روائيون أميركيون يخترعون سيناريوهات سوداوية لزوال البشرية

المقاله تحت باب  منتخبات
في 
06/10/2010 06:00 AM
GMT



خلاص البشرية بزوالها؟ كلما طال انتظار الخراب الآتي من المجهول، قلّت فرص النجاة. وازدادت العذابات وحشية. وراح الموت يقفز على مقربة من الحياة. يلوّح بالنهاية ولا ينقضّ لاسترداد الأمانة. على حافة الحضارة المختنقة بذاتها، تتقدم الرواية الأميركية بأشكالها الدرامية الأحداث لتقول انه لا بد من موت رحيم للانسانية. يتمثل في استعجال قدوم نهاية العالم على ايقاعات مختلفة: الكوارث الطبيعية، الحروب النووية المدمرة، ظهور سلالات لا تقهر من الأمراض الفتاكة التي تحيا على قتل الانسان. سلسلة طويلة من الأسباب الكامنة خلف جدران الحقائق، تتربص بالحياة منذ فجر التاريخ لتحيلها ضرباً مذهلاً من العدم. وكأن الأرض تحن الى بداياتها الأولى عندما كانت غارقة في ظلمة التوحد الكامل مع الفراغ. مشاهد تقشعر لها الأبدان يقع عليها روائيون كثر في الولايات المتحدة. يستخرجونها من الأعماق السحيقة في الذاكرة المرتعدة. يلبسونها رداء العصر لتبدو من نسيج الألفية الثالثة التي باتت سجلاتها حافلة بسيناريوهات الموت الجماعي. ولعل هذه الروايات جميعاً لا تحتمل تأويلا رمزياً قد يستشف منه ان المقصود بهذه المشاهد المروعة التعبير عن أحلام مزعجة او مخيفة او كوابيس مرعبة تداهم المخيلة في النوم أو في اليقظة. لا شيء من هذا القبيل ابداً، لا يستخدم هؤلاء في رواياتهم اياً من هذه التقنيات والالاعيب النفسية للايحاء بأن نهاية العالم نمط من الارهاص الذي تعلو وتيرته في أزمنة القلق والخوف على المصير. العالم في الرؤية الداخلية لهؤلاء، لم يعد كما كان، لا يبقى منه سوى أشباح ذكريات لا تثير الحنين بقدر ما تبعث على الدهشة. كتّاب لا ينتظرون قدوم الموت على أجنحة انفجار نووي، أو زلزال كوني، او اصطدام لنيازك ضخمة بالأرض ضلت طريقها منذ ملايين السنين ثم اهتدت فجأة إلى الكوكب الأزرق. يعقدون العزم بدلاً من ذلك، على الذهاب مباشرة الى حيث يقيم الموت في ذاكرة الكون، أو مخيلة الانسان، أو الى حيث ينمو ويترعرع في "مصانع الهلاك" التي تحتفظ بها الدول العظمى احتياطياً استراتيجياً" ليوم النهاية المرتقب. والمقصود بذلك ان هؤلاء الروائيين يعمدون، على الأرجح، الى رؤية إستباقية مكثفة يلتقطون فيها عناوين عريضة وخيوطاً وتفاصيل مبعثرة يعيدون نسجها من جديد. واللافت ان هذا الخليط العجيب الذي يتعايش معه العالم رغماً عنه، هو المادة الفاعلة الأساسية التي يستخدمونها في رواياتهم من أجل ان يدفعوا بالانسانية جمعاء إلى حافة الهاوية.
