صحفيو الموصل غير مرحّب بهم |
المقاله تحت باب قضايا نقاش : استذكر السنجري ذلك المشهد من صباح يوم 4 تموز يوليو الجاري، وهو يروي لموقع "نقاش" قصة تعرضه للاعتداء بعد لحظات من خروجه من منزله في منطقة المجموعة الثقافية شمالي الموصل، عندما اعترضه شرطيان طلبا منه العودة الى منزله. "عندما تساءلت عن السبب وجه أحدهم مسدسه نحو رأسي، بينما قام الآخر وبحركة خاطفة، بضرب رأسي بكعب المسدس، لأسقط على الارض وسط ذهول الجيران وهم يراقبون أمام ابواب بيوتهم". ويتابع السنجري "نهضت بصعوبة بالغة، حاولت أن أبرز هويتي الصحفية التي أخرجتها من جيبي، وأنا أقول بعتب بالغ "أنا صحفي"، لكن بدلا من أن تنقذني تلك العبارة من غضب الشرطيين غير المبرر، راحوا يضربوني بعنف، لأجد نفسي في نهاية الأمر في ردهة طوارئ مستشفى قريب، وجسدي مليء بالرضوض والكدمات". لم تكن تلك القصة الوحيدة لمسلسل الاعتداء على الصحفيين في مدينة الموصل، إذ أن بدر السفان وهو مراسل لقناة الفضائية الموصلية، كان قد تعرض الى الضرب المبرح من قبل عناصر حماية محافظة نينوى، وهو يغطي تظاهرة لموظفين بالقرب من مبنى المحافظة. وكذلك جرى الحال مع الصحفي أيمن محفوظ مراسل قناة الحرة الفضائية في الموصل، وخالد الجبوري مراسل قناة العراقية نينوى الارضية، وغزوان الشمامي مراسل قناة اشور، وآخرين دون أن يبدر اي موقف من نقابة الصحفيين العراقيين فرع نينوى، بخلاف جمعية الدفاع عن حقوق الصحفيين (منظمة غير حكومية) في الموصل. فبحسب نائب رئيسها سفيان المشهداني، الجمعية أوصلت قضية الصحفي أيمن محفوظ الذي اعتدى عليه عناصر من الجيش الامريكي إلى رئاسة الوزراء العراقية، لتبدأ القوات الامريكية تحقيقاً على أثرها. كما أنها "أصدرت، ولمرات عدة، بيانات شجب وتنديد بالاعتداءات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية ضد الصحفيين والإعلاميين في نينوى". وذكر الشمهداني في تصريح لموقع "نقاش" أنه شخصياً تعرض الى اعتداء من قبل قوات حماية المنشآت المكلفين بحماية جامعة الموصل، بعد أن منعوه من الدخول لتغطية نشاط هناك. الاعتداءات التي تجري ضد الصحفيين في الموصل من قبل عناصر الشرطة والجيش العراقيين، بحسب الصحفي والكاتب د.خيري شيت، تزايدت خلال العامين الماضيين، "بسبب انتشار المفارز ونقاط التفتيش في الشوارع الرئيسية والفرعية والاحياء والمناطق السكنية والتجارية داخل المدينة. "الكثير من عناصر تلك القوى تصدر منهم أمور تجاه الصحفيين، تتراوح بين الاهانة والاعتداء بالضرب، ويصل الأمر الى الاعتقال، بمجرد أن يجدوا بحوزة الصحفي كاميرا أيا كان نوعها أو حجمها" يقول شيت مضيفا أن "الصحفي إذا ضبط وهو يقوم بالتصوير دون إذن منهم فإن مصيره يكون الاعتقال وتصادر الأجهزة التي يحملها". وذكر د.شيت أنه تلقى إهانة بالغة في إحدى نقاط التفتيش قبل أيام، عندما تطاول عليه أحد الجنود هناك، وأسمعه كلمات سب وشتم، "كل ذلك بسبب اني لم أنزع نظارتي الشمسية قبل الدخول في نقطة التفتيش". واقترح د.خيري شيت، أن تقوم المؤسسة الامنية في نينوى، بإدخال العناصر من مراتب وضباط في دورات لإعادة التأهيل والتطوير، "لكي يتم ضبط سلوكهم في الشارع"، بسبب تزايد الاعتداءات التي تقع من قبلهم على المواطنين بشكل عام والصحفيين على وجه الخصوص. الصحفي عادل عبد الرزاق مراسل مجلّة الاقتصادية في الموصل حمّل الحكومة المحلية والأجهزة الأمنية مسؤولية الاعتداءات التي تقع ضد الصحفيين والمواطنين في مدينة الموصل، ومحافظة نينوى على وجه العموم، "لأن الفجوة الحاصلة بينهما، والخلافات الدائرة أفرزت الكثير من