المقاله تحت باب قضايا في
28/06/2013 06:00 AM GMT
عن نقاش : للمرة الأولى في تأريخ العراق حصلت المحافظات على صلاحيات واسعة بعد إقرار البرلمان تعديلات خاصة على قانون صلاحيات المحافظات الأحد الماضي ما يمثل خطوة جديدة نحو طريق الحكم اللامركزي في البلاد. التعديلات الجديدة منَحَت المحافظات غير المنتظمة بإقليم وعددها 14 محافظة صلاحيات أمنية وسياسية واقتصادية واسعة تمنح الحكومات المحلية الجديدة استقلالية في رسم سياساتها دون تدخل الحكومة الاتحادية في بغداد. يقول المحلل السياسي زياد أحمد لـ "نقاش" إن "الإجماع السياسي السني والشيعي والكردي على رفض سياسات المالكي التفرُّدية، والتظاهرات المناهضة له غرب البلاد، ساهمت في إقرار القانون الجديد". وأضاف إن "الحكومات المحلية أمام مهام أكبر وأخطر في ظل الصلاحيات الجديدة وستحتاج الى مستشارين وخبراء أجانب يقومون بالتخطيط وتقديم المشورة كما هو الحال في إقليم كردستان الناجح اقتصادياً". وقبل هذا القانون كانت المحافظات تأخذ صلاحياتها من القانون رقم (21) لسنة 2008، وهو قانون يحِد من صلاحيات المحافظات ما دفع السلطة التشريعية إلى إجراء 80 تعديلاً جديداً على القانون لصالح اللامركزية والاستقلالية الإدارية. فمنذ سنوات تشكو الحكومات المحلية من تقييّد حرية عملها وتعطيل مشاريعها بسبب الحاجة إلى موافقات كثيرة من حكومة المركز في عملية التخطيط وتنفيذ المشاريع التي سعت بدورها وفق مراقبين وخصوصاً في عهد ولاية رئيس الحكومة نوري المالكي إلى تقوية السلطة المركزية في بغداد. ويمنّح التعديل التشريعي الجديد للحكومات المحلية صلاحية اختيار مسئولي الجهاز القضائي والقيادات الأمنية والتصرف في انتشار الجيش داخل المدن وخارجها ويلزِم العاصمة بالتشاور مع المحافظ في تحريك القطعات العسكرية التابعة للحكومة الاتحادية، فضلا عن زيادة تصل إلى خمسة أضعاف في مبالغ البتر ودولار الممنوحة للمحافظات المنتِجة للنفط. على مستوى الصلاحيات الأمنية تنص المادة(14) من القانون على أن "للمحافظ سلطة مباشرة على جميع الأجهزة المكلفة بواجبات الحماية وحفظ الأمن والنظام العاملة في المحافظة". النائب عن محافظة الأنبار خالد العلواني قال لـ "نقاش" إن "المحافظ بموجب التعديلات الجديدة سيمتلك حق التوجيه المباشر لأجهزة الشرطة في المحافظة. هذه التعديلات جاءت لتنفذ بنود دستورية معطّلة منذ كتابة الدستور العراقي الدائم عام 2005 الذي أورد صلاحيات واسعة لمجالس المحافظات المحلية. فالمواد الدستورية المحصورة بين 111 و 117 تتحدث عن صلاحيات اقتصادية وأمنية وإدارية واسعة تتناول كيفية إدارة النفط المستخرج من المحافظات ورسم السياسات التعليمية والصحية والتمنية وإدارة الكمارك وغيرها من القضايا التي وردت بشكل عام بحاجة إلى قانون ينّظمها. في حين جاء في المادة الثانية من قانون صلاحيات المحافظات الجديد بأن "مجلس المحافظة هو السلطة التشريعية والرقابية في المحافظة وله حق إصدار التشريعات المحلية بما يمكنه من إدارة شؤونها وفق مبدأ اللامركزية الإدارية، وتتمتع المجالس بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي". رئيس