الروايات التي يشار إليها، في هذا السياق، وضعها كتاب أميركيون فقط. إنها على هذا الأساس، من صنع المخيلة الأميركية بامتياز. وقد تبدو أيضاً، استجابة بشكل أو بآخر، لنمط من الحداثة السياسية والاقتصادية والتكنولوجية التي تختلف، في الجوهر، اذا جاز التعبير، عن مثيلتها الأوروبية. غير انها لا تتخلى عن موقعها في فلك الثقافة الغربية.وقد ظهرت جميعا باستثناء واحدة منها في العقد الأول من الألفية الثالثة. وعلى نحو أكثر تحديداً، خلال السنوات التي خيل فيها للولايات المتحدة ان انتقالها الى صيغة الامبراطورية أمر من شأنه ان يسد ثغرة واسعة في التايخ الحديث. والأهم بالنسبة اليها ان قامتها الضخمة عل الساحة الدولية تفترض بالضرورة هذه الصيغة لتتلاءم الطموحات بعيدة المدى مع الامكانات والمقدرات بعيدة الأثر. في هذه البيئة السياسية الصعبة أبصرت النور هذه الروايات وسواها من تلك الكثرة التي يتوقع اصحابها ان العالم مقبل لا محالة على دمار مؤكد. ولعل الصعود الصاخب للامبراطورية ومحاولة احتكارها اسباب الهيمنة والقوة والغطرسة ومن ثم هبوطها المفاجئ، قضيتان أضافتا ابعاداً الى هذه الروايات لا تخلو من القلق والاضطراب. ولربما جعلت من مشاهد نهاية العالم فيها، صوراً أكثر قسوة وانتقاما من البشر ومعاقبة لهم على مساهمتهم في استفحال الشر المتأصل فيهم في الأساس. ان تدهور أحوال الامبراطورية في مخيلة هؤلاء الكتاب، وفي ذاكرتهم ايضا، يوحي، على الأغلب بأن العالم يسرع الخطى نحو المتاهة الكبرى. نحو الفوضى الكلية، اذا صح القول، التي قد تقلب المقاييس الانسانية رأساً على عقب. قد يشتم في هذه الأعمال رائحة من هذا القبيل تبدو فاقعة احيانا وخافتة أحيانا أخرى. ومع ذلك، يستدل من هذه الاصدارات، ان الامبراطورية قد انهارت فعلا الى حالة قصوى من التشتت والتشرذم وانعدام القدرة على الامساك بمقاليد الأمور، والافتقار الى السلطة المركزية وهي أعظم انجازات الادارة السياسية على الاطلاق. والملاحظ كذلك، ان ثمة تقاطعاً حقيقياً بين هذا التصدع في جسد الامبراطورية من ناحية، وموجة الرياح العاتية التي تهب هذه المرة للقضاء على كل شيء من دون استثناء، من ناحية أخرى. ناقوس النهاية يعزف على وتر الاحساس بمجيئها. وكأن هناك موعداً مقدراً بين هذه وذاك. يوحي بعض هذه الروايات ان نهاية العالم كانت حدثاً متوقعاً للغاية. سواء اكانت نتيجة لحروب مدمرة أو كوارث طبيعية من ذلك النوع الذي يوجه ضربات سريعة ومميتة. أو بسبب تفجيرات نووية تشبه الاصرار على انتحار جماعي. او تفش لأجناس من الأوبئة والفيروسات التي تستعصي على العلاج فيجري الاستسلام لها بسهولة. ولعل في هذا ايضا قناعة بأن الحياة أصبحت ضرباً من المستحيل.
لا يقدم هؤلاء الروائيون على اصطناع مشاهد لنهاية العالم خارج الولايات المتحدة. بلادهم هي الضحية الأولى لهذا الغضب الكوني. والأرجح انه فعلاً كذلك وفقاًَ لرؤيتهم المذعورة لأنه من طبيعة غامضة يصعب فهمها أو تأويلها بالمنطق الاعتيادي. لا يعني هذا التصور ان المجتمعات الأخرى مستثناة من هذا البطش الكوني الذي سرعان ما ينقلب انتقاماً عنيفاً او أعمى لغريزة الفناء. وبغض النظر عن أسباب هذا المصير المحتوم الذي يترقب البشرية في الخفاء وفي العلن، فإن هؤلاء الكتاب لا يستهجنون قدومه. ولا يعتبرونه امراً طارئاً من خارج المعادلة التي يتعاقب عليها الموت والحياة. ثمة ما يشير، في هذا السياق، الى ان الفناء والبقاء شرطان ضروريان لاحتجاز الذاكرة في دائرة الخوف على الدوام. تشكل نهاية العالم المشهد الأخير، على الأغلب، من مسرحية الرعب هذه. يحضر الفناء بسرعة، هذه المرة، ليريح البشرية جمعاء من اختناقاتها، وتناوبها على الحياة والموت، وتشبثها الساخر بحبال الوهم، وتأرجحها بين الأكاذيب والخرافات. والأهم ان الفضاء الذي يخيم على هذه الروايات وسواها، يشيع بأن ما يسمى استقراراً للبشرية على الأرض، ليس الا هدنة قد تطول او تقصر. قد تمتد آلافاً مؤلفة من السنين ريثما يستجمع الفناء قدراته الطاغية ليعود من جديد بقهقهاته الهستيرية. الأزمنة وان تراكمت وتكدست بعضها فوق بعضها الآخر، فانه لن يكون بمقدورها ان تتجنب قدوم الوحش أو تحول دون وصوله. أو تحمله على ان يضلّ الطريق. نهاية العالم هي الهدف الحقيقي لهذه الاصدارات المدهشة.