الامور السلبية، ومن بينها سوء تعامل بعض عناصر الاجهزة الامنية مع الصحفيين والاعلاميين". وبالمقابل، فإن الحكومة المحلية، بحسب عبد الرزاق، لم تسع الى حماية الصحفيين من خلال قنواتها، أو حتى مطالبة الحكومة المركزية بذلك، كونها المسؤولة بشكل مباشر على الاجهزة الامنية. ذلك على الرغم من أن التعليمات الرسمية بشأن تسهيل عمل الصحفيين واضحة، خصوصاً فيما يتعلق بالتنقل داخل مدينة الموصل. صحفيو الموصل اشتكوا من "الصمت المطبق" لنقابة الصحفيين في نينوى التي لاتحرك ساكنا إزاء اي اعتداء يقع على الصحفيين، وهي وفق لما ذكره عدد منهم، لم تفعل أي شيء يذكر لأكثر من 23 صحفي سقطوا ضحية الاضطراب الامني في مدينة الموصل في السنوات السبع الماضية. الاعلامي عبد الناصر العبيدي مدير مكتب قناة السلام، انتقد نقابة الصحفيين في نينوى لعدم قيامها بواجباتها تجاه الصحفيين، ومنع الاعتداءات التي تقع ضدهم كل يوم أمام مرأى ومسمع الجميع، متهما رئيسها وأعضاء الهيئة الادارية فيها بـ "الضعف". الاعلامي مجيد احمد الذي يعمل لصالح راديو دجلة، قال إن "الاجهزة الامنية ليست وحدها من يضايق عمل الصحفيين، لأن بعض الوزارات المدنية تمارس انوعاً مختلفة من التقييد والتضييق من خلال دوائرها في نينوى، التي تمنع الصحفيين حتى من الدخول الى مقراتها او فروعها". موقع "نقاش" حصل على نسخة من كتاب وزارة الصناعة والمعادن، المرقم 551 في 2/6/2010 والذي يحمل عنوان "تسهيل مهمة دخول وسائل الاعلام". الفقرات الواردة فيه تلزم الصحفي بأن يكون برفقة ممثل من قسم الاعلام من مقر الوزارة في بغداد حصراً لدى زيارته الدوائر التابعة للوزارة. ويشير مضمون الكتاب إلى ان تكون الدعوة مهيئ لها مسبقاً مع المسؤولين فيما يتعلق بالمادة الفنية والعلمية والخبرية، وأن قسم الاعلام في مقر الوزارة هو المسؤول الوحيد والحصري لدخول اي وسيلة اعلام دوائر ومقرات الشركات التابعة لوزارة الصناعة والمعادن. وكذلك الحال بالنسبة لمديرية زراعة نينوى، والمنطقة الحرة في نينوى، وغيرها من الدوائر التي تطلب من الصحفي موافقة رسمية من وزاراتها قبل تصريح مسؤوليها بأي شيء. وحتى ان مجلس محافظة نينوى نفسه، يمنع وفي كثير من الاحيان دخول الصحفيين. فلأكثر من ثمان وأربعين جلسة عقدها المجلس لم يتم دعوة الصحفيين سوى مرتين اثنتين. مجيد أحمد وصف كتاب وزارة الصناعة والمعادن بأنه " كتاب لعرقلة وسائل الاعلام". في حين نفى ضابط برتبة رائد في الشرطة المحلية في نينوى التقت به "نقاش" بالقرب من إحدى نقاط التفتيش شرق مدينة الموصل، نفى ان يكون هناك توجيه لعرقلة عمل الصحفيين. "ما قيل بأنه اعتداءات وقعت ضد الصحفيين في الموصل، هي حالات فردية وليست ظاهرة، فأجهزة الأمن متعاونة جداً مع الصحفيين، والدليل على ذلك أن بعض القنوات الفضائية يقوم مراسلوها بتغطية الأخبار في الشوارع تحت حماية قوات من الجيش أو الشرطة لمنع وقوع أي اعتداء عليهم من قبل الارهابيين" يقول الضابط الذي رفض ذكر اسمه. وأضاف الضابط، "يحدث أحيانا أن لايحترم صحفيون نقاط التفتيش، بإمتناعهم عن التوقف، أو التصوير هناك دون تصريح أو موافقة مسبقة، أو رفضهم إبراز هوياتهم الشخصية، ومع ذلك فإن الاجراءات تتخذ من قبل قادة الجيش فور علمهم بوقوع اعتداء على أي مواطن". وفي تعقيبه على قضية الاعتداء على الصحفي زياد السنجري من قناة الرشيد الفضائية أوضح الضابط قائلا: "لقد تم ايقاف من قام بالاعتداء عليه وفق المادة 413 من قانون العقوبات الخاصة بالمشاجرات، ولم تقبل الكفالة عنهم، وهم حالياً موقوفون في سجن التسفيرات في مدينة الموصل. |