مائة يوم من الصراع الخدمي والسياسي في نينوى |
المقاله تحت باب قضايا نقاش | عاشت الحكومة المحلية في نينوى في الأشهر الثلاثة السابقة سباقاً مع الزمن، فمن جهة أرادت أن تثبت للمواطنين كفاءتها في إدارة الملف الخدمي مقارنةً بباقي الحكومات المحلية، فيما سعت من جهة أخرى إلى تفويت الفرصة على خصومها، فرصة إسقاطها بتهمة عجزها عن أداء مهامها. ما أن أعلن رئيس الوزراء عن مهلة المائة لتحقيق إصلاحات خدمية وإدارية حتى أخذ المحافظ وأعضاء مجلس المحافظة يظهرون بشكل يومي عبر وسائل الإعلام، في ندوات تضم مدراء الدوائر الحكومية، لمناقشة احتياجات المحافظة الأساسية، وإظهار ما تحقق من إنجازات حتى وإن كانت من قبيل الواجبات اليومية لتلك الدوائر. وبدا أن الشعور السائد لدى أعضاء الحكومة المحلية في نينوى، أن الحكومة المركزية تستهدف إقالتهم من خلال برنامج المائة يوم الذي أطلق في 27 شباط فبراير الماضي وانتهى في 7 حزيران يونيو الجاري. فمنذ أن اندلعت المظاهرات في عموم مناطق العراق قبل أكثر من ثلاثة أشهر، وأحرق المتظاهرون في الموصل مبنى مجلس المحافظة، طلب رئيس الوزراء من المحافظ الاستقالة من منصبه، إلا أن الأخير رفض الإذعان وحمّل الحكومة المركزية مسؤولية تردي الخدمات. وفي خلال مؤتمر صحفي حضرته "نقاش"، قال النجيفي "في كل يوم مر من المائة يوم التي حددها رئيس الحكومة، كانت هناك مشكلة جديدة تحدث في محافظة نينوى، ومؤامرة تحاك من اجل النيل منها". وكان المحافظ يشير بذلك إلى مؤتمر عقده أحد شيوخ عشائر شمر إحدى أكبر عشائر المحافظة، تحت شعار "من أجل نينوى نحو التغيير والبناء"، شارك في حضوره قادة أمنيون مرتبطون برئيس الوزراء نوري المالكي، وصدر عنه بيان ختامي طالب بإقالة المحافظ وحل مجلس المحافظة. كما شملت إشارة المحافظ أيضا، تجمعا جديدا أعلن عن تأسيسه في الموصل في أيار مايو الماضي باسم "عراقيون"، وآخر باسم تجمع "صوت عالي"، كلاهما معارضان لحكومة نينوى ويطالبان بإسقاطها. ويقول محافظ نينوى أثيل النجيفي أن رد حكومته على هذا "التواطؤ السياسي" كان ردا خدميا. وذكر في تصريح لـ "نقاش" إن "نينوى ومن خلال التقارير الدورية الأسبوعية التي ترفع إلى مجلس الوزراء، حلت في المرتبة الأولى بين نظيراتها المحافظات العراقية الأخرى، بعد أن كانت المحافظة قد استنفرت طاقاتها، وإمكانياتها المتاحة، وهي بطبيعة الحال قليلة". وبالنسبة لما حققته نينوى خلال المائة يوم على الصعيد الخدمي، ذكر المحافظ أن دوائر معينة شهدت نشاطاً ملحوظاً كبلدية الموصل التي حددت منطقتي الزنجلي والحمدانية بالإعمار السريع حيث أن الأولى حي سكني شعبي كبير داخل مدينة الموصل، والثانية قضاء تقطنه أغلبية مسيحية شرق الموصل، مشيرا إلى أن محافظته"لا تستطيع أن تفعل ذلك في جميع مناطق المدينة خلال مدة قصيرة". وأوضح النجيفي أن أي إمدادات لم تصل