سياسة الكـلـْب الوحـيد

المقاله تحت باب  قضايا
في 
03/12/2010 06:00 AM
GMT



بالرغم مما عممه الكونغرس الأمريكي على المتحدثين العسكريين في الفترة الأخيرة من قاعدة - لاتسأل احدا ،لا تخبر احدا ،لأغراض الأمن القومي ،فإن جدل الجنرالات الأخير يمثل نبرة اختلاف حول مستقبل الوجود الأمريكي الدائم في الخارج . إنه جزء من حوارالأختلاف المتواصل على جوهر الدولة الأمريكية ؛ الجمهوري ام الأمبراطوري الذي بدا ولم يتوقف منذ عهد التأسيس، برغم الشكل الرسمي الجمهوري الدستوري الفيدرالي  المعلن للولايات المتحدة الأمريكية .
الإختلافات التي ظهرت على السطح مؤخرا بين الجنرال جيمس آموس ، قائد قوات المارينز ومجايله الأدميرال البحري مايك موللين رئيس تشكيل قادة الارتباط ، يرسم انطباعا عن كرة الثلج الأمريكيه المندفعة حيث الأخطاء والكوارث مستمره ،وامريكا ايضا مستمرة بحسب كوندليزا رايس.  ويقف آموس ضد سحب القوات الأمريكية وهي ما تزال في حالة قتال ( وهو تعريف لحالة غير متفق عليها في الأدب السياسي الأمريكي ) بل انه يشارك العديد من الجنرالات وكبار الضباط الذين خدموا في العراق وافغانستان الضغط على ادارة اوباما لمزيد من التروي المدروس وعدم خلخلة الهدف العسكري الأستراتيجي بقرارات سياسيه لأغراض داخلية.
قائد ضباط الأرتباط موللين يجد ان ما يحصل من سحب للقوات يتلاءم مع عقيدة اعادة تأهيل القوات في قواعدها الرئيسية دون التعارض مع ستراتيجية البقاء النوعي وتنشيط الضغط والفاعلية الأمريكيين اعلاميا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا في البلدين !!
 والضباط الذين خدموا في العراق وافغانستان وتجري مناقلتهم بين البلدين، يعلنون عدم توافقهم مع تشكيلة المستشارين المدنيين المحيطين بأوباما حيث تسبب هؤلاء بتعميق شقة الخلاف بين الجيش والبيت الأبيض منذ الخريف الماضي . واعيد الى الذاكرة هنا نموذجا للدراما الأمريكية في اختلاف قراراتها ومضاعفاتها في بلدين يعاني شعبيهما من محن كبيرة . فقد عين ستانلي مكريستال – 1954 قائدا للقوات الأمريكية في افغانستان ، في مايس 2009  خلفا للجنرال ديفيد مكرنان – قائد الفرقه الثالثه في العراق سابقا . ومَثـُل مكريستال امام الكونغرس ليتحدث عن آفاق الحرب على الأرهاب والتقى اوباما ونائبه ووزير دفاعه. ولمقدرته ونجاحاته في افغانستان اختارته مجلة تايم الأمريكيه في كانون اول 2009 كواحد من بين مائة شخصيه تسهم في تغيير صورة العالم . لكنه في حزيران 2010 وعلى اثرالخلافات بين الجيش والبيت الأبيض ، وجه نقدا لاذعا وسخرية مريره للرئيس اوباما وفريق مستشاريه ونائبه ووزير دفاعه ومستشاره للأمن القومي جيم جونز معتبرا اياهم (مجموعه من الجنرالات الذين يراقبون الحرب على الشاشة في استوديو مكيّف ) مؤكدا نقده لقرارسحب القوات من البلدين ناقلا استياء المؤسسه العسكرية الأمريكية . وفي تموز 2010 اعلن اوباما احالة مكريستال على التقاعد براتب جنرال بأربع نجوم . هذا الشكل من العلاقه بين اركان العسكرتارية الأمريكية والأدارة  نموذج للجدل القائم الذي اختصره القائد السابق للقوات الأمريكية ريموند اوديرنو بأنه الأختلاف على ( نوعية البقاء العسكري المطلوب لما بعد الأنسحاب ) . وتجيء الزيارات والنشاطات التي يقوم بها السفير الأمريكي ببغداد جيفري جيمس  والجنرال لويد اوستن جيمس قائد القوات لأمريكيه الجديد ، لتأكيد الأنسحاب واهمية الأتفاقيه الأستراتيجيه كضمان اكيد للبلدين ولأنها تحمل الحل لكل الأشكالات والنواقص التي وردت في تقريرالمفتش العام للبنتاغون حول وزارتي الداخليه والدفاع ومااثاره من ردود كاشفه لحقيقة الرغبه الأمريكيه بالبقاء .