لجنة الأقاليم والمحافظات في البرلمان النائب محمد كياني قال لـ "نقاش" إن "الصلاحيات الجديدة للمحافظات ترسِخ مبدأ اللامركزية في العراق بشكل جذري وللمرة الأولى في تاريخه". وأضاف "القانون يعطي صلاحيات إدارية ومالية واسعة للحكومات المحلية، ومن بينها تعيين الموظفين الكبار في المحافظات ومراقبتهم ومعاقبتهم، بالإضافة إلى نقل صلاحيات سبعة وزارات خدمية إليها تدريجياً خلال سنتين". تنفيذ هذه الصلاحيات على أرض الواقع سيقلِّص من هيمنة الحكومة على المحافظات بشكل كبير، والتي طالما اشتكت من البيروقراطية والانتقائية من قبل حكومة بغداد في تسيير أمور المحافظات. محافظ نينوى اثيل النجيفي قال لـ "نقاش" إن "القوات الأمنية القادمة من بغداد ترفض إبلاغ مجلس المحافظة عن خططها أو عددها ومهامها". وأضاف "الحكومة تتعامل بشكل دكتاتوري مع المحافظات وتضرِب الدستور عرض الحائط". أما على المستوى الاقتصادي فان القانون الجديد يمنح هذه المحافظات صلاحيات واسعة وكبيرة ستجعل من بعضها غنية بالموارد المالية. وتوضِّح المادة 44 منه بأن الموارد المالية لكل محافظة تتكون من مخصصات الحكومة الاتحادية، وواردات الضرائب والرسوم والغرامات وبدلات بيع وإيجار أموال الدولة، إضافة إلى خمسة دولارات عن كل برميل نفط خام يُنتج في أي محافظة وخمسة دولارات عن كل برميل نفط خام مكرر في مصافي المحافظة، وخمسة دولارات عن كل 150 متر مكعب مُنتج من الغاز الطبيعي في المحافظة. يقول النائب السابق في البرلمان وائل عبد اللطيف لـ "نقاش" إن "تنفيذ القانون في البصرة مثلاً سيجعلها تحصل على أكثر من 10 ملايين دولار يومياً من استخراج النفط إضافة إلى أكثر من مليار دولار من الموازنة الاتحادية". وأضاف البصرة ينبغي أن تستعد إلى "أكبر موازنة مالية في تاريخها المعاصر يمكنها حل جميع مشكلاتها، فموازنتها لوحدها تقارب موازنة دولة مثل الأردن". لكن هذا القانون شأنه شأن باقي القوانين التي تخضع للجدّل بين الكتل السياسية، سيخضع هو الآخر لاعتراضات بعض الكتل لاسيما كتلة "ائتلاف دولة القانون" بزعامة رئيس الحكومة نوري المالكي التي تنوي الطعن في القانون لدى المحكمة الاتحادية. إذ قاطع نواب كتلة "دولة القانون" التي يتزعمها المالكي، جلسة التصويت على مشروع القانون وتفكِّر في الطعن به وإفشاله بحجة انه يسلب من الحكومة المركزية صلاحيات مهمة ينبغي أن تبقى من صلاحياتها، لكن باقي الكتل على مختلف انتماءاتها الشيعية والسنية والكردية تؤيد القانون. النائب الكردي حسن جهاد اعتبر الصلاحيات الجديدة الممنوحة للمحافظات تجسيداً لمبدأ الفيدرالية واللامركزية التي نصّ عليها الدستور كأساس للحكم في البلاد". وأضاف جهاد إن "أي طرّف يرفض القانون سيُتهّم بأنه من دعاة النزعة المركزية والشمولية في الحكم". اللافت إن تعديل صلاحيات المحافظات جاء بشكل متزامن مع تشكيل مجالس المحافظات الجديدة بعد الانتخابات المحلية التي جرت في 20 نيسان(ابريل) والتي شهدّت خسارة كبيرة للمالكي بعد تحالف الطرفين الشيعيين "المجلس الأعلى الإسلامي" و التيار الصدري لتشكيل مجالس المحافظات.
|