ولا يهم بعد ذلك، اذا تمكنت حفنة من الناجين من هذا الغضب الآتي من المجهول، من ان تبدأ ثانية، رحلتها الى تكوين حضارة مزعومة. ولعل هؤلاء الكتاب لا يعبّرون عن هذه المشاهد المخيفة على نحو من تسجيل وثائقي لما يرونه على شاشة الذاكرة. وان كان بعضهم يتظاهر بأنه يفعل ذلك. غير انهم لا يتنكرون لضلوعهم المباشر في هذه المشاهد. صحيح أنهم يستوحونها من احتمالات صارخة تزداد وتيرتها قسوة كل يوم. كل منها قد ينطوي على جر العالم إلى حافة الهلاك في لحظة جنون أو رغبة في هدّ الهيكل على رؤوس الجميع. ومع ذلك، فهم من يبتكر السيناريوهات الرئيسية للنهاية المزعومة للحضارة البشرية. يقتبسون مادتها الأولية من المخاطر الكبرى المحدقة بالأرض. بعضها واقعي جداً. وبعضها الآخر قد ينكشف على تهديد بتخطى الواقع ليذهب بعيداً إلى الخوف الدفين في أعماق الغريزة. وسواء أكانت هذه أم تلك، فإن هؤلاء الكتاب قد حشروا أنفسهم في خانة هذه الرؤية الملتبسة التي تعتبر ان نهاية العالم هي الفرضية الأكثر ترجيحاً في الزمن المقبل.

تتفاوت الروايات الواردة أدناه تفاوتاً كبيراً من حيث الأجواء التي يتشكل فيها الحدث. وتتباين في شخصياتها ومناخاتها التي تعتمد تكثيف حالات الذعر لدى حلول مشاهد نهاية العالم. كل منها يعبر عن هذه الفضاءات المفتوحة على المجهول بمفرداته الخاصة به. وتراوح بين الوصف المباشر للتطورات التي ترافق الانقلاب المرتقب، والايحاء المكثف او المتقطع. وغالباً ما يتلازم الوصف والايحاء معا على نحو يقترب فيه الكتاب من الطبيعة الداخلية أو الخارجية لهذا التحول الكوني المذهل. من بين هذه الاصدارات رواية حظيت بأهمية فائقة ورواج استثنائي بعنوان "صيف نهاية العالم" للكاتب المعروف جايمس فان بيلت. عن منشورات "فيروود"، 2006. يتحدث فيها عن انتشار سلالات قاتلة من الفيروسات التي داهمت الولايات المتحدة والعالم من دون سابق انذار. وقد أسفرت عن موجة من الأمراض الفتاكة التي قضت دفعة واحدة على الأكثرية الساحقة من البشرية. شاب في الخامسة عشرة من ولاية كولورادو الاميركية يعقد العزم على البحث عن أبيه. يبدأ رحلته الموحشة وسط الاف الجثث المكدسة الملقاة في كل مكان. وكأنها أرتال من الذباب. تنهش فيها الذئاب التي استمدت من الوباء قوة إضافية فازدادت توحشاً وافتراساً. ينضم هذا الشاب إلى قافلة من الناجين. يسيرون معاً في أراض أميركية تحولت من النقيض إلى النقيض. من الخصب إلى اليباس. لم تعد تصلح الا لدفن الأموات.
يتعرف في هذه الأثناء إلى الجوانب المظلمة في الانسان. ويدرك ان الصراع من أجل البقاء أصبح الشعار الجديد لما تبقى من بشرية ضئيلة العدد كثيرة الشرور ضعيفة الذاكرة. باتت من جنس الوباء الذي ينقض على فريسته ليأكلها حية ثم يقتلها بعد ذلك. نستشرف من تعاقب الأحداث ان الشاب المذكور يمثل الرمز المرتقب لحضارة انسانية قائمة من تحت الأنقاض. ومع ذلك، لا يقترب الكاتب من هذه المسألة، يبقيها طي الكتمان. يصور العالم وهو ينهار. يكتفي بهذا القدر. لا يكترث لقيام حضارة مزعومة ستشهد من جديد نهاية للعالم.

