المقاله تحت باب قصة قصيرة في
30/08/2010 06:00 AM GMT
مسرحية بانتوميم في فصل واحد
( سطح بيت بغدادي ترا ثي؛ لاتظهر في خلفيته سوى غرفة لها باب وشباك يطلان عليه ,,, تبدو ارضيتها الخشبية قديمة و بعض الواحها مهشمة ؛ نورشمس الصباح يغمر المكان ؛ المؤثرات والموسيقى والاصوات ... الخ ليس لها تأثير على بطل المسرحية ؛ وانما لتمنح المتلقي المفترض أيحاءات مساعدة على فهم الحركات والأيماءت طبقا لآحساس الممثل وتنفيذا لتعليمات المخرج في تلك الغرفة : سرير ؛ منضدة وسطية قديمة مع اربعة كراسي فوقها ساعة حائط ؛ تلفزيون ؛ طباخ غاز صغير فوق دولاب فيه مستلزمات الطعام ؛ وفي الجانب القريب من الشباك الذي تعلو على مسنده الخشبي سندانة فيها شجيرة لورد الرازقي ؛ دولاب ملابس سمرت عليه بعض الصور الشخصية وفي مقدمتها صورة أثيرة لزوجته الراحلة ) < بطل المسرحية : اسطة جاسم ـ رجل في السبعين من العمر؛ أصم واخرس؛ يعيش وحيدا ؛ عمل مدة تزيد على ثلاثين عاما في النجارة لدى دوائر حكومية مختلفة ؛ ثم احيل على التقاعد > تنفرج الستارة عن المشهد الوحيد
( تلعب الموسيقى التصويرية ؛ والمؤثرات الضوئية والصوتية دورها في تأكيد الاحداث ) ما زال جاسم يتثائب وهو في ملابس النوم ؛ ينظر الى المصباح الاحمر المنبه وهو مثبت على القسم الاعلى من اطار الباب الذي أخذ يضيء وينطفيء لاكثر من مرة ؛ يتقدم اسطه جاسم بخطوات بطيئة نحو باب الغرفة الرئيس ؛ يضغط على زر الكهرباء الى اعلى فينطفيء المصباح ؛ يفتح الباب فينفرج قليلا ؛ حيث تحجبه قامة جاسم التي تحول دون مشاهدة الشخص القادم ؛ يمد يده الى الخارج ؛ يتناول ثلاثة الواح خشبيه متوسطة الحجم وكيس مسامير ؛ يمشي الى الركن القصي من الغرفة يضع الخشب في الزاوية ؛ يتجه نحوحنفية الماء ؛ يغسل يديه ثم وجهه ؛ ينظف اسنانه بسبابته على عجل ؛ يمسح وجهه ورأسه بمنشفة صغيرة ؛ ينظر الى ساعة الحائط ؛ يهز رأسه مبتسما ؛ يتقدم نحو التلفزيون ؛ يدير مفتاح تشغيله ؛ تظهر صورة المذيع دونما صوت ؛ ثم برنامجه اليومي المفضل ( صور من دون تعليق )؛ يتجه الى طباخ الغاز الصغير ؛ يضع عليه ابريق الشاي ؛ يفتح بوابة دولاب الاطعمة ؛ يستخرج منه الخبز وصحن الجبن الابيض واستكان الشاي وعلبة السجائر والشخاطة ويضعها جميعا على المنضدة ؛ يجلس على الكرسي المقابل للتلفزيون ؛فيتنقل بصره ما بين التلفزيون وابريق الشاي ؛ ؛ يقوم ثانية ؛ يجلب الابريق ؛ يضع السكر المناسب في الاستكان ؛ يصب الشاي ؛ يقطع شيئا من الخبز والجبن يدسهما في فمه وهو يتابع البرنامج الى نهايته ؛ يغلق مفتاح التلفزيون ؛ يرفع كل شيء من على المائدة ؛ يجلس ثانية على الكرسي ؛ يشعل سيجارة ويدخنها بلذة وببطء ؛ يلتفت نحو دولاب الملابس متطلعا الى صورة زوجته ؛ تظهر عليه علامات حزن مكبوت ؛ تتساقط الدموع من عينيه يمسحهما براحتيه ؛ يحاول ان يتماسك ؛ يرفع رأسه الى اعلا؛ تظل عيناه متسمرتين في سقف الغرفة وكأنه يسبح في فضاء الذكريات . يقوم من مقعده ؛ يتوجه نحو دولاب الملابس ؛ يخرج بدلة عمله المعتادة ؛ يختفي وراء ركن معتم ليرتدي تلك الملابس ؛ يظهر ثانية ؛ يمرر كفيه على البدلة العمالية فخورابها يتجه نحو الزاوية التي يضع فيها ادوات النجارة ؛ يتناول المطرقة المتوسطة ؛ يركع على الارض قرب الالواح الثلاثة المحطمة ؛ يبدأ محاولا رفعها من مكانها ؛ يجد صعوبة في قلعها من مساميرها القديمة ؛ تتكسر اجزاء منها بين يديه ؛ يبعد تلك الاجزاء المتناثرة عن موقع العمل ؛ ينظف اطراف الخشب المتبقي من النثار؛ يقيس جوف الفراغ الحاصل ؛ يأخذ الخشب الجديد ؛ يضع عليه العلامات الضرورية التي يتوجب قطعها طبقا لقياسات الفراغ ؛يمسك المنشار يقطع ما يتوجب قطعه بدقة وعناية ومراجعة متكررة ؛ يجلس قليلا ؛ يعاود النظر في صورة زوجته ؛ يتملكه شيء من الانزعاج ؛ يترك مقعده ؛ يأخذ الالواح الجديد بين يديه ؛ يخطو على عجل نحو الفراغ الواجب تغطيته ؛ يعاود النظر الى صورة زوجته ؛ يرتبك في مشيته تنزلق قدمه اليمنى نحو الفجوة ؛ يسقط على الارض ؛ تنحدر ساقه اكثر في داخل الهوة ؛ يحاول اخراجها بجهد استثنائي ؛ترتبك يداه ؛ تنحصر ساقه تماما بين شقي خشب الارضية القديم كلما اراد اخراجها ؛ يحاول ثانية ؛ تنحشر أكثر وأكثر ؛ تنسلخ من جهتيها ؛ يتدفق الدم منها بغزارة ؛ يتصبب العرق منه ؛ يشعر بالانهيار ؛ يقاوم الخذلان والالم دون جدوى ؛ يتهاوى ؛ يصرخ عاليا كمن يطلب النجدة ؛ لا احد يسمعه ؛ يعاود سحب ساقه ثانية من ذلك الشق اللعين ؛ تبوء المحاولة بالفشل ؛ يغطي الدم ساقه وبعض خشب الارضية ؛ يزداد الالم عليه ؛ يعلو صوته صارخا من موقعه المحتجز فيه مستغيثا : ... به به به به ........ ها ها ها .......ولكن .....لا جدوى من الصراخ ..... استنجد بصورة زوجته ؛ رفع اليها ذراعه اليمنى ملوحا لها بكفه ؛ ودموعه تعبر عن محنته وآلامه ... سبابته نرسم خطا وهميا ما بين يده وصورتها ؛ ويصرخ بكل قوته ته ته ته .... ته ته ته ته ؛ سبابته ما زالت مشيرة الى الصورة (يلعب الضوء دوره في تجسيد ذلك الحبل الرمزي المعبرعن الانقاذ و الذي يمتد ما بين كف الاسطة جاسم اليمنى الممتدة الى اعلا وبين صورة زوجته ـ يبقى هذا الرمز وحده لعدة لحظات في سكون تام )
ثم يعم المسرح ظلام دامس
تنزل الستارة
|