المقاله تحت باب نصوص شعرية في
19/03/2010 06:00 AM GMT
السليمانية (1974)
رجل من زجاج
حين يضمر شيئاً في قلبه يصمت لا يردّ على أسئلتي أو لا يدعني أسأل أصلاً، يحدثني عن أشياء أخرى يرسل القبلات عبر الهاتف مكالماته مقتضبة، يخبرني بانشغاله الدائم اجتماعاته طول النهار أو أنه في الطريق، منهكٌ جداً، يشتاق إليّ، لكنه لا يحدثني عن شيء! ألا يدري أني أعرفه؟ ما من أحدٍ يخبره بأن صمته يشي بكل شيء! آهٍ من هذا الرجل الزجاجي كيف نسي أننا نعرف كل أسرار قلبينا كيف نسي أننا نعرف روحينا؟ كيف أخبره أن لا حاجة الى صمته؟
برقية
في ذلك المساء كنت أعرف أنك لو تقدمت خطوة أخرى لقبّلتك، في ذلك المساء كنت مترعة بالاقتتال الداخلي، مترعة بالقتل لدواعي الشرف! مترعة بآهات نساءٍ شيّبهن الاضطهاد في شرخ الشباب، وقطاع الطرق أنسوهنّ الكلام في ريعان الصبا! في ذلك المساء كنت أهطل خراباً كنت محاصرة بأقفال الدين، والأبواب الخشبية للثقافة علاها غبار القوانين! قلبٌ كسيرٌ لطفل أقحم في حقيبتي، وصوتٌ جريحٌ لامرأة يضجّ في روحي، وجسد فتاة في الأربعين لم تخبر العشق بعد صار غصّةً في حلقي! في ذلك المساء كنت أقطر غربةً ولون التلال الجرداء خيّم على محيّاي! سئمت الوطن سئمت الوطن، كنت أعرف أن ورقة في فم الريح قادرة على جرحي كنت أعرف لو صرخ أحدهم لتشظّيت كالزجاج! آهٍ ما ألطف مجيئك يا عزيزي ما أكثر الرحمة في ثناياك!
ذكرياته
"اسكبوا إناء ماءٍ خلفه، عله يعود سريعاً". بقيت من آثاره شعرة المكان امتصّ رائحة جسده أنفاسه الحارة عالقة بأشياء هذه الغرفة البيضاء! سرق ألبسةً من خزانتي تاركاً بصماته على جسدي والسكون يحتضن حرارة حضور صوته! أغمض عينيّ فأرى حضوره يتملكني! ما أوهن يديّ لا تستطيعان لمسه ما أتعس شفتيّ لا تستطيعان تقبيله! أخشى أن تغادرني رائحته بعد أيام، وشيئاً فشيئاً تغور ملامحه في الظلام "اسكبوا إناء ماءٍ خلفه عله يعود سريعاً، اقرأوا عليه دعاءً كي يعود سالماً".
التفتح
ذاك الرجل الذي حمل حقيبته في هذا المساء وأخلى بيتي من وجوده زرع أحلامه في ثنايا روحي. دعاء أمي سيتحقق غداً عاجلاً سأزهر سأصبح شجرة أرجوانٍ صغيرة ظلي، من الآن أصبح كظلّ شجرة، ذاك الذي ترك أحلامه في دواخلي علّق حقيبته على كتفه وغادر غرفتي مساءً مسرعاً وغير مبال! سأزهر أنا... سأصير شجرة أحلام وستظلل أحلامي وأحلام هذا الرجل، الذي غادر غرفتي هذا المساء، أغصانها وأفنانها. أيها العابرون المتعبون تعالوا واستريحوا تحت ظل الحلم سأمطركم بالورود! سأزهر أنا... وذاك الرجل الذي تركني هنا قد أزهرت أحلامه هنا!
ترجمة صلا ح برواري
|