مائيات السياب

المقاله تحت باب  مقالات و حوارات
في 
20/01/2010 06:00 AM
GMT



 عام 1948، حاسم في حياة السيّاب الفنية، هل كان ذلك بسبب نكبة فلسطين، أم بسبب الوثبة ضد الوضع السعيدي بالعراق، أم بسبب تخرجه في الجامعة ومواجهته للحياة العملية، وبالتالي ابتعاده عن الأجواء الجامعية وخاصة معشوقته؟ لا أدري، في هذه الفترة ظهرت ثيمات جديدة لدى السيّاب، منها، الإلحاف في ذكر الشراع والقلوع، والإفراط في ذكر الأصداء، وأكثر من ذلك ذِكر العينين.


 يتميز الشراعٍ، في هذه الفترة بصفتين: الأولى: الإيحاء بالبعد جسدياً أو روحياً.
يقول السيّاب مثلاً في قصيدة اللقاء الأخير:
.. وللمساء
عطر يضوع فتسكرين به وأسكر من شذاه
في الجيد والفم والذراع
فأغيب في أفقٍ بعيد، مثلما ذاب الشراع
في أرجوان الشاطئ النائي وأوغل في مداه.
ارتبط المقطع أعلاه بالثمل من العطر أي بحاسة الشم، يعود الشاعر مرة ثانية في قصيدة أساطير إلى الشراع وحاسة الشم فيقول:
بدفء الشذا واكتئاب الغروب
يذكرني بالرحيل:
شراع خلال التحايا يذوب
وكفّ تلوّح.. يا للعذاب.
إلى أن يقول في آخر القصيدة:
جناحان خلف الحجاب
شراع..
وغمغمة بالوداع:
يرتبط الجناح عادة بحاسة اللمس، أي بالرفق والحنان، تأثراً بالقرآن الكريم ( واخفض لهما جناح الذل من الرحمة).
وفي قوله دفء الشذا جمع السيّاب بين حاستي اللمس والشم وتدل الصورة على الاقتراب وربما التلامس، خاصة مع غبشية الغروب، وهي إلى ذلك موازنة مع الفراق.
أما الصفة الثانية للشراع، فهي التخلص من بيئة، والانتقال إلى بيئة أخرى حتى لو كانت موتاً، قال ينادي الموت:
بالأمس كنتُ أصيح خذني في الظلام إلى ذراعكْ
واعبر بي الأحقاب يطويهنّ ظل من شراعكْ
خذني إلى كهف تهوّم حوله ريح الشمال
نام الزمان به، وذابا في شعاعكْ.
قلنا إن الأصداء اشتدت لدى السيّاب عام 48، واتخذت دلالات عديدة، ربما بتأثير من قراءاته في الأدب الإنكليزي. ومن هذه الدلالات الفراغ الواسع كما في قصيدته أساطير:
تعالي فملء الفضاء
صدىً هامس باللقاء
يوسوس دون انتهاء.
 الصدى لا يوسوس، ولكن ربما قصد الشاعر به هنا الصوت الخفي الذي لا مصدر له. وهذا الفراغ يظهر على أشده في قصيدة:" في القرية الظلماء":
القرية الظلماءُ خاويةُ المعابر والدروب
تتجاوز الأصداء فيها مثل أيام الخريف
جوفاء في بطءٍ تذوب.
ولكن الصدى لم يظهر – على حقيقته – وكرجع إلا في قصيدة:" نهاية":
أكان الهوى حلمَ صيفٍ قصير
خبا في جليد الشتاء
خبا في جليد
وظلّ الصدى في خيالي يُعيد
خبا في جليدٍ.. خبا في جليد
الشاعر هنا هو مصدر الصوت والصدى، وهذا الحوار الذاتي لا يكون إلا مع أشد حالات اليأس والقنوط والانكسار. مع ذلك، فقد يكون الصدى في المقطع أعلاه هو البذرة التي كبرت، فأصبحت الصدى المرعب في قصيدة أنشودة المطر:
أصيح بالخليج: يا خليجُ
يا واهب اللؤلؤ والمحار والردى
فيرجع الصدى كأنه النشيجُ
يا خليجُ
يا واهب المحار والردى.