التحول المذهل
اصدار آخر بعنوان "نهاية العالم: زلازل، علم الآثار ولعنة الله" للكاتب المشهور ايموس نور، عن "منشورات برنستون" 2008. يستخدم المؤلف في هذا الكتاب اجواء مختلفة من بث الذعر والتشويق. لا يعمد الى تصوير مشاهد لنهاية العالم، كما فعل زميله السابق. ينصرف، بدلاً من ذلك، الى تهيئة الأرضية المناسبة لهذا التحول المذهل. يتذرع بشواهد تشير الى كوارث أرضية حصلت في المكسيك وفي مناطق أخرى تقع شرقي البحر المتوسط ليزعم ان دماراً مماثلاً على وشك ان يقع على نحو اكثر فداحة وضرراً هذه المرة. ويزداد القلق خطورة، ويتحول الترقب الحذر ايذاناً بأن الكارثة ستفاجئ الناس بين ليلة وضحاها. لا شيء يحول دون ذلك، خصوصاً وان الاشارات التي يدونها المؤلف مقارنة مع مثيلات قديمة لها، باتت تدل على ان العالم قد دخل فعلاً في نفق النهاية. ولعل هذا الفناء المتوقع لا يقتصر فقط على المنطقتين المذكورتين في المكسيك وشرقي المتوسط. يستنبط الكاتب دلائل أخرى أكثر ايحاء بالموت المحقق. يعود، في سياق رفع وتيرة الخوف، الى ارشيفات قديمة تتناول تاريخ الزلازل الكبرى التي تعرضت لها الأرض. يعيد قراءتها على خلفية المدونات الحديثة ليكتشف ان البشرية على موعد هذه المرة مع موجات اكثر عنفاً وتدميراً بما لا يقاس. ينحو باللائمة على تقاعس علماء الزلازل لافتقارهم الى معرفة حقيقية بالكيفية التي تثور فيها الأرض على نفسها وعلى من فيها. ويرى ان حضارة الزمن الحالي تكاد لا تفترق عن مثيلاتها القديمة والمغرقة في القدم من حيث رهاناتها الخاطئة على معايير علمية لا تجدي نفعاً. حصدت نتيجة لذلك خرابا ساحقا ماحقا، ومن المتوقع ان يحصل الأمر عينه للبشرية في الوقت الحالي. يبدو هذا الكتاب من تلك الفئة التي تثير ضباباً كثيفاً ورعباً مديداً حول نهاية العالم من دون ان ترفع الستارة عن فظاعة هذا المشهد. تبقى البشرية، بذلك، معلقة بين الفناء والبقاء المهدد بالزوال.

أوبئة فتاكة
رواية أخرى لواحد من أكثر الكتاب شهرة في تصوير نهاية العالم، هو كريغ ديلوي. الاصدار بعنوان "الضرس والظفر" عن منشورات "شميدت هاوس بوكس"، 2010. لا يحتاج المؤلف الى أسباب تخرق المألوف من أجل ان تذعن الحياة لارادة الزوال. لا يظهر ميلا الى التذرع بظواهر غامضة تهاجم الأرض من داخلها أو خارجها ليبرر بأن كارثة كونية بهذا الحجم تفترض بالضرورة أسباباً غيبية يستعصي فهمها على العقل البشري. لا يلجأ الى شيء من هذا القبيل. يذهب مباشرة الى إلقاء الضوء على أحد الأمراض الشائعة التي تصيب الحيوان، وقد تنتقل منه الى الانسان. يختار داء الكلب بالتحديد ولكن بعد أن يطرأ عليه تحول خطير يحيله فيروساً قاتلا تعجز عن مداواته الأدوية المعتادة. يستفحل هذا المرض على نحو يصبح لجمه أو الحد من انتشاره أمراً مستحيلاً. فترة قصيرة وتقع الولايات المتحدة بأسرها في قبضة فيروس الكلب.
تعلن حالة الطوارئ في البلاد لمواجهة نهاية العالم هذه. ويدب الذعر في العالم أجمع لمحاولة انقاذ ما يمكن انقاذه. ولكن من دون جدوى تذكر. يتحول الصراع شرساً لا رحمة فيه بين الانسان والانسان. أحدهما جعله الداء كائناً يبحث عن الاحياء ليقتلهم، والآخر يسعى بامكاناته المتواضعة ليتجنب الاصابة بالفيروس. مشاهد يصورها المؤلف على وقع اللحظات الأخيرة التي تسبق الفناء وهو ينتقل من مجتمع الى آخر.
من بلد الى آخر من دون عوائق تذكر، تحل النهاية بالتدريج. البشر يتناقصون يوماً بعد آخر. الموت هو الثابت الوحيد. والحياة عرضة للانهيار المريع. وعلى القلة ممن بقوا على قيد الحياة ان يتعايشوا، بحكم الأمر الواقع، مع هذا القناص الماهر الذي يصطاد الناس في اللحظة التي يختارها هو. نهاية للعالم من قلب هذا العالم. الحضارة تأكل نفسها بنفسها لتصبح حضارة للموت بامتياز.