 ان البراءة الأمريكية لا تزكيها حوارات الجنرالات ولابنود الإتفاقيات ولا النوايا بخاصة ان تاريخ امريكا يضم 252 تدخلا خارجيا لأقامة الأنظمة التي ارادتها ، وقراءة الوثائق المشتركة بين البلدين وخصوصا اطارالأتفاق الأسترتيجي كمقدمه عامة و البنود الثلاثين للأتفاقية الأمنية تشير الى مفردات الأستقلال والديموقراطيه ، وضمان سلامة اراضي العراق ومواجهة ما قد يتهدده ، لكن ما قاله الجنرال  جيمس كانوي ضمن حوار الجنرالات احد قادة المارينزخلال الأحتلال وبطل هجوم الفلوجه يشير الى : ان من يكرس الإعتقاد بأننا اتممنا الهدف فإنه واهم .
وقد وردت اشارات عديدة الى ان القوات الأمريكية من خلال الشركات العملاقة مثل شركة كي بي ار وغيرها قد اقامت قواعد كبيرة بمثابة مدن امريكية تمثل قلاعا هجومية دفاعية في اهم اربعة او خمسة مواقع عراقية ؛ قاعدة عين الأسد في كي – 1 وتمثل نمطا اقليميا للقواعد وواجباتها وقاعدة انا كوندا في بلد – وهي نموذج للطاقه الأستيعابيه وحركة الطيران والأمداد والقاعده الجوهريه – ليبرتي عند مطار بغداد وهي قاعدة مستقبلية الأبعاد نموذجيه ضخمه ، الكاسيك في شمال العراق بشكل يشير الى وقائع مختلفه على الأرض !! التفاصيل التي اعلنت عن طبيعة هذه القواعد ومحتوياتها واهدافها لاتشير الى هدف منظوراو منجز وبخاصة ان اشارات كثيره وردت عن دور العراق المستقبلي في اسناد حضور حلف الأطلسي اقليميا !! وبينما تكون قاعدة دلتا قرب الكوت مكانا استطلااعيا وتتبعا لوسائل الأتصال فأن  مراقبة الأحوال عندنا ستتم من جيران العراق الجنوبيين . السفارة الأمريكيه لوحدها  التي تبلغ كلفتها التشغيليه مليارونصف سنويا بوجود 15 الف رجل ،لاتتشابه مع تعليقات العميد جيفري بيوكانن الناطق بأسم القوات الأمريكيه في العراق التطمينيه الأسبوع الماضي . وبرغم ان تعبير سياسة الكلب الوحيد  صينية الأصل حيث  تنظم بقانون اقتناء الكلاب في الصين رسميا الا ان الصحافة الألمانيه تستعملها كلما اشارت الى العالم احادي القطب الذي تديره دوله عظمى كثيرة الأخطاء يتورط دائما اقطاب حلف الأطلسي بتصحيحها. جو بايدن يعتبر شراكتنا ديناميكيه وتؤكد مصلحة الولايات المتحده في الحفاظ على مكاسبها في العراق ، وحتى نتأكد من عبارة جوليان اسانج صاحب ويكيليك وهو يقدم الموجة الجديدة من وثائقه : ان الأشهر المقبلة ستشهد ولادة عالم جديد يعاد فيه تعريف التاريخ العالمي ، تكون صفحات من هذا التاريخ المتعلق بمستقبل العراق قد تمت كتابتها.