في هذا العام أيضاً ظهرت ثيمة العينين فمرة تبحثان في عينيه عن حاضر خاوٍ ومرة عن ماضٍ في ضباب الذكريات،ومرة ثالثة حالمتين تمور فيهما أشباح الدموع. ولكن الوصف الحقيقي لما تُنبئ به العينان فيما بعدها من قصائد جاء في قصيدة ملال:
دبّ الملال إلى فؤادك مثل أوراق الخريف...
أهواك؟ ماذا تهمسين؟ أتلك حشرجة الحفيف
في دوحة صفراء يقلق ظلها روح الشتاء؟!
لا تنظري! في مقلتيك سحابتان من الجليد
تتألقان ولا لهيب.. وتزحفان ولا فضاء.
ولكن قبل ذلك بعام، كان قد وصف العينين بكوكبين، بنبعين ولكنهما لا يسقيان:
لعينيك للكوكبين اللذين
يصبّان في ناظريّ الضياء 
لنبعين كالدهر لا ينضبان
ولا يسقيان الحيارى الظماء  لعينيك ينثال بالأغنيات
فؤاد أطال انثيال الدماء 
لم يصف السيّاب العينين بالغاب إلا مرة واحدة قبل أنشودة المطر، يقول في قصيدة أهواء:
عيناك أم غاب ينام على وسائد من ظلال
على ذكر العينين، لا بدّ من القول أنه ما من شاعر عربي اهتم بالمثنى وألحف في استعماله كالسيّاب. ففي قصيدة أساطير مثلاً نجد تعابير مثل:
وغنى بها ميتان/ وانتهى عاشقان/ وعينين تستطلعان الغيوب/ وتستشرفان الدروب/ بلونين من ومضة وانطفاء/ على مقلتيك انتظار بعيد/ جناحان خلف الحجاب.
ولكن قبل الآنتقال من عام 1948 لا بدّ لنا من التعرّف إلى قصيدتين هم: "اتبعيني" و"عينان زرقاوان" لأنهما تسجلان مرحلة جديدة في حياة السياب الفنية والحياتية، ولأن لهما علاقة شديدة بمائياته.
لم يعد الشاعر في قصيدة إتبعيني منتظراً بيأس أو بحرقة، ولكنه ربما لأول مرة يناشد حبيبته باتباعه ولكن إلى أين؟ وليس هنا في القصيدة جدول يعرفه، أو نهر يميزه في موقع معين، وإنما أصبح كل منهما شطآناً بلا هوية وبلا خصوصية، ولكنهما شطآن مؤنسنة لهما ما للإنسان من جسد ومشاعر، مرة يعلو ذهول، ومرة وجوم، شطآن حزينة ووحيدة، وفيها أشباح السنين، هكذا يظهر الزمن ربما لأول مرة في شعر السياب مادة فاعلة في تكويناته الشعرية، وأحد محاورها الأساسية، ولا يفوتنا أن السيّاب تخرّج في فرع اللغة الإنكليزية، ولابدّ أنه تأثر بتصورات شكسبير عن الزمن الذي  كثيراً ما يرمز إليه بنهر جارٍ، وقبل ذلك ظهر كنهر في قصيدة عبير وقد كتبها قبل عام 48 بأسابيع يقول فيها:
أهمّ أن أهتف: أنت التي
مثلتها في أمسي الأبعدِ 
وأنت من تحلم روحي بها
على ضفاف الزمنِ المزبدِ 
إن السياب في قصيدة أتبعيني حطام آيل إلى الانحسار والانطفاء والاختناق.
فلا عجب أن شاعت في هذه القصيدة تعابير انطفائية أو في طريقها إلى الانطفاء مثل:
شراع يتوارى/ جناح يضمحل/ بقايا من سكون/ في شبه انطفاء/ لونه المهجور/ أطفأ الماضي مداها/ وطواها/ ناحل الألوان/ والأفول/ الفراغ المتعب البالي/ الفراغ المتعب المخنوق/ الموعد الخاوي/ واختفى/ وتلاشت.