على نقيض الرواية السابقة، يستقدم الكاتب المشهور، لوري هاندلاند، كائنات خرافية من خارج الأرض. من حضارة مختلفة لا تمت الى الانسانية بصلة، ولعلها قد وجدت في الأساس من أجل القضاء على البشرية عندما تحين اللحظة المناسبة. تنطلق نهاية العالم، هذه المرة ايضاً من الولايات المتحدة. من ولاية لوس انجليس بالتحديد. فتاة أميركية تدعى اليزابت فينكس، تأخذ على عاتقها إنقاذ البشرية من وحوش حطت على الأرض من الجحيم. الخرافة، في هذا السياق تصبح حقيقة فوق الحقائق. والأغلب ان الكاتب يشرع روايته بالكامل، على زمن الخرافة، وهو ينتمي، في هذا السياق، الى سلسلة من الروائيين الذين باتوا يعتبرون ان الخرافة عامل ضروري لانقاذ الرواية من الواقع المقفل على ذاته. الهواجس التي تمتلئ بها الذاكرة الخائفة من كل شيء تنكشف في الرواية على مشاهد مرعبة لنهاية العالم. ولربما يوحي الكاتب من جراء لجوئه الى هذا الفضاء الخرافي الشاسع، بأن مخاوف الانسان المعاصر المكبوتة في أعماقه ستفيق ذات يوم لتجعل من الحضارة هباء منثوراً. تراوح الرواية بين سيناريوات القتل المروع الذي تقوم به الكائنات المتوحشة من جهة، وسيناريوات مناقضة تماماً تتمثل في اقدام الفتاة على محاولة تطهير ذاتها من الداخل. والمقصود بذلك على الأرجح ان يستعد الانسان لمواجهة شياطينه الكامنة فيه قبل ان يتصدى للمخلوقات المتعطشة للدماء الآتية من الجحيم. ولعل المؤلف يدعو في هذا السياق، الى محاربة فكرة الفناء من داخل الذات أولاً وقبل أي شيء آخر. يقيم الكاتب معادلته الروائية على هذا الأساس: الانسانية معرضة للنهاية في اللحظة عينها التي يغفل فيها الفرد عن مقاومة هذه النهاية في عقله ومخيلته.

توقعات قديمة
تتميز رواية "نهاية العالم "2012" للكاتب لورنس جوزف عن منشورات "برودواي"، 2008، عن مثيلاتها السابقات. يظهر المؤلف حاجة ملحة،على الأرجح، للاستعانة بتوقعات قديمة تؤكد ان نهاية العالم المرتقبة ستحل في العام 2012. يقتبس ذلك من حسابات فلكية توصل اليها علماء بارزون في حضارة "المايا"، تفيد بأن العام المذكور يشكل ذروة الحياة على الأرض لتبدأ بعد ذلك النهاية على نحو متعاقب. الرواية، في هذا الاطار من التوقعات، تمهد للحظة الزوال الكبرى. ومع ذلك، لا يعفي المؤلف نفسه من متعة محاكاة المشاهد المروعة التي ستسفر عنها نهاية العالم. يعدد، على سبل المثال، الظواهر التي ستطرأ على جيولوجية الأرض وكأنها قد حصلت فعلاً، يستخدم هذه التحولات التي لم يشهدها الانسان من قبل ليقدم نموذجاً حياً للغاية عن التغيرات الحاسمة التي ستؤدي الى نهاية العالم. من بينها: انقلاب في ميزان الجاذبية يؤثر مباشرة على توافر الأوكسجين. موجة متفجرة عنيفة من الزلازل المدمرة في مناطق كثيرة في العالم. سقوط أجسام ضخمة من الفضاء الخارجي، على نحو لم يحدث من قبل. ينتج عنها انفجارات هائلة لا تقل قوتها التدميرية عن مثيلاتها النووية. موجات متتالية من المد البحري تكتسح اليابسة وتغمرها بالمياه وتقتلع كل ما تعثر عليه في الطريق.
تحدث هذه التحولات دفعة واحدة. تنقلب الأرض على نفسها من دون سابق انذار. تصبح مشرعة على الجحيم. ويحل الموت الجماعي على دفعات قليلة. لا يفرق بين احداها والأخرى الا دقائق معدودات. مشهد مروع للفناء تستبق حصوله المرويات الفلكية لحضارة المايا. يجعل منه الكاتب سيناريو مخيفاً لنهاية العالم.

نموذجان للخرافة
روايتان أخريان تشكلان نموذجين عن نهاية العالم المرتقبة وفقاً لمرويات توراتية تختلط فيها المعتقدات الشعبية بالنبؤات الدينية بالقصص الخرافية.
أولاهما بعنوان "حافة نهاية العالم" للكاتب تيم لاهاي عن منشورات "كيندل"، 2010. والثانية بعنوان "نهاية العالم" عن منشورات "جامعة كارلتون"، 1997. تتحدث الأولى أسوة بنظيراتها السابقات عن افتتاح مشاهد الزوال في الولايات المتحدة. البلاد في أزمة اقتصادية مالية خانقة أحالت المجتمع مكاناً للفوضى العارمة. يترافق ذلك مع هجوم وشيك ينفذه الأعداء بأسلحة متطورة وفتاكة. أميركا على عتبة الانهيار الكبير. دقت ساعة النهاية. الحكومة والجيش والمواطنون يقفون عاجزين امام هذا الاستحقاق المدمر. السلطة السياسية تواجه معضلتين في الوقت عينه: الفساد الاداري والمالي، من جهة، وخطر الدمار النووي، من جهة ثانية. لم يعد في الامكان الحؤول دون ذلك. يخطر على بال المؤلف ان يقحم في سياق الرواية نبوءات قديمة يقتبسها من بعض الخرافات التوراتية. يقيم نسيجاً اراده محكماً بين التدهور المالي والاقتصادي من ناحية، وبين النبوءات الخرافية من ناحية ثانية. ولعله ظن أن في تدهور الولايات المتحدة ما يشير الى احتمال ان تتحقق النبوءات المذكورة في اميركا وفي سائر أنحاء الكرة الأرضية. أضعف روايته بهذا السيناريو الذي يبدو مبتذلاً الى حد كبير. المهم بالنسبة اليه انه افسح في المجال أمام هذه التوقعات الخرافية لتتحقق على ارض الواقع. النهاية، في هذا الاطار، موضوعة على نحو مسبق. الرواية الثانية بعنوان "نهاية العالم" لا تشذ عن سابقتها من حيث استخدام الخرافة الشعبية لاعلان موت الحياة على الأرض. يدخل الكاتب في حبكته الروائية عنصراً مشوقاً مألوفاً لدى المخيلة هو ما يعرف بالمسيح الدجال أو الشر المطلق الذي يسعى الى الاستيلاء على عقول الناس وقلوبهم. لا يذهب المؤلف بعيداً في ابتكار منظومة من الأسباب تضع حداً للبشرية الا بتوظيف الخرافة في منحى معاصر.
