أشلاء ضحايا البصرة انتقلت إلى موقع الطمر الصحي! |
المقاله تحت باب قضايا نقاش :
ما زال عدد من ذوي ضحايا التفجيرات التي اجتاحت منطقة عبد الله بن علي في العشار يبحثون عن أبنائهم المفقودين.
فبعد مرور قرابة أسبوعين على سلسلة التفجيرات التي هزت مركز مدينة البصرة مساء يوم السبت 7 آب أغسطس الجاري وأسفرت عن مقتل حوالي 50 شخصاً وإصابة 185 آخرين بجراح حسب مصادر رسمية، يشاهد المتجول في مركز المدينة عشرات من صور المفقودين ملصقة على الجدران. وتعرضت المنطقة المزدحمة بالناس والمحال والصيدليات والمكاتب وعيادات الأطباء وبسطات الباعة إلى انفجار سيارتين مفخختين وتوالى سقوط قذائف على المنطقة. ووقعت التفجيرات في الساعة السابعة مساءً وهي ساعة الذروة، حيث شهدت المنطقة إقبالا كبيرا من المتبضعين مع مقدم شهر رمضان. وفي موقع التفجيرات تظهر صورة امرأة مفقودة في العقد السابع من عمرها يعتقد أهلها أنها قتلت في الانفجار. وقال حسين الروضان ضابط في الجيش العراقي أن أمه السيدة كريمة باقر الحجاج كانت في منطقة الحادث مساء السبت وأنهم هرعوا للمكان حالما سمعوا بالتفجيرات لكنهم واجهوا صعوبة كبيرة في البحث عنها بسبب اندلاع الحرائق وتراكم الحطام. نشر روضان المئات من الصور لوالدته المفقودة في مناطق البصرة كما ظهرت صور لمفقودين آخرين. وقال لمراسل "نقاش": "واجهنا عرقلة من الجهات الأمنية التي طوقت المكان وصعوبة في التعرف على الضحايا بسبب احتراقهم وشدة الظلام". في اليوم التالي توجه روضان مع أعداد غفيرة من الناس، للبحث عن والدته في المستشفيات دون جدوى في العثور عليها. وما زاد في صعوبة عملية البحث، هو أن "بلدية البصرة قامت في ساعة مبكرة من صباح اليوم التالي بتجريف المكان بالجرافات ونقل الحطام بما يحتويه لمنطقة الطمر الصحي في منطقة محمد القاسم ـ الشعيبة" يقول روضان. وبعد مرور 10 أيام على الحادث، ووفقا للضابط العراقي، عثر الأهالي على اشلاء تعود لأحد الضحايا في منطقة الطمر الصحي "وقد رفض الطب العدلي تسلمها إلا بعد الحصول على كتاب من الشرطة" يقول روضان. وأضاف أن "عائلة أخرى عثرت فقط على خاتم لابنها المفقود وأقاموا مراسم العزاء بناءً على ذلك". ويؤكد شهود عيان كانوا قريبين من موقع الطمر الصحي بأن 12 شاحنة جلبت الأنقاض وتم تطويق المكان بساتر ترابي. ويقول أحمد مزعل الذي فقد اخيه في التفجير أن "البلدية تولت تجريف مكان الحادث صباحاً دون أن يمنحونا فرصة في البحث عن الضحايا". وأشار مزعل إلى نزاعات حدثت بين أهالي الضحايا في دائرة الطب العدلي على بعض جثث الأطفال والضحايا المشوهة التي يصعب التعرف على هوياتها. الناشط سامي تومان من منظمة الدفاع عن حقوق الانسان في البصرة قال لمراسل "نقاش" أن "الكثير من أهالي الضحايا اتصلوا بالمنظمة معبرين عن استيائهم جراء نقل الأنقاض بهذه السرعة". وتساءل تومان "كيف يتم تجريف المكان ونقل الأنقاض والأدلة دون إجراء كشف ميداني كامل على المكان؟ نحن نعتقد أن ما جرى من جرف للحطام صبيحة اليوم التالي هي محاولة تصب في التعتيم على حجم المأساة". "نقاش" اتصلت بمديرية الدفاع المدني التي نفت رفعها للأنقاض إلى موقع الطمر الصحي. لكن علي غانم المالكي مسؤول اللجنة الأمنية في مجلس محافظة البصرة أكد حصول التجريف. واستدرك المالكي قائلا إن "عملية تجريف الأنقاض لفتح الطريق لم تتم إلا بعد انتهاء الجهات الأمنية من عملها". وأضاف "تم رفع تقرير متكامل من مكتبي الأدلة الجنائية ومكافحة المتفجرات بعد مسح موقع التفجيرات ولم يتم التجريف بصورة عشوائية، إضافة إلى أن الشارع ضيق وبقيت الأشلاء بين الحيطان دون أن تنتشر في مساحات واسعة". الدكتور صلاح أحمد السعد رئيس لجنة كشف هويات الرفات قال أن العدد الكلي للقتلى بلغ 50 قتيلا وأضاف لمراسل "نقاش"إن "4 رفات لدينا فقط غير محددة الهويات، وقد قمنا بأخذ عينات من الـ (دي أن أي) لغرض مطابقتها في مختبر بغداد ومعرفة النتيجة، أما بقية الرفات فتم التعرف عليها من قبل ذويها فورا". ويقول السعد إن "توزيع الجثث التي تمت دون الاستعانة بالفحص جاء بعد أن تعرف الأهالي عليها عبر دلالات محددة كسن ذهب أو الشعر، وهؤلاء لم يكونوا بحاجة لتدخل اللجنة". لكن أحمد مزعل أكد أن "تنازعا وعراكا حصل بين أهالي الضحايا على بعض الجثث المتفحمة وكل يطالب بعائديتها اليه، كما تم تسليم الأشلاء دون اجراء عمليات فحص الـ (دي ان أي)". شدة التفجيرات قذفت بأشلاء الضحايا إلى سطوح الدور المجاورة حيث عثر الاهالي على بعض منها. شهود عيان ِأشاروا إلى أنه وبعد أكثر من عشرة أيام على الحادث لم يتم تشكيل فرق منظمة من الشرطة والصحة للكشف على سطوح البنايات في منطقة التفجير. ماجد أبو أحمد وهو صاحب محل في العشار قال "أن بناية الأشراف التربوي التي وقع التفجير على مقربة منها ما زالت أبوابها مقفلة ولم يتم البحث فوق سطحها عن أشلاء الضحاياً علماً أنه تم العثور في يوم 13 آب على أشلاء لأطفال فوق البنايات المجاورة". الناشط سامي تومان من منظمة الدفاع عن حقوق الانسان في البصرة وصف أداء السلطات المحلية بالـ "المرتبك" سيما في الساعات الأولى من وقوع التفحير. وكان قائد الشرطة عادل دحام قد عزا التفجيرات في اليوم الأول إلى انفجار محولة كهرباء نافيا وقوع عمل إرهابي، قبل أن تقر قيادة الشرطة لاحقا بوقوف فاعلين خلف العملية. على صعيد آخر، كشفت التفجيرات الأاخيرة عن عدم استعداد مستشفيات البصرة لمواجهة هذه الحوادث الجسام بالرغم من تكرارها. وقال أحد الأطباء من مستشفى الصدر طلب عدم ذكر اسمه "أن بعض الجرحى فارقوا الحياة لعدم توفر الدم في المستشفيات واعتماد تلك الجهات المخاطبات الرسمية مع مصرف الدم وهو ما تسبب بإهدار الوقت". ويعد تفجير السبت في البصرة 590 كلم جنوب بغداد الثاني من نوعه من حيث عدد الضحايا خلال الأشهر الأخيرة، حيث سبق ذلك تفجيرات سوق البصرة القديمة في 10 أيار مايو 2010 الذي راح ضحيته 85 مواطناً بين قتيل وجريح . |