يتطلب إعادة النظر فيها وزيادتها". أهمية مجلس الاتحاد وفق المسودة الأولية تكمن في أنه يشكل ركيزة أساسية للمراجعة الدائمة في ما يخص العلاقة بين حكومة المركز وحكومات الأقاليم والمحافظات من جانب، وبين الحكومة والبرلمان من جانب آخر خصوصاً وان الخلافات بين الطرفين بلغت أشدها ووصلت إلى تبادل الاتهامات بالمسؤولية عن الأزمات الأمنية والسياسية التي تعصف بالبلاد. الكتل السياسية الداعمة لمشروع القانون وهي كتل "التحالف الكردستاني" و"العراقية" والتيار الصدري هي ذاتها التي تدعم نظام اللامركزية في العراق ووافقت سابقاً على قانون صلاحيات المحافظات، أما أبرز الكتل التي ما زالت متحفظة على بعض فقرات قانون مجلس الاتحاد فهي "دولة القانون" بزعامة رئيس الحكومة نوري المالكي. ويقول النائب عن "دولة القانون" خالد الأسدي لـ"نقاش" إن "تمييز أعضاء مجلس الاتحاد بمنحهم حق نقض القوانين لا ينسجم مع الدستور، ويتوجب أن يكون البرلمان هو السلطة العليا في البلاد لأنه يضم ممثلين منتخبين من الشعب مباشرة". أما النائب عن "التحالف الكردستاني" محمود عثمان حصر مقترحات كتلته بمراعاة حصة إقليم كردستان من أعضائه، ويطالب باللجوء إلى خبرات دولية لصياغة القانون. لكن إقرار قانون تشكيل مجلس الاتحاد ليس بالمهمة السهلة، إذ إن الدستور اشترط موافقة ثلثي أعضاء البرلمان لتمريره إي 217 نائب من أصل 325، وهذه الآلية صعبة ومن النادر أن ينجح البرلمان في تحقيقها. |