عاشت الصفحة الأخيرة |
المقاله تحت باب في السياسة ألصفحة الأخيرة أحسن صفحة في الجريدة . قراءتها ومشاهدتها لا تقود قلبك الى السكتة وكبدك الى التشمع ورأسك الى الشيب ودمك الى التسرطن مثلما تصنع بك الصفحة الأولى من الجريدة . فوق الأخيرة رسمة مدهشة للهوليودية المشعة أنجلينا جولي بلباس يشبهها كما أنولدت أول مرة . على الصفحة الأولى صورة ملونة لرئيسين يتباوسان بقوة الكراهية ويكذبان على الرعية في حديث ألشراكة والوحدة وهوسة " عضّيته من علباه ، عضني من اذاني " على الأخيرة منشور نبأ يقين ثقة زبدته أن شركة أستشفاء كندية نجحت في خلق حبة فياغرا سحرية تجعل شهوة النسوان للجنس أعظم بسبعين مرة من شهوة الرجل المبتلى بميقات معاش أخير الشهر وسنين خدمة العلم . أنباء الصفحة الأولى موجعة ومحبطة ومنفرة . ثمة مدفن جماعي انكشف ستره شمال الكويت نامت ببطنه خمس وخمسون جثة عائديتها لجند عراقيين أغضاض طمروا بملبوساتهم ورسائلهم وحروزهم وتصاوير زوجاتهم وأكبادهم وحبيباتهم . في الأخيرة خبر طري عن كسب زوجة ساركوزي كم مليون دولار من مقاضاتها مجلة بطرانة أشهرت صورة البعلة الجميلة عارية بأثداء مدعبلات مثل فناجين قهوة . صورة ان رفعها جندي جبان فوق رأسه لأفلح في أسر كتيبة مدرعة . على الصفحة الأولى ثمة كلاوات كاثرة من مثل قال قادمون من بغداد الى عمان رفضوا الكشف عن أسمائهم أو كناهم ، أو نقل مصدر فضّل عدم اماطة اللحاف عن وجهه أن الحكومة في سبيلها الى احالة صاحب المطعم الصيني في المحمية الخضراء الى لجنة النزاهة والضبط والربط بعد شكوى تقدمت بها نائبة منصرفة ، أدعت فيها بأن المطعم صار يقدم لزبائنه صحون باجة بغدادية قح من لسان ومخ وكيبايات وعضود ولحم رأس وكرشات متلتلات فوق مثرودة منقوعة من دون الرجوع الى مرجعيتها الأستطعامية ما يحسب تالياَ على باب خرق فرمان الملكية الفكرية . على الصفحة الأخيرة الحلوة الرحيمة خبر عن حارس أمريكي بسجن فلوريدا كلب ابن سطعش كلب ، يضاجع النسوة المحبوسات بسعر بخس هو قطعة شوكولاتة وثلاث شفطات من سيكارة بائرة . فوق صدر الأولى ، ثمة تفصيلات عن مشروع السور العظيم الذي سيقمّط بغداد . سياج من كونكريت وحديد وكاميرات وأبراج ومجسات وعسس . وأذ يمر السور بأراض وأغواط زراعية فأنه سيتحول الى خندق عميق يملأ بالمياه الثقيلة وسماد مزروع الخس فأن خاضه فتى ارهابي ، خرج منه بلطخات وأضواع ورسمات ان شافتها الناس طاردت حاملها بالضحك ولفظته خارج السور . الصفحة الأخيرة أرحم وأطيب وأحلى الصفحات . لا مرجعيات دينية ولا مرجعيات سياسية ولا فرز باليد ولا نفط العرب للعرب ولا رص صفوف ولا شد أحزمة ولا ساسة تسوس لا تخاف الله ولا تستحي ، ولا الذي يصل حدنا نقص يده ولا طقاطيق انفتاح وأنخراط وشراكة واندماج . صفحة طيبة مهضومة حبوبة لذيذة جميلة حلوة ، وجهها مثل وجه أمرأة شامية مدهشة أشرقت وشعّت من على مشوفة تلفزيون الشرقية ببرنامج لطيف خفيف رهيف أسمه " خير جليس " فكانت معه خير جليسة وخير كتاب . |