إنه عالم يتقلص على أنقاضه، وشطآن يجففها الظلام ويحيلها إلى فراغ مهلك:
ضوّأ الشطآن مصباحٌ كئيبٌ في سفينهْ
واختفى في ظلمة الليل قليلاً وقليلا.
ولا ينتصر عادة في تآكل كهذا إلا الزمن:
كنت وحدي.. أرقب الساعة تقتات الصباحا
وهي ترنو، مثل عين القاتل القاسي إليّا.
الغريب إن هذه القصيدة تكاد تخلو من أية لفظة صوتية. وحتى: همسة في الزرقة الوسنى تدل على الذبول وانقطاع الصوت أو النفس إذا قيست بما قبلها أو بعدها. إنها قصيدة سكونية ذاهلة واجمة بطيئة وكأنها تشييع جنازة بوسع النظر وما الغمغمات المجهدات والأغاني المتلاشية إلا رحلة النهاية.
أما القصيدة المهمة الثانية التي كتبها في مطلع عام 1948، فعنوانها عينان زرقاوان. إنها قصيدة بسيطة تتكون في الأساس من نظرة وبسمة تَعِدُ باللقاء، مع ذلك فقد وجد فيهما السيّاب زمناً سرمدياً كزمن الجنة الموعودة جامداً حيث لا صباح ولا مساء ولا زوال ظهر في هذه القصيدة محوران سيتطوران فيما بعد في قصيدة أنشودة المطر وهما:
عيناك يا للكوكبين الحالمين بلا انتهاء
لولاهما ما كنت أعلم أن أضواء الرجاء
زرقاء ساجية، وأن النور من صنع النساء.
يمكن القول إجمالاً إن مائيات السيّاب يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام منفصلة 1- مائيات الجداول والغدران، 2- مائيات الأنهار، 3- مائيات الشطآن. وربما تطورت على هذا النسق.
ولكن اين المطر؟ من أية سماء جاء؟ واين هطل؟ الغريب إن السيّاب لم يذكر المطر في شعره قبل أنشودة المطر إلا ثلاث مرات في اللفظ، كقوله في قصيدة ستار:
كالشاطئ المهجور قلبي لا وميض لا شراع
في ليلة ظلماء بلّ فضاءها المطر الثقيل.
وكقوله في قصيدة هوى واحد:
أأنت التي رددتها مناي
أناشيدَ تحت ضياء القمرْ 
تغني بها في ليالي الربيع
فتحلم أزهاره بالمطرْ 
وكقوله في قصيدة اللعنات:
حتى إذا اكتظت الآلام فانعصرت
يوماً كما امتصّ عبءَ الغيمة المطر  صحيح إن هناك في قصائد أخرى، غيثاً وحَياً ويد الأنواء، وأمطار الشتاء، وغيماً وليلاً مطيراً ولكن ما يعنينا بالدرجة الأولى هو المطر كإيقاع وتصور.
مرة أخرى نتساءل: من أية سماء جاء المطر؟ وكيف هطل بهذه الغزارة، ولم يكن من قبل من عناصر مائيات السياب؟ كيف انهمر حوالي أربع وثلاثين مرة في أنشودة المطر؟ ولكن قبل ذلك، لا بدّ من القول، إن أنشودة المطر جديدة كل الجدة في شعر االسيّاب وفي الشعر العربي.. حتى قاموسها اللغوي، وكأنه ابتكر في التو واللحظة. لنأخذ مثلاً، المقطع الأول:
عيناك غابتا نخيلٍ ساعةَ السَحرْ
أو شرفتان راح ينأى عنهما القمرْ
عيناك حين  تبسمان تورق الكروم
وترقص الأضواءُ كالأقمار في نهرْ
يرجّه المجدافُ وهناً ساعةَ السحرْ
كأنما تنبض في غوريهما النجومْ.