ليس في التصورات الواردة في هذا السياق، ما يشير بأي شكل من الاشكال، الى الكيفية التي توظف من خلالها المعتقدات الشعبية والدينية في تفسير ظاهرة ما يسمى نهاية العالم. وبالمثل، لا علاقة لهذه التصورات بذلك الارث المتراكم من الخرافات التي ينسب بعضها الى تأويلات دينية محددة. كما ينسب بعضها الآخر الى المخيلة الشعبية والاجتماعية والسياسية التي تتدحرج ككرة الثلج من جيل الى آخر. صحيح ان لهذه الظاهرة جذوراً عميقة بعيدة الأثر في تاريخ الشعوب والمجتمعات والثقافات والحضارات. كل منها يتوقع نهاية للعالم وفقاً لظروفه على اختلاف أبعادها وتجلياتها في الواقع الاجتماعي والسياسي.
تعنى هذه التصورات، على الأرجح، بالهواجس والمخاوف والمخاطر التي تثقل على المخيلة الاجتماعية في البلدان الصناعية المتقدمة، ثم تحيل هذا القلق المتفاقم في الذاكرة المتعبة صوراً ومشاهد حول نهاية مرتقبة للعالم. ولعل تأثير الخرافات والأساطير في هذا الاطار، أكثر مدعاة للكشف عن طبيعته في المجتمعات التكنولوجية المعقدة. تثير الروايات المذكورة آنفاً شيئاً كثيراً من هذا القبيل. كل منها يعبر عن رؤية الى نهاية العالم تختلف عن مثيلتها الأخرى. ومع ذلك يتوافق كتاب هذه الروايات على ان ثمة في أعماق الذات الانسانية ما يحملها على توقع هذه النهاية. كثيرة جداً هي الاصدارات التي تطرق الى هذه المسألة في الغرب الصناعي، وتحديداً في الولايات المتحدة. ولأن الأمر كذلك، قد تستشرف هذه الروايات وسواها خوفاً دفيناً يستوطن قعر المخيلة الشعبية. كما يتسلل الى الذاكرة الفردية والاجتماعية جاعلاً من هاجس نهاية العالم عبئاً ثقيلاً. يتجرأ هؤلاء الكتاب وسواهم على التذرع بأسباب القوة في الغرب الصناعي ليعلنوا ان هذه الأخيرة ستعجل في نهاية العالم. وبالنسبة الى بعض هؤلاء المؤلفين فان النهاية المتوقعة للحضارة مردها الى الحضارة عينها.
وبالنسبة الى بعضهم الآخر ثمة أسباب غامضة او غيبية لا تفسير واضحاً لها، كموجات الزلازل والانفجارات البركانية وانتشار الأوبئة القاتلة. والملاحظ في هذا الاطار، ان لعنة النهاية، اذا جاز التعبير، غالبا ما تعبر عن غضبها في اميركا اولاً. ينفتح العالم على نهايته المتوقعة بدءاً من هذه الدولة الأقوى في العالم، غير انها تبدو الأكثر هشاشة في مخيلة هؤلاء الروائيين. الدولة الأعظم في التاريخ الحديث، تسقط أولاً امام وحش النهاية. يسهب هؤلاء الكتاب، على نحو غير مألوف، في وصف مشاهد الخراب والموت والأرض اليباس، والمؤسسات المتلاشية أمام فوضى الذعر، والتشرذم الحاصل بين الناس، والموت الجماعي. تكاد اميركا في هذه الصور ان تنقلب على نفسها بسرعة البرق. والأرجح ان الأمر كذلك. بلحظات قليلة، تتحول الامبراطورية العظمى مكاناً بلا هوية. بؤرة فقط، موجودة في مكان ما من الجغرافيا على الأرض، ترقب نفسها بهلع وهي تتصدع كالآنية الفخارية المحطمة. مشاهد اميركية محض لنهاية العالم الذي أحكمت الامبراطورية قبضتها عليه، أو خيل اليها ذلك. صور الخراب في هذه الروايات وسواها تكاد تماثل نظيراتها لدى سقوط الامبراطورية الرومانية القديمة. قيل وقتئذ ان زوال هذه الدولة التي لا تقهر هو بداية النهاية. وبعضهم راهن على انها النهاية عينها. لا تتوقف اصدارات كهذه عن الصدور بين الحين والآخر. هاجس مشوب بذعر حقيقي يقض مضاجع شريحة واسعة من الروائيين الأميركيين.
