بعد قطيعة استمرت 3 سنوات: الأكراد يعودون إلى حكومة نينوى |
المقاله تحت باب قضايا نجح محافظ نينوى أثيل النجيفي في خطوته الأصعب، واستطاع ان يقنع الأكراد بالعودة الى مقاعدهم في مجلس المحافظة بعد مقاطعة استمرت ثلاثة أعوام كاملة. حدث ذلك بعد سلسلة لقاءات قام بها النجيفي مطلع العام الحالي مع قيادات في اقليم كردستان، أبرزها الرئيس مسعود البرزاني، في وقت بدأ فيه العرب المقربون منه يتهمونه بالخيانة، لانه انفرد بالرأي وحمل غصن الزيتون من جانب واحد. المحافظ ذاته كان السبب في المقاطعة بعد ان فاز تجمع "الحدباء" (عربي) الذي كان يتزعمه وسيطر على كافة المناصب الحكومية في نيسان (أبريل) 2009، رافضا منح الأكراد أي منصب. وقتها، انسحب أعضاء "المتاخية"، وخرجت معهم 16 وحدة إدارية ذات أغلبية كردية عن سلطة المحافظة، وصارت تدار من قبل إقليم كردستان ضمن ما يعرف بالمناطق المتنازع عليها. وتشغل كتلة "نينوى المتاخية" 12 مقعدا من أصل 36 هي عدد مقاعد مجلس المحافظة، فيما تشغل قائمة الحدباء 19 منها، فضلا عن ثلاثة للحزب الإسلامي العراقي وثلاثة أخرى موزعة على الأقليات المسيحيين، والايزيدية والشبك. النجيفي وهو خصم قديم للأكراد، كان في استقبال العائدين في 2 نيسان الجاري مع خمسة اعضاء فقط هم المتبقون من حلفائه في "الحدباء" التي تشهد انقسامات متتالية. ترحيبه الاحتفالي بمقدمهم جرى في مبنى تابع للمحافظة في اشارة الى إنجاز تحقق له بعد قطيعة كردية استمرت نحو 36 شهراً. مراسل “نقاش“ كان حاضراً في مؤتمر صحفي عقده المحافظ بالمناسبة وكان الأعضاء العائدون متحلقين حوله، وسأله إن كان ما يجري، هو تحالف وشيك بين القائمة العراقية التي ينتمي إليها تجمع الحدباء، والتحالف الكردستاني والمتآخية جزء منه. وإن كان هدفه بغداد وليس نينوى فحسب، لمحاولة ثني المالكي عن الانفراد بالسلطة كما ألمح النجيفي سابقاً. المحافظ أجاب متحمساً أن "الطرفين يشعران بوجود تهديدات حقيقية اكبر من خلافاتهما التي كانا منهمكين فيها"، وأن "عليهما إعادة صياغة الوضع العراقي برمته وإنقاذ البلد مما قد ينزلق اليه". دون ان يستبعد احتمال قيام تحالفات مستقبلية فيما بينهما "تضم كافة المكونات الاثنية". ورغم الاعلان عن عدم وجود شروط مسبقة لعودة اعضاء المتآخية الى مجلس المحافظة، الا ان أبرز الحلفاء العرب السابقين في قائمة الحدباء، وهو عبد الله حميدي عجيل الياور، رئيس حركة العدل والاصلاح، المسيطر على 11 مقعد في مجلس المحافظة اتهم اثيل النجيفي بالانحراف عن المبادئ التي اتفقوا عليها، وشكلوا على أساسها القائمة. من بين تلك المبادئ إخراج قوات البشمركة والمخابرات الكردية من 16 وحدة إدارية تابعة لنينوى تسيطرعليها منذ سقوط نظام صدام في 2003، وإبعاد هذه المناطق عن الطموح الكردي بالحاقها بالاقليم وفقاً للمادة 140 للدستور العراقي، المتعلق بالأراضي المتنازع عليها. واطلاق سراح مواطني نينوى المعتقلين في سجون الاقليم. خصوم النجيفي رجحوا ان يكون انحراف بوصلة أثيل النجيفي صوب كردستان بعد طول نفور، سببه فقدانه لشعبيته بين العرب، ومحاولة منه البقاء ولايةً ثانية في مبنى المحافظة، مدعوماً هذه المرة من ناخبين كرد او موالين لهم في الشق الايسر من محافظة نينوى، حيث وجودهم الجغرافي. من أبرز هؤلاء عبد الرحيم الشمري رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس محافظة نينوى، الذي وضع خمس نقاط على طاولة أول لقاء مكتمل النصاب في مجلس المحافظة. وورد فيها نقل المعتقلين من مواطني نينوى من سجون إقليم كردستان، ومنح الوثائق الشخصية للمواطنين العرب الذين هجروا على يد الاكراد بعد 2003 من أقضية ونواحي في شمال محافظة نينوى. كما طالب الشمري بأن تسمح قوات الامن الكردية المسيطرة على قضاء سنجار للأهالي هناك ببناء المنازل او ترميمها، وأن يفرج اقليم كردستان عن 150 ميكا من الكهرباء لصالح نينوى، كانت الوزارة المختصة في بغداد قد دفعت اجورها منذ نحو عام. وكتعبير عن سخط الشمري، من الوضع السياسي الجديد في نينوى وعدم قناعته به، كان مطلبه الاخير فيه لمسة ساخرة، وإيحاء بتنازلات قدمها المحافظ دون ان يحقق شيئا على الارض، عندما طالب قوات البيشمركة "السماح للمحافظ بزيارة المناطق التي تتبع نينوى ادارياً، وتدار من قبل الاقليم، كسنجار، والشيخان". ولمحاولة التأثير على الشارع في نينوى، والتقليل من شان المكسب السياسي للمحافظ، ظهر ممثل آخر عن حركة العدل والاصلاح، وهو محمد الجبوري رئيس لجنة الطاقة والخدمات في مجلس المحافظة، وقال لوسائل الاعلام، أن سبب عودة اعضاء المتآخية هو للحصول على رواتبهم الاسمية والتقاعدية لاحقا، لانهم لن يستحقوها في حال لم تكن لديهم خدمة لاتقل عن سنة في مجلس المحافظة، بموجب قانون مجالس المحافظات العراقي. وهو ما أثار حفيظة قاسم صالح رئيس قائمة نينوى المتآخية في المجلس، وراح يؤكد أن قرار قائمته بانهاء المقاطعة جاء "لتحقيق مصلحة اهالي نينوى ولترسيخ مفهوم الوحدة ين المكونات المختلفة في المحافظة"، معربا عن استغرابه من تصريحات الجبوري التي وصفها بانها "تضر بمصلحة المحافظة ومشروع الوحدة الحقيقية فيها". تفسير العودة من وجهة نظر الحزب الاسلامي العراقي أخذ منحاً اكثر تشككاً، وقد عبر عن ذلك يحيى عبد محجوب ممثله في المجلس، وطالب قيادتي الحدباء والمتآخية، بالاعلان عن ما وصفه بـ "الصفقة المخفية". كما طالب مجلس المحافظة بفصل الأعضاء العائدين حسب العقوبة التي يقرها قانون مجالس المحافظات لتغيب الاعضاء اكثر من اربعة جلسات، وانتقد المحافظ لترحيبه بعودتهم، ولعدم استشارة القوى السياسية في نينوى قبل الاقدام على خطوته. ورغم ان نوعا من الارتياح ساد الاجواء في مدينة الموصل، عقب الاستقبال الاحتفالي لأعضاء المتآخية من قبل المحافظ، الا ان هناك سحابة قلق تطوف سماء المدينة لاسيما بعد ان اعلن النجيفي عن ترحيل القضايا الخلافية مع الاقليم الى مجلس النواب العراقي، ما يعني أن حلها قد يستغرق المزيد من الوقت. ويقصد النجيفي بتلك الملفات، مشكلة الاراضي المتنازع عليها مع الإقليم الكردي، ووجود قوات البشمركة داخل حدود المحافظة، وقالها صراحة لنقاش: " المادة 140 ليست من اختصاصنا كمحافظة نينوى بل هي مسؤولية مجلس النواب العراقي". وأضاف: "هذا الخلاف يمكن ان نحله بالحوار وان لا يكون هناك قرارات منفردة من جهة دون الاخرى". لكن المحافظ حرص - ربما كي لا يخسر المزيد من الحلفاء العرب - على تأكيد رفضه ضم جزء من نينوى لاقليم كردستان، وقال "نحن نتمسك بالحدود الإدارية للمحافظة، وعند إقناع الاقليم بعلاقة آمنة مع نينوى سنعيد وحدة المحافظة". |