المقاله تحت باب في السياسة في
11/01/2011 06:00 AM GMT
قصدتُ معرض الشَّارقة مع الفيزيائي محمد عاكف، أحد الكوادر العلمية المنتظرة بالخارج، وحرصنا على زيارة زاوية وزارة الثَّقافة العراقية، الممثلة بدار الشؤون الثَّقافية فيها، على أمل إيجاد ما لا نجده عند ممثليات وزارات الثقافات العربية أو الأجنبية، لكن للأسف خلت حتى مِن «خفوق سراب» (العبارة لمهدي الجواهري)، فيها دواوين شعر مسؤول الدَّار، وكتابان أو ثلاثة تحمل لقب مدير الدَّار نفسه، ولما سألت عن الشَّخص قالوا إنه قريب مسؤول الدَّار. عدا هذا هناك مجلتا «الأقلام» و«المورد»، وقد طبعتا بهيئة تبكي البعيد قبل القريب، لا مِن حيث المواد، ولا مِن حيث فن الطباعة ونظافته، خالية مِن الرَّونق، تعافها النَّفس. وزارة الثَّقافة، مِن الوزارات التي حطمت برئاسة البعداء عن الثَّقافة، وكأن هناك مقاصد مِن تحطيمها إلى حد لم تتمكن معه مِن عرض مرض في معرض دولي، وكأن بعثتها كانت مِن أجل حمل دواوين الشِّعر تلك، وما نشره قريب المسؤول. لا نتحدث عن النِّظام السَّابق، وما فعله في الثَّقافة العِراقية، وكيف جعلها واجهة لحزب ثم لشخص، وكيف رأس عليها مَنْ لا شأن لهم بالثَّقافة، كله موجود في الذَّاكرة، لكن ليس مِن المعقول أن نبقى نعلق الانهيارات التي تلت على شماعة. العِراقيون ليسوا وحدهم الذين يسمون حاملة الملابس بالشِّماعة، إنما العديد مِن شعوب الخليج والجزيرة أيضاً، وهي تلك الأداة المنصوبة في زاوية غرفة النَّوم عادة، يُعلق عليها ما يستعمل يومياً مِن الملابس، لكنها تصل إلى حد لا تتحمل كثرة الملابس فتنحرف عن قاعدتها وتسقط بما عليها. أظن أن شماعتنا (النِّظام السَّابق) وصلت بعد ثماني سنوات إلى هذا الحد، وغدت لا تحتمل الزِّيادة مِن تعليق النَّواقص والذنوب عليها، في كلِّ مناحي الحياة. فالذَّين ولدوا يوم التَّاسع مِن نيسان (أبريل) 2003، بلغوا الآن سن التَّعليم، والنَّظر في الثَّقافة، فما لهم وتلك الشماعة! هؤلاء المولدون، في ذلك اليوم، كانوا مصدر فأل وخير لأهلهم ممَن تأملوا بحياة أفضل، وإن كانت عبر احتلال وهيمنة الجيوش وهمجيتها المعتادة، مهما كانت نيتها، ومهما حسن غرضها واختلف دينها ومذهبها، لكن تدريجياً سيكون هؤلاء المولودون مصدر شؤم لأنفسهم، لأنهم يتذكرون ذلك اليوم، وكأن لسان حالهم يقول: لو تركتمونا نحلم! وزارة الثَّقافة ظلمت بوزير كان شرطياً (ضابط شرطة)، ومِن الشُرطة تحول إلى التِّجارة، فمِن حقه أن يصف المثقفين والأدباء بأنهم غواة رذائل، ونعلم مَنْ يجامل بنعته هذا! ثم وزير إرهابي، ولو قيل أنه كان مهندساً، إلا أن صنعته المأخوذ بها مؤذن وخطيب مسجد، ويا ليته كالمؤذنين والخطباء المحترفين، والذَّين لا يبغون سوى التذكير بالصَّلاة، لكنه حَمل الأذان على صوت الرَّصاص. التقيت بهذا الرجل، وكنت مدعواً لمشاركة ثقافية، ورفضت الذهاب لاستقباله كوزير ثقافة، ولما ألح عليَّ منسقو المناسبة قلت: إذا قلتم مؤذن سأذهب إليه، لكن أن تقولوا وزير الثَّقافة فإنه يصعب علي الكذب على نفسي إلى هذا الحد. لكن، ليس اللوم على الشُّرطي أو المؤذن، بل على مَنْ رشحهما، وعلى مَنْ قبل بهما في وزارتيهما، والسَّبب ليس خافياً، أن الثَّقافة في عرف ولاة الأمر مثلما وصفها وزيرها: بيت للرذيلة! وكيف لا تكون كذلك والوزارة واحدة مِن مساومات المحاصصة، سُنِّي لوزارتها، شيعي وكردي لوكالتها، لكن لا شيعة ربحت منها، ولا سُنِّة تفوقت ثقافياً عبرها. لذا أجد مِنْ العبث الأمل في رؤية زاوية الثَّقافة العراقية، في معرض دولي، بأفضل مما رأيت.
|