أركـب دراجـة لأدفع الحيـاة بهـا إلـى الأمـام |
المقاله تحت باب نصوص شعرية القبو التجوّل في الرائحة داء عصري
كعادتها الضجّة ُ تحفرُ في الأعماق، وتقيم بين الأوردة كداء عصريّ، أنا أصلاً، حائرٌ بالأدواء، والعلاج لا يأتي من نجمة ... هنا الحجّارون يقصّون بمقصّات ٍ عملاقة الأحجارَ ويثلمون الريح في الجبل، ليس ثمة ضماد للسائل الأبيض في الحجر، ليس ثمة رشوشٌ لجرح كامن في حصاة . هنا عمال الطرقات بمثقاب ٍ إسطوانيّ كبير، يثقبون الهدأة َ، ويجوّفون الصمتَ كطبل ليقرعَه الهواء. ثمة من يُنكلُ بالتأمل ويحط من شأن الشرود، ثمة من يُزيح التمعّنَ جانباً ويركلُ الإنخطاف لدى الحائرين، ثمة من يفتحُ ثقباً في العزلة ويسرّبُ الأضواءَ إليها، لتتساوى مع الفوضى، لتتعايش مع الضغينة، الكلّ يصوم من أجل شيء ما، وليس هناك من يصوم عن الكلام، وحدها الضجّة تعلن البدء لسباق المسافات الطويلة، قاطعة الحياة إلى آخرها، قاطعة الطبيعة قِطَعاً ... قِطَعاً حتى النهاية . درّاجات حيثما سرتُ لقيتُ درّاجات مركونة تعبى ومنهكة، على السّرج حبّاتُ عرق على قرون الدرّاجة ِ ختمُ أنامل وعلى الدواليب بقايا هواء، حيثما سرتُ لقيتُ درّاجاتٍ حبيسة السلاسل، مسروقة الأعضاء، عزلاءَ في الظلام، مغسولة في المطر، أحياناً اركبُ درّاجة ً لأدفعَ الحياة بها الى الأمام لأمدّ الزمنَ قليلاً خارج قياسي. سياج عائلة رقم هاتفي الجديد
حين لمحتُ طرفاً من المجهول صُعقتُ، تغيّرَ كلّ شيءٍ فيّ، هاشمُ غادرني لغيري، جسدي تقزّحَ، وجهي تطيّفَ في طيف نورانيّ ٍ، الكاملُ لا يسعدني، أن الناقص يشبهني، أن المختلفَ تفكك في بنياني وتعدّد في الباطن، حين لمحتُ طَرَفاً من المجهول، هو شيءٌ لا يوصفُ، فالموصوفُ غيابٌ، هزّني، حرّك أنفاسي، وأنا الآن أعيشُ وراء المعلوم، قريباً من زرقتهِ، بيتي يقع في المهبّ، بابي منجورٌ من الهواء وشباكي مصنوعٌ من ريح ٍ وهاتفي موصول بسلك من النسيم، رقمه : 00 ÷ 1 + أثير. قطار الغابات قطارنا يقطع الغابات، يفرمها الى قطع خضراء، تتوهج في الليل، مثل فوانيس مصنوعة من اللازورد ِ، العصفورُ الحنطيّ يسحب حقلاً بمنقاره، الحمامة ُ تجرّ بيدراً، وأنا أجرّ سنواتٍ مثقلة ً بالحقائب، في كل حقيبة جرح يؤرّخ ماضيّ، كم رحلت فيما مضى داخل الرؤيا وكم سافرتُ في البريق الخاطف، أزرقَ الوجه، مأخوذاً بنداء بحـريّ، أخـــضرَ القدّ مخطوفاً بمخطوط ٍ لغابة، أصفر الوجنات مطعوناً بالذهب ِ، أقطع الأفق في قطار يقطع الغابات، الغيوم تسافر فوقنا والصقورُ تحرّكُ في طيرانها القمم الثقيلة َ وتثقبُ بمناقيرها الجبال الثلجية، وحدي في القـطار أقضي على الطريق وأسكره ُ بأقداح من الكحول. |