الكلمات الجديدة في المقطع أعلاه، هي أنشودة/ غابتا/ ساعة السحر/ شرفتان/ راح/ تورق الكروم/ كالأقمار/ وهنا/ تنبض. وهذا ينطبق على معظم مقاطع القصيدة. كيف عثر السيّاب على هذه اللقيا، وهذا الكنز فجأة؟ كيف انتقل من مائياته الأرضية إلى المائيات السماوية؟
بولادة قصيدة أنشودة المطر على صفحات مجلة الآداب رسم الشعر الحر بجدارة وشرعية في آن واحد، مكانة له في خريطة تراثنا الشعري الواسع، كانت منعطفاً حقيقياً وحدّاً فاصلاً في تأليف الشعر، بل في تذوقه، بل في النظرة إليه.
من ناحية أظهرت أنشودة المطر إن كل ما نشر قبلها من شعر حر، لم يكن في عمومه، سوى تمارين ما قبل السباق، ودوزنة أوتار قبل العزف. والمعروف أن التمارين مهما كانت متحمسة، والدوزنة مهما كانت متقنة إلا أنهما لا تكفلان النجاح ساعة الاختبار الفعلي.
ما إن قرأنا أنشودة المطر في حينها حتى شعرنا بأننا دخلنا في عالم جديد حميم، في غابة شعرية مضاءة بثمار طازجة صلبة بلين، نحن الذين أدمنّا على الفواكه الشعرية الجافة والمعلبات. فما الذي حدث؟ وكيف حدث؟
السيّاب – بلا شك – هو الأكثر تجريباً في أوزان الشعر، وهو الرائد في جلّ البحور التي انطلق فيها الشعر الحر.
جمع السيّاب في قصيدة أنشودة المطر بحرين هما الرجز والسريع، وهذه التوليفة جديدة على الأذن العربية بما فيها من توافق إيقاعي وتلوين ونمو جرسي.
فهل الموسيقى وحدها هي التي أعطت القصيدة، صفة الغيم في الحركة وصفة الطير في التحليق وصفة القوس قزح في النغم اللوني؟  الشاعر العربي منذ القدم، شاعر أنهار ولكن لم تنضج أنهاره إلى مرتبة الرموز والطقوس إلا في قصيدة النيل لأحمد شوقي الذي نقل الماء من صفته الجمالية إلى صفة معبد مائي وفي كل موجة زفاف، في حين أن الشاعر الأوروبي، شاعر بحار بالدرجة الأولى، ومن ثم شاعر بحيرات تخفق بماء حي مرة، وقعر جاف مرة أيماء إلى الخواء الروحي للحضارة الأوروبية، كما عند ت.س. أليوت.
أضف إلى ذلك أن الشعر العربي يخلو من قصيدة مطرية كاملة، ما عدا أبياتاً هنا وهناك لم تستثمر المطر فناً ولوناً وحركة وإيقاعاً، بكلمات أخرى لم يكن المطر سوى مطر لا يدخل في النفس سوى فرحة ريفية ترتبط بالفلاحة والحصاد.
قد يصعب تذكر قصيدة إنكليزية مخصصة للمطر، سوى أنه يقترن بالموت عند شكسبير أو هو أحد نذائره. وفي قصيدة الأرض اليباب لأليوت (مقطع ماذا قال الرعد) هناك رعد ولا مطر:
ليس هناك حتى صمت في الجبال
إلا رعدٌ عقيم جافّ بلا مطر.
 انفردت الشاعرة الإنكليزية إيدث سيتويل بمطر حقيقي متواصل مرعب مرتبط بالدم في قصيدتها الصوتية:" ما يزال يهطل المطر"، التي – كما يُذكر – تأثّر بها السياب إيقاعاً وبناءً في قصيدة أنشودة المطر.
قال أحد أصدقاء السيّاب.. الدكتور قحطان المدفعي في مقالته أنشودة المطر بين السيّاب وإيدث سيتويل:" معنا كان صوت الشاعرة الإنكليزية إيدث سيتويل وهي دائمة الحضور في اجتماعات المجموعة، ولا عجب فقد كانت معشوقتنا الخيالية، أنا والسيّاب".
ويقول أيضاً: .."من جهة أخرى درس السياب أشعار سيتويل دراسة أكاديمية في دار المعلمين العالية.. لذا كان وقع أسطوانات الشعر بصوت الشