نفط كردستان بانتظار الحكومة الجديدة |
المقاله تحت باب قضايا نقاش : وعلى الرغم من الاعلان المتكرر بين طرفي النزاع، حكومة الاقليم وبغداد عن قرب حل الخلاف الا ان نفط كردستان لم يتدفق إلى الآن عبر خط أنابيب جيهان التركي، ولم تحل أزمة العقود النفطية التي أبرمها الاقليم مع 30 شركة عالمية. آشتي هورامي وزير الموارد الطبيعية في اقليم كردستان قال أن الحكومة المركزية ترفض دفع مستحقات شركات النفط الأجنبية العاملة في الاقليم، مضيفا أن "كل العائدات المالية من تصدير النفط سواء من الجنوب أو من الشمال تذهب إلى الخزينة في بغداد". وتقول حكومة إقليم كردستان بأن عملية استئناف تصدير النفط من الحقول النفطية في الإقليم، لا يمكن أن تستمر، إذا لم يتم منح الشركات الأجنبية العاملة في هذه الحقول جزء من الأرباح حسب بنود العقود المبرمة، مثل ما هو متبع في باقي الحقول النفطية العراقية. أما وزارة النفط العراقية فترد بالقول إنها لا تعترف بالعقود التي أبرمتها حكومة الإقليم مع الشركات الأجنبية، وأنها تعطي فقط حكومة الإقليم نصيبها المتفق عليه من العائدات النفطية المستخرجة المقرة في الدستور، دون أن تعطي الشركات اي نسبة ارباح. جذور الأزمة تعود إلى العام 2007 حين رفضت الحكومة العراقية أن تعترف بشرعية العقود التي أبرمتها حكومة إقليم كردستان بشكل مستقل مع شركات نفط أجنبية معتبرة إياها غير قانونية. ويقول الخبير النفطي حمزة الجواهري في هذا الصدد ان لكل من الاقليم والمركز فهمه وتفسيره الخاص للدستور. "ففي حين يرى اقليم كردستان أن من حقه أن يطور صناعته النفطية ويتعاقد ويسيطر على الانتاج، ترى وزارة النفط أن الخام ملك لكل العراقيين وليس لمواطني منطقة الاستخراج سواءا كانت في الوسط او الجنوب او الشمال". لكن حكومة المالكي عادت ووافقت في أيار 2009 على تصدير النفط من حقلي طق طق وطاوكي في كردستان، على أن تذهب الواردات إلى ميزانية الدولة العراقية لتقوم بتوزيعها. وتعهدت الحكومة آنذاك على لسان المتحدث باسمها علي الدباغ بدفع مستحقات الشركات الاجنبية وتكاليف عملية الاستثمار "دون ان يعني ذلك اعتراف الحكومة العراقية بشرعية عقود النفط". ودفع قرار الحكومة هذا حكومة الاقليم إلى اطلاق عملية تصدير نفط رسميا عبر خط الانابيب الوطنية في كركوك ومنه الى ميناء جيهان التركي. وافتتح اقليم كردستان خط التصدير الأول في الأول من حزيران يونيو العام 2009، وسط اجواء احتفالية بمشاركة رئيس الجمهورية جلال الطالباني ورئيس حكومة الاقليم مسعود البرزاني، من حقلي طاوكي (في زاخو بمحافظة دهوك)، وحقل طقطق في (قضاء كويسنجق بمحافظة السليمانية) وبواقع 100 ألف برميل يوميا. إلا ان ما حصل على أرض الواقع أوقف تصدير النفط بعد اربعة أشهر على افتتاح الخط، وتسبب بخسارة الميزانية العراقية. حيث عادت الحكومة العراقية عن قرارها ورفضت دفع حصة الشركات من أرباح التصدير باعتبار أن العقود غير قانونية. وهو ما اعتبرته حكومة الاقليم تراجعا عن الالتزامات. وتقوم شركة دي. أن. أو بتطوير حقل طاوكي الذي ينتج ما بين 40 - 50 ألف برميل نفط يوميا وتمتلك 55% من الحقل، في حين تقوم شركة التنقيب السويسرية أداكس بتروليوم التي اشترتها في الآونة الأخيرة شركة سينوبك الصينية- وشركة جينيل انرجي التركية، بتطوير الحقل الآخر وهو طق طق وبنسبة 25% من الحقل، وبقية النسبة تمتلكها الحكومة الكردية. وبحسب الأرقام التي اعلنتها وزارة النفط العراقية لمعدلات اسعار النفط خلال الاشهر الثمانية الماضية فإن الخسائر التي يتكبدها العراق جراء عدم تصدير النفط تبلغ حوالى 1.7 مليار دولار. إلا أن ما يخسره العراق يوميا من تعطيل تصدير النفط يتجاوز 1.7 مليار دولار بحسب الخبير النفطي حمزة الجواهري الذي قال أن "انتاج النفط من كردستان كان متوقعا له أن يصل الى مليون برميل يوميا خلال أربع سنوات وقد مرت السنة الأولى دون أن أي تقدم أو تطوير في حجم الانتاج". من جهته قلل الناطق الرسمي باسم وزارة النفط العراقية عاصم جهاد من قيمة الخسائر الحاصلة. وقال لموقع "نقاش" ان توقف انتاج النفط في اقليم كردستان "غير مؤثر بشكل كبير على الموازنة العراقية". الا أن جهاد استدرك قائلا أن "ذلك قد يسبب فقدان ايرادات أضافية يمكن ان تساهم في عمليات الإعمار والبناء". وأضاف ان "موضوع الإيرادات ينعكس بشكل ايجابي على إقليم كردستان لأنه سوف يستفيد من موضوع البترودولار المخصص له، وهو دولار لكل برميل يتم تصديره". عضو مجلس النواب السابق في البرلمان العراقي سامي الاتروشي قال أن "مشكلة تصدير النفط من كردستان تم الاعلان عن حلها أكثر من مرة من كلا الطرفين دون الوصول الى نتيجة نهائية على أرض الواقع". وقال الاتروشي أن الحكومة الكردية قدمت منذ فترة قريبة عدة مقترحات لحل الخلاف والمباشرة بتطوير الانتاج الى 200 الف برميل يوميا في نهاية العام الحالي. وبين أن "الاقليم لا يمانع بتسليم نفطه الى شركة تسويق النفط العراقية (التي تقع على عاتقها مهمة بيع النفط بكل انحاء العراق وتسليم مبالغه الى وزارة المالية التي تقوم بدورها بتوزيعه على المحافظات والاقاليم) لكنه يطالب بان تقوم شكرة التسويق بايداع نسبة من عائدات الفط اما في حساب الاقليم ليسلمه الى الشركات او تقوم شركة التسويق بتسليم الشركات مستحقاتها بشكل مباشر". وبحسب الاتروشي، جرت مفاوضات بين الطرفين واحيل الموضوع بعدها الى "لجان متخصصة لدراسة المبالغ وكيفية الدفع ولحد الآن المشاكل لازالت عالقة"، مستبعدا ان يكون الحل بيد الحكومة الحالية "وسيبقى بإنتظار تشكيل الحكومة الجديدة". بالمثل، يعتقد الخبير النفطي حمزة الجواهري أن حل اللأزمة لن يكون الا بعد تشكيل الحكومة الجديدة وذلك "من خلال التفاوض بين بغداد وأربيل حتى الوصول الى نتيجة"، مع امكانية "اللجوء الى المحكمة الاتحادية لتفسير المواد الدستورية التي تشكل نقاط خلاف بين الطرفين". |