واللافت انه كلما ازدادت الولايات المتحدة جبروتاً وتفوقاً، تعاظمت مشاهد الدمار في هذه الاصدارات. صحيح ان العالم بأسره مشمول بهذه الرؤية العدمية. غير انه لا يتراءى بوضوح في الصور القائمة. وكأن النهاية المزعومة تطاول اميركا فقط. أو كأن العالم فقد صدقيته بعد خراب الامبراطورية. اصبح بلا وجود حقيقي. انها نهاية للعالم على ايقاع المخيلة الأميركية المختنقة بذاتها.

بيئة حاضنة للخرافة

تكاد المعتقدات التوراتية أن تقترب حثيثاً من الفضاء العام الذي تتكون منه بعض الروايات الأميركية المعنيّة بإثارة مشاهد لنهاية العالم. ولعّل في هذا التوجه ما يحمل على الاعتقاد أن ثمة بيئة دينية مترامية المساحة والتأثير والهيمنة تحتضن هذه البنية الفكرية الاجتماعية وتديرها بفاعلية ملحوظة. يندرج في طليعتها، على الأرجح، تلك الشرنقة الواسعة من الكنائس والمنظمات والجمعيات التي تتخذ من هذه المعتقدات مدخلاً إلزامياً لقراءة المسيحية وإعادة تشكيلها على نحو ملتبس. من بينها، تبرز بشكل خاص تيارات إنجيلية متزمتة ومنغلقة على نفسها انغلاقاً مشبوهاً. وهي أصولية متخلفة، في هذا السياق، لا تقيم وزناً للعقل. والأغلب انها تحتقر احتقاراً شديداً التجليات الثقافية والحضارية الكبرى التي تستند إليها المجتمعات الصناعية المتقدمة في الغرب. تنشط هذه المنظمات المتعصبة، على نحو محدد، في مجال الترويج الإعلامي للقصص والأنباء والأحداث التي تنطوي عليها المرويات التوراتية. تقتبس منها أبعادها الخرافية التي توقظ الخوف في نفوس أتباعها من الشرور والمظالم وسفك الدماء التي ينبئ بها زوال العالم. ولعّل هذه المادة المثيرة هي الأكثر استخداماً من قبلها في حمل الناس على انتظار نهاية العالم على مدار الساعة. إبادة البشرية، على هذا الأساس، هي الحقيقة المطلقة التي ينبغي التشبث بها. إنها الزمن الوحيد الذي يستحق أن يحيا الإنسان من أجله. والأخطر من ذلك، ان هذه المنظمات نجحت في أن توهم أنصارها بأن مهمتهم "المقدسة" على الأرض تقتضي بالضرورة نمطاً من الصلاة الحارة جداً من أجل استعجال هذه النهاية المحتومة.
كثرة من الروايات الأميركية استأنست بهذا السيناريو المشوق في أقل تقدير. والأرجح أن أصحابها عثروا فيه على حبكة درامية متكاملة إذا جاز التعبير. لا تستلزم جهداً استثنائياً صعباً من أجل تكوين رواية تنذر بنهاية العالم. أو تصور تلك الوقائع المخيفة التي أسفرت عنها هذه النهاية. تلجأ هذه الفئة من الكتاب إلى استثمار العناصر المتوافرة بكثرة في بنية هذه الخرافات. ثم توظفها مستفيدة من الغموض المريب الكامن فيها. ثم تلتقط دلالاتها التي تخاطب المخيلة وهي تعاني وحيدة من عقد الاضطهاد وأثقال الخوف والإحساس المرضي بالخطيئة المزعومة.