نينوى من الوزارات في بغداد، وان "وزارة البلديات والأشغال العامة وعدت بإرسال مبلغ مالي يقدر بنحو مليار دينار (حوالي 850 ألف دولار) لإعمار منطقتي الزنجيلي والحمدانية، لكن لم يصل منها شيء لغاية الآن". كما أشار النجيفي أيضا إلى تخصيص محافظته عددا كبيرا من الصهاريج لنقل المياه الصالحة للشرب إلى مناطق في غرب وجنوب غرب نينوى تعاني من أزمة نقص في مياه الشرب. أما فيما يتعلق بالطاقة الكهربائية، فقال المحافظ أن تجهيز الكهرباء الوطنية للمحافظة بقي على حاله، إذ لا تحصل نينوى إلا على ثماني ساعات يوميا من الكهرباء كحد أعلى. لكنه أشار إلى "زيادة طفيفة" طرأت على معدل تزويد الكهرباء بعد أن قررت الحكومة توفير الوقود مجانا لأصحاب المولدات الأهلية. من جهة أخرى، شهدت محافظة نينوى خلال مدة المائة يوم التي انقضت زيارات ميدانية لعدد من الوزراء، لتحفيز الدوائر التي تتبع وزاراتهم. ولم تخلُ بعض تلك الزيارات من الاستعراض ولفت الانتباه، كما فعل وزير البلديات والأشغال العامة عادل مهودر، الذي ظهر في اجتماع موسع عقد في مبنى محافظة نينوى منتصف نيسان أبريل الماضي، وكان يرتدي زي عمل ميداني أزرق اللون (بردسون). ورغم أن وزارة البلديات بدأت بعدها بتوزيع قطع أراضي سكنية على عائلات الشهداء والمصابين، ورفعت مديرية بلديات نينوى وبلدية الموصل من نشاطهما، وشرعت الأخيرة وللمرة الأولى منذ عام 2003 بحملات تنظيف ليلية في مدينة الموصل، إلا أن مسؤولين في محافظة نينوى اتهموا الوزير بعدم تنفيذ وعود قطعها. من بين تلك الوعود إنهاء مشكلة توقف مشروع محطة للمياه يطلق عليه (حليلة) جنوب الموصل، وهو معطّل منذ عدة أشهر على أثر خلاف بين الوزارة وشركة كونكورد الفرنسية المجهزة، فضلا عن توقف مشروع ماء (تل عبطة) في جنوب الموصل أيضا، بالإضافة إلى عدم إرسال الوزارة تخصيصات تبلغ حوالي مليار دينار عراقي لإعادة إعمار مناطق متضررة. من جهتهم، أكد مواطنون التقتهم "نقاش" في مدينة الموصل، على أنهم لم يلمسوا شيئا مهماً على مستوى الخدمات خلال مدة المائة يوم، باستثناء حصولهم منذ يوم 3 حزيران يونيو على ساعات ليلية إضافية من الكهرباء. وتركزت مطالب المواطنين الذي التقتهم "نقاش" على حل مشكلات الكهرباء والماء والطرق والسكن، وبناء مدارس ومستشفيات وتوفير وظائف جديدة، وفوق كل ذلك استقرار أمني وسياسي، وهذان أهم ما تفتقران إليهما نينوى في الوقت الحالي. أما المحافظ أثيل النجيفي، وبالرغم من استعراضه عدد من الانجازات نسبها إلى حكومته، إلا أنه قال "لم تحصل أشياء جوهرية أو كبيرة خلال مدة المائة يوم، لأن قرار تحديد هذه المدة لم يكن مدروساً أبدا، ولم يتم التخطيط له بشكل جيد". وأضاف "إذا فكرنا بإنجاز مشروع ما، ينبغي أولاً أن نخطط له، ونرصد الأموال اللازمة، وهذا لم يحدث، وبالتالي فان برنامج المائة يوم كان تحفيزي لا أكثر". |