| أين هو «مالكي 2008»؟ |
|
المقاله تحت باب في السياسة يتردد على مسامعي ان «العالم»* كانت «قاسية» مع رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي. وأنها «منحازة» لغريمه الابرز اياد علاوي. يعتب اصدقاء لنا نحترمهم، على «العالم» بسبب تقارير اخبارية يعدها طاقم مراسلينا في العراق، وترجمات يقوم بها قسم الترجمة، عن كبريات صحف اميركا وبريطانيا... وفيها جميعا انتقادات لسياسة السيد المالكي. في غمرة هذا «العتب» و«الاتهام» احاول كل يوم ان ألتمس لدى رئيس الوزراء موقفا باتجاه التهدئة، او خطابا له وقع المعقول، دون جدوى. أسأل نفسي كثيرا هذه الايام: اين هو مالكي 2008؟ الرجل الذي صفقنا له بحرارة وهو يتعامل مع الجماعات المسلحة من البصرة الى الموصل، على حد سواء. في تلك اللحظة كان المالكي يقول محقا، ان اخطر ما يواجهه العراق هو المسلحون الخارجون على القانون. وفي لحظة.. لحظة واحدة، كان هذا «المالكي» يختفي ويخرج بدلا عنه شخص آخر يعتقد ان مشكلة العراق الوحيدة هي «قائمة علاوي». اين هو مالكي 2008 الذي كان يدرك على طريقة رجل الدولة، الاخطار الكبيرة التي تواجه البلاد؟ على اي نقطة يضع قدميه هذه اللحظة؟ غريب ان تجده يحلق خارج السرب بهذه الطريقة. كل الساسة الكبار في البلاد يقولون باختصار ان العراق يواجه ازمة كبيرة. لن اتحدث عن تحذيرات تطلقها القائمة العراقية، ولكنني اتحدث هنا عن اصوات تحذير مصدرها عادل عبد المهدي وعمار الحكيم والتيار الصدري.. ثم التحالف الكردستاني. وزير الخارجية هوشيار زيباري القيادي البارز في التحالف، وواحد من اكثر ساسة العراق حكمة طيلة الاعوام الماضية، قال امس لصحيفة الشرق الاوسط ان ازمة الانتخابات تحولت الى امر «صعب، صعب». وقال انها بحاجة الى «تدخل دولي». حذر كذلك من تزامن الازمة اجتثاثا وعدا يدويا، وشطب اصوات فائزين...الخ، مع اكبر عملية اعادة انتشار وانسحاب اميركي ستكتمل نهاية آب المقبل. اي بعد نحو 3 اشهر. ستتم العملية دون ان تكون هناك حكومة في بغداد. كل الساسة يشعرون بالقلق، عدا المالكي الذي يقول ان الامور التي تجري «طبيعية» ويستغرب ان يدعو احدهم الى «التدويل». ووسط غياب كبير ولافت للسيد اد ميلكرت مبعوث الامم المتحدة في العراق والذي كان يدعو الجميع الى احترام نتائج الانتخابات، كدنا نفقد الثقة بكل شيء.. قرارات المفوضية وقرارات المساءلة والعدالة وقرارات القضاء. كل هذا والسيد المالكي يقول ان الامور «طبيعية». لم يتوقف عند هذه النقطة. قال ايضا بما يشبه حديث طبيب او صحفي او استاذ جامعي تعرض الى تهديد: لقد هددونا بقصف المنطقة الخضراء، اذا نحن مضينا في ملف العد اليدوي. من يهدد رئيس الوزراء يا ترى؟ ربما اتلقى انا وامثالي تهديدا فنلهج بالشكوى. لكن الامر ليس مقبولا من «القائد العام للقوات المسلحة» وهي الصفة التي يحبها المالكي كثيرا كما يبدو من بياناته الاخيرة. ليس مقبولا من هذا القائد ان يشتكي للجمهور في كربلاء بأنه تعرض للتهديد. اتمنى انني امام قضاء مستقل فعلا، كي اقيم دعوى قضائية اطالب فيها السيد المالكي بأن يكشف لي انا، المواطن الذي اخاف كل لحظة من اصوات الانفجارات، من هدده بقصف الخضراء. ان من يهدد بذلك هو ذاته الذي يفخخني كل يوم. ألم يكن حريا برئيس الوزراء ان يأتي بهؤلاء الذين يهددون، ويعرضهم على الجمهور الكربلائي.. معززا اتهامه بالادلة الكثيرة التي تحب قيادة عمليات بغداد ان تتحدث عنها.. انه يسيطر على شبكات الهاتف النقال والبريد الالكتروني، وهناك في بغداد خمس مناطيد عملاقة تكشف كاميراتها كل زوايا العاصمة وضواحيها. كل هذه السيطرة لا بد ان تساعد المالكي في كشف من يهدد بقصف الخضراء ومن يثير العنف؟ لماذا يخشى كشفهم يا ترى؟ هل تلقى تهديدا آخر ان هو كشف لنا اسما او رسما؟ هل المالكي ضحية اخرى مثل اي صحفي او طبيب او استاذ جامعي يتعرض للتهديد.. كي يشتكي للجمهور بهذه الطريقة؟ هل اختفى مالكي 2008 الى الابد، وبدلا عن الانشغال بأخطار تهدد البلد، سيظل منشغلا «بهجاء» القائمة العراقية.. ألم تكن بغداد سعيدة بحديث التقارب بين ابرز قائمتين فائزتين الاسبوع الماضي. لماذا هذا التصعيد الذي قلب الاشياء رأسا على عقب. الى اين يمضي المالكي ايها السادة؟ *سرمد الطائي - مدير تحرير صحيفة "العالم" التي نصدر في بغداد |