غالباً ما يتمكن هؤلاء الكتاب من إيصال أجواء الرعب من هذه المشاهد والانسحاق أمام جبروتها والاستسلام الكلي لإرادة الإبادة المتوحشة إلى ذروتها. ومع ذلك، لا تصمد هذه الخرافات طويلاً في هذه الروايات. سرعان ما تبدو مفككة أو هزيلة. أو أنها تفتقر إلى قوة الإقناع لأنها تحيل البشرية جمعاء حفنة من تراب. وكأنها لم تكن في الماضي. ولن تكون في المستقبل. كائنات بلهاء، تنقاد بغباء منقطع النظير إلى حيث تقودها الخرافة إلى حتف مذل أو مجاني لا قيمة له على الإطلاق. قد لا ينتمي عدد من هؤلاء الكتاب إلى هذه التطلعات المغرقة في هذه المنظومة من الأساطير المبتذلة. غير أنهم يحسنون، على الأغلب، الإفادة من مكوناتها الروائية. خصوصاً تلك القادرة على تفجير ذلك الإرث الثقيل من الخوف المتغلغل في أعماق الذاكرة. يستجمعون خيوطه وعناصره ومركباته المختلفة ثم يطلقونها في اتجاه واحد هو القبول الطوعي بأن يتحول البشر أضحية رخيصة للغاية. ومنتهكة للغاية، انسجاماً مطلقاً مع النهايات المأسوية التي تخبئها لهم هذه المعتقدات الخرافية. يكاد بعض هذه الروايات أن يشق الأنفاس لهول المشاهد التي يبتكرها أصحابها استجابة كاملة، على الأرجح، لهول الفظاعات التي تخلّفها وراءها هذه الخرافات الآتية من غريزة الإقبال الهستيري على السقوط في أودية الموت. قد تبدو هذه الأعمال، رغم الفجيعة التي تأسر المخيلة، أقل جودة وأكثر ابتذالاً من مثيلاتها التي تصطنع سيناريوات أخرى لنهاية العالم. الأولى تقدم الإنسان طعاماً للمحرقة الكبرى. الثانية تجعل منه طرفاً فاعلاً في مواجهة ظواهر طاغية وعنيفة بعضها من صنعه. وقد آن الأوان ليسدّد حسابه بالكامل. الأولى تنتقم من البشرية تحقيقاً للمعتقدات الخرافية. الثانية تضعه في موضع التساؤل عن الأسباب التي عجلت في نهاية العالم. ومع ذلك، تنهزم البشرية في كلتي المنظومتين هزيمة نكراء لا أثر واضحاً فيها لقيامة الحضارة من جديد. ولعّل الفئة الثانية من الروايات التي لا تتوخى الخرافة الدينية هي الأكثر رواجاً لأنها من نسيج النهايات المتوقعة على إيقاع العصر المجنون.


عالم ما بعد النهاية

روايات عدة في السياق عينه، تخطو خطوة إضافية لتنتقل بأجواء القلق والخوف إلى مرحلة متقدمة على طريق نهاية العالم. من بينها "الأراضي الخراب: قصص عن نهاية العالم" لمجموعة من الكتاب عن: "منشورات نايت شايد بوكس"، 2008. يتضمن هذا الإصدار قصصاً قصيرة بأقلام مختلفة. ينطوي كل منها على رؤية صاحبها إلى العالم بعد أن لفظت الحضارة أنفاسها الأخيرة. يتميّز هذا العمل عن سابقاته بعودة المخيلة من عالم العدم إلى شيء يسير من الأمل باحتمال أن يبدأ الإنسان مسيرته نحو الحضارة من جديد. وقد يعني هذا التصور في نظر هذه المجموعة من المؤلفين العودة إلى نقطة الصفر. إلى زمن ما في المستقبل تصبح البشرية فيه مهيأة لنهاية العالم من جديد. تراوح أحداث هذه القصص بين أناس نهضوا للتو من تحت أنقاض انفجار نووي أحال الولايات المتحدة أرضاَ يباباً. وبين آخرين فقدوا ملكة الكلام، وباتوا يبحثون عن وسيلة أخرى للتخاطب. وبين آخرين أيضاً تملكهم الرعب الفظيع من هول ما شاهدوه، فقرروا أن يعيشوا بقية أيامهم تحت الأرض. وهكذا دواليك. ولعّل الحياة بعد نهاية العالم، في هذه القصص، قد تبدو أكثر قسوة ومعاناة وتوحشاً. لا فرق حقيقياً بين الحياة والموت بعد أن انقطع الإنسان عن جذوره. تبشر هذه القصص بظهور أجيال مستهجنة لم تكن موجودة من قبل. فقد حملتها مشاهد الموت الجماعي على أن تصبح أكثر شجاعة في مواجهة الموت. وتوغل الخوف في نسيجها الداخلي ليتحول عاملاً أساسياً في مواجهة الخوف عينه. ومع ذلك، لا شيء يغير معالم الذاكرة وان بدت مشوشة برؤية العالم وهو يحتضر ثم يتحول كتلة يابسة متحجرة أحرقتها القنابل النووية. أو بدلت هيئتها الزلازل المتعاقبة أو البراكين التي أخرجت ما في جوفها على غير مثال سابق. صحيح أن هذه القصص تتحدث عن نطفة حياة تقوم من تحت الرماد الكثيف. غير أنها لا تزال تقيم في اللحظة نفسها التي افتتحت فيها نهاية العالم أفقاً مشرعاً على المجهول.