قصيدتان : قصة القرية السعيدة وصانعو الوهم |
المقاله تحت باب نصوص شعرية (١) قصة القرية السعيدة منذ وقتٍ طويل، ونحن جميعا سعداء بالدوران. جيلٌ بعد جيل نكتب القصةَ نفسها نرسم الدائرةَ نفسها أحيانا نصاب بالتعب نرسمها من جهة اليسار ونعيد حكايتنا نفسها من جديد من سطرها الأول إلى السطر ما قبل الأخير ليس لدينا سطر أخير في قصتنا لذلك نحن سعداء بلا نهايتها
وحدها الأوراق تتغير وحدها الأوراق تحترق عندما نحرق البنايات نفسها البنايات التي تحترق في قصتنا،
نحن جميعا نحفظها عن ظهر الغيب، المرأة في المطبخ الفلاح بانتظار أمطار هذا الموسم الطفل في المهد الجندي في السيطرة الفتاة وهي تحلم بالحب الجميع مغرم بقصتنا - خذ مثلا هذه الثيمة الساخنة تظهر دبابة على الجسر تظهر دبابة ثانية تظهر دبابة ثالثة نحن لا نحتاج إلى أكثر من ذلك لنكتب الحكاية نفسها...
قصة مسليّة في الواقع ليس فيها سطر أخير حتى عندما يموت ملكنا الشاب أو رئيسنا العجوز على أية حال ليس في حكايتنا سطر أخير نحن نعيد الحكاية نفسها نحن سعداء بالدوران لأننا نكتب الحكاية نفسها القصة من سطرها الأول إلى سطرها ما قبل الأخير
نحن سعداء بلا نهايتها
بلا تعب أو شعور بالملل نكرر قصتنا في الحقيقة إنها قصة مشوقة ولا تُمَل إننا مشغولون بالحديث عنها هذا كل ما نفعله في أوقات الفراغ
لكننا لا نعرف حكايةً غيرها ولم يكن في وارد خيالنا قصة أخرى أكثر تشويقا - لماذا ننشغل في تأليف حكاية ثانية الحكايات الجديدة تستدعي الكثير من الوقائع التي لا نعرفها، لذلك نحن منشغلون بتأليفها من جديد في كل مرة نكتبها من جديد ونحاول أن نضع لها نهاية مناسبة لكننا دونما سبب نتوقف عند السطر ما قبل الاخير.
وحكاية وجودنا نشيدنا المشترك قصة طفولتنا قصة شيخوختنا من أول سطر إلى السطر ما قبل الأخير ليس لقصتنا سطر أخير ليس لحكايتنا نهاية نحن سعداء، سعداء جدا بهذا الدوران،
(٢) صانعو الوهم
ونمضي جميعا تحت الغبار الكثيف لنهدم أحجار المعابد ونسحب المسلّةَ من عنقها وكما هو سقوط تمثال الدكتاتور يجب أن نهشم القوانين القديمة على أرض المتحف الرخامية ليس لحمورابي من ذنب سوى إنه لا يجيد لغتنا الوطنية
ومرة أخرى نمضي في الغبار الكثيف نحطم أجنحة الثور الآشوري يجب أن نكف عن الطيران ليس لآشور بانيبال من ذنب سوى إنه لا يجيد طيراننا الوطني
ونمضي في الغبار الأشد كثافة لنحطم بوابة موكب الملكة نكتب يافطة عملاقة - ممنوع مرور الآلهة، ليس لعشتار من ذنب سوى إنها لم تبتكر حزننا الوطني
الفؤوس والمعاول والسلالم الخشبية ساعة القشلة كذلك بحاجة للهدم لا داعي لوجودها الغريب الأطوار لوقفتها كشحاذ يستجدي الدقائق من الظهيرة ليس لمدحت باشا من ذنب سوى إنه لا يعرف توقيتنا الوطني
بما في ذلك الزقورات والمعابد والمكتبات لم نعد بحاجة إلى التاريخ ليس لنبوخذ نصر دخل في تقرير مستقبلنا، كلكامش ليس مؤهلا تماما لذلك لم يمت صديقه في الحرب ولم يلق حتفه في انفجار مفخخة كلكامش لا يفهم موتنا الوطني
ليست الحياة وبهجتها ما يشغل بالنا، الموت وتمثاله، الموت ومسلّته، الموت وبوابته، الموت وثوره المجنح، الموت وقبابه العالية الموت وساعته المستطيلة الموت وزقوراته هو كل ما تبقى لنا تحت هذا الغبار الكثيف. |