فرقة ناجي عطا الله للرسوم المتحركة |
المقاله تحت باب في السياسة ما بين ساعات الصيام الطويلة وأوقات الإعلان المزعجة، تابعت هذا العام ثلاثة مسلسلات عربية عرضت في شهر رمضان هي (باب الخلق) و(الخواجة عبد القادر) و(فرقة ناجي عطا الله)، أضفت إليها بعد ساعات الإفطار، برامج الحوارات الفنية التي تابعتها بإلحاح عجيب للإحساس بمتعة الفراغ بعد فاصل طويل وصاخب من البرامج الحوارية السياسية التي أدمنا عليها منذ قيام ثورات الربيع العربي وحتى الآن.. في الحقيقة جاءت برامج رمضان كجملة اعتراضية بين قوسين من الاسترخاء تركتنا مع المقالب والمسلسلات والناس في زمن الإخوان.. وقبل الحديث عن السوبرمان ناجي عطا الله مع فرقته العجيبة، سنشد الشعر شداً أكيداً ونلطم على رؤوسنا كثيراً ونحن نتوقف قليلا عند مليونية الفنانات (الأوافي) اللواتي يتنقلن بخفة المهرجين من برامج المقالب وحتى برنامج صدى الملاعب.. كل (آفة) منهن مستعدة لتقديم لقاءات خفيفة بامتياز على طبق من التفاهة التي تقول صراحة إننا أصبحنا في الحضيض.. فقد تفرجت أمة الربيع العربي على كل واحدة منهن وهي تسكن في قلعة من القلاع المشيدة وتتقاضى آلاف الدولارات مقابل طلتها علينا بفستان (ماركة زقنبوت) أو عقد من الماس (ماركة قوزلقورط) تعلوه الخرز الزرقاء خوفاً من عيون الحاسدين.. والأدهى من ذلك أنها تظن مالها هذا حقاً يجب حراسته من الطمع والسرقة والحسد فتحيط نفسها ليس بأم سبع عيون وحدها وإنما بالحمايات والحراس الأشداء. . صدق أو لا تصدق فإنهن يشكرن الله على نعمته التي أنعم بها عليهن وعلى توفيقه لهن في المهازل والمسخرة..رأس الحكمة عندهن هي مخافة الله... وأجرهن في البرنامج الواحد يكفي معيشة جيش كامل من الخدم المهاجرين من شرق آسيا إلى دولة من دول الخليج العربي.. ولا ننسى باقي الدول العربية التي يأكل فقراؤها من القمامة بينما الغادات من راقصاتها يرمين الأموال إلى سلة الزبالة . لعن الله أبا هذا الزمان الأغبر الذي اخترع لنا الأقمار الصناعية وجاء بأولئك إلى واجهات براقة تدعمها دول تدعي التقوى والإيمان..المصيبة أن اليونيسيف تختارهن مع سبق الإصرار والترصد سفيرات للاجئين والأطفال الجياع.. ومواقع التواصل الاجتماعي تنصبهن أمثولات لهذه الأمة المبتلاة.. ويبدو أن هذه الفضائيات التي تحتفي بفضائح الراقصات والمطربات.. أما إنها تستخف بعقول المشاهدين عن قصد لكي تلهو بها وتصوغها كيف تشاء .. أو أنها تفعل ذلك عن غفلة نزولاً عند كثافة الإعلانات التي تمليها الشعبية العريضة لأولئك النجمات على صفحات الهواء المسماة بالتواصل الاجتماعي أو بالأحرى على صفحة الوفيات لآمال هذه الأمة في شبابها .. فإنا إليه وإنا إليه راجعون.. ولنحذف الإجابتين السابقتين..!!! ونعود الى يحيى الفخراني ومحمود عبد العزيز العملاقين اللذين تفوقا على نفسيهما في الخواجة عبد القادر وباب الخلق.. وقدما للمشاهدين تحفتين أنيقتين بمذاق فكري وفني غاية في احترام المشاهد والتناغم مع مستوى الفن الذي يخاطب العقل والقلب والروح .. أما عادل إمام سوبرمان المرحلة وكل المراحل.. فقدم عرضاً أخف من فيلم كرتوني قصير وأثقل من فيلم هندي طويل عن عقدة نقص عربية عوض عنها البطل ناجي عطا الله بمغامرة خارقة تقدم الحل السحري للهزيمة والانكسار العربيين وتعيد للأمة المكلومة عزتها وكرامتها .. إنه مجرد ملحق إداري في السفارة المصرية بتل أبيب ولكنه عادل إمام..فهو إذن يصول ويجول في إسرائيل ويشتم الجميع أو يسخر منهم أو يورطهم في الممنوعات ويدَوخ المخابرات الإسرائيلية خلفه أيضاً.. يا سلام.. ولكنه لم يشهر سيفه كفيروز ولا أصبحت عنده بندقية كأم كلثوم، فهذا زمان قد ولى، إنما أخذ مجموعة من الشباب المغامرين معه إلى تل أبيب وقام هناك بسرقة بنك محصن الكترونياً وأمنياً .. ونجح في ذلك بقدرة قادر ثم نجا، وهو الكهل، من كل الأهوال ومشى في شعاب إسرائيل وفيافيها حتى وصل الجميع بثياب نظيفة وشعور مسرّحة إلى جنوب لبنان.. سهيدة ومهيدة.. لا سيطرات ولا حواجز ولا جوع ولا عطش ولا هم يحزنون.. البقية تعرفونها حيث لا يميز حزب الله بين العرب والإسرائيليين ويعلن بسرعة البرق عن أسر ثمانية جنود صهاينة ثم يقوم بعرض صورهم البهية على شاشة التلفزيون.. وبدلاً من الخروج بجملة مفيدة واحدة من الصراع المستعر بين (دول ودول) فإننا نشاهد سلسلة مغامرات هزلية ووجهات نظر غريبة عجيبة في ما يحصل هنا وهناك، ليس أولها إن العراقيين يزورون شهاداتهم في سوق مريدي ولا يرسلون أولادهم الى المدارس، وليس آخرها إن المختطفين في الصومال قد جعلوا ناجي عطا الله يغير رأيه ويعلن إن جياع الصومال أحق بالمال المسروق من تلك العصابة الكارتونية الظريفة التي ذكرتنا بمغامرات سلاحف النينجا.. رحمة الله على أيام الشاهد الذي لم ير شيئاً وسلام الله على الرجل التونسي المهيب الذي قال حتى بح صوته.. لقد هرمنا هرمنا هرمنا.
المدى
|