المقاله تحت باب قضايا في
26/08/2012 06:00 AM GMT
عين رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني قبل أكثر من شهر إبنه البكر رئيسا لمجلس الأمن القومي، وبهذا التعيين بدأ الإقليم يقترب من فرضية بعض المراقبين حول التحرك لفرض سلطة العائلة. المراجعة الدقيقة لاسماء شاغلي الوظائف العليا في إقليم كردستان تكشف أن القسم الأكبر من المناصب في المفاصل الحساسة للسلطة الكردية اجتمعت بأيدي عدد من أفراد العائلتين الحاكمتين. رئيس الإقليم وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود مصطفى البارزاني ستنتهي مدة رئاسته في عام 2013 وفقا لنظام الانتخابات، لكن الخارطة السياسية لإقليم كردستان تشير إلى عدم إستطاعة أي شخص آخر أن يزيحه عن مقعد الرئاسة في المستقبل القريب ما يترك المنصب بقبضته لدورة رئاسية أخرى على الأقل. نيجرفان ادريس مصطفى البارزاني، ابن اخ مسعود البارزاني، رئيس حكومة اقليم كردستان ونائب رئيس الحزب الديمقراطي، يمسك اليوم بزمام ثاني أكبر سلطة تنفيذية في الإقليم بعد عمه، أضافة الى إشغاله لرئاسة دورات وزارية مختلفة في حكومة الإقليم. التوقعات الناتجة عن التحركات السياسية تشير إلى أن الحزب الديمقراطي وعائلة البارزاني يقومون بتهيأته لإشغال منصب عمه مستقبلاً. مسرور مسعود مصطفى البارزاني، نجل مسعود البارزاني، مع انه معروف ومنذ سنوات كشخصية أمنية بارزة داخل حزبه ويشغل منصب جهاز أمن الحزب الديمقراطي منذ 1995، لكن قرار والده جعل منه رئيساً لأكثر مؤسسة أمنية حساسة في الإقليم. البارزاني أعلن عن تأسيس مجلس أمن اقليم كردستان في التاسع من تموز (يوليو) الماضي طبقا لما جاء في القانون رقم (4) لبرلمان كردستان في أيار (مايو) 2011. ويتضمن المجلس أجهزة أمن حزبي الاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني، وأجهزة المخابرات والجيش وجهازي مخابرات باراستن (الديمقراطي الكردستاني) وزانياري (الاتحاد الوطني)، وبذلك يكون من أكبر المؤسسات المخابراتية والأمنية الحساسة في الأقليم حيث يحسم معظم القرارات الأمنية. وبالإضافة إلى المناصب السابقة فان العديد من الشخصيات داخل عائلة بارزاني من ابن وابن أخ وابن عم والأقارب يشغلون مناصب عسكرية وادارية وتجارية حساسة، فالعائلة البارزانية إعتادت على تداول المناصب الحساسة فيما بين اعضائها جيلاً بعد جيل، إذ أن مسعود البارزاني نفسه ورث منصب والده مصطفى البارزاني بعد وفاته عام 1979ومازال بيده الى اليوم. وبعد اعلان مسرور البارزاني رئيسا لمجلس الأمن الوطني، كتب بعض النشطاء بسخرية عن طريق الفيسبوك لمسعود البارزاني: "رجاءاً حضرة الرئيس هيئ شخصا من عائلتك وبأسرع وقت لمنصب رئاسة البرلمان" كإشارة الى ان اثنين من أصل الرئاسات الثلاث في اقليم كردستان المتمثلة برئاسة الاقليم ورئاسة البرلمان ورئاسة الحكومة يشغلها اشخاص من عائلة البارزاني وأضيف اليها رئاسة مجلس الأمن. عدوى البقاء في السلطة لا تتوقف عند الديمقراطي الكردستاني فقط، إنما تجاوزته الى الاتحاد الوطني وشملت وأمتدت إلى الإقليم الأخضر. تسمية "الإقليم الأخضر" و "الإقليم الأصفر" تعودان إلى سنوات الحرب الأهلية في كردستان بين عامي (1994 - 1998) حيث انقسم اقليم كردستان الى شطرين، الاقليم الأصفر وكان يتكون من أربيل ودهوك وهو تحت قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاقليم الأخضر المتمثل بمحافظة السليمانية بقيادة الاتحاد الوطني. وتعود التسميتان الى لون راية الحزبين ، أما آثار الإدارة المزدوجة فلا زالت واضحة في قسمي الاقليم حيث يحضى كلا منهما بالسلطة العليا في اقليمه. السليمانية هي إقليم الطالباني رئيس الجمهورية والسكرتير العام للإتحاد الوطني، اما زوجته هيرو ابراهيم أحمد فتشغل منصب مسؤول فرع السليمانية لتنظيمات الاتحاد وهو من أكثر الفروع الحساسة للحزب ويدير المؤسسات الحكومية في المنطقة بشكل غير مباشر. أقارب آخرين مثل أبناء وأبناء إخوان وأعمام واشقاء زوجات وغيرهم، يديرون عدة وحدات إدارية وأمنية وتجارية، تبدأ من الوزير إلى رئاسة مؤسسة حساسة مثل مكافحة الارهاب وإدارة أقسام مهمة أخرى في الحزب. وكردة فعل على تعيين نجل البارزاني على رأس مجلس أمن الإقليم قرر مجلس وزراء اقليم كردستان تشكيل دائرة التنسيق والمتابعة الذي يعتقد المراقبين أن رئاستها ستؤل لنجل الطالباني. الموقع الرسمي لحكومة اقليم كردستان أعلن ان الدائرة ستكون تابعة للحكومة بشكل مباشر ويُمنح رئيسها رتبة وزير، فالأحاديث الجانبية عن عمل الدائرة أكدت أن دورها سيتمحور حول التنسيق بين مؤسسات الدولة، لكن الحكومة لم تكشف عن عمل الدائرة رسمياً. الكاتب والمراقب السياسي آريان محمد يرى ان الدائرة لا تملك وظيفة مهمة ضمن نظام الحكومة وان المنصب قد تم حجزه لقوباد نجل الطالباني مقابل منصب نجل البارزاني. ويعتقد الكاتب انه ومن خلال هذه الخطوة يتم الاستعداد ليتولى قوباد الطالباني منصب رئاسة الحكومة مستقبلاً. يعمل قوباد الطالباني ومنذ سنوات مسؤولاً لمكتب حكومة اقليم كردستان في واشنطن، وكما أعلن السكرتير القانوني لمجلس الوزراء فان قوباد الطالباني سيعود الى كردستان ويشغل منصب رئاسة دائرة التنسيق والمتابعة. ويقول آريان محمد ان هذه الخطوة للعائلتين الحاكمتين في اقليم كردستان ستمحو "وهم الديمقراطية" وان توزيع المناصب على أبناء الرئيس يؤدي بالنظام السياسي الى الانغلاق ويمنحه طابعا ملكياً. من هذا المنطلق يقول "ما تفعله عائلتي الطالباني والبارزاني يكشف ان المناصب في اقليم كردستان باتت توزع على أساس التقارب والزيجة وليس على أساس العلوم والقدرات". ويشير الى ان الطالباني والبارزاني يقومان بجلب نموذج نظام سياسي مرفوض الى كردستان التي تأثر شارعها شهورا بالربيع العربي في مظاهرات العام الماضي في السليمانية. وأضاف "تجربة الدول العربية أثبتت انه لا يوجد مكان للسلطة الموروثة، وعند انفجار غضب الناس سيتم تنحية الوالد ونجله جانباً". عن (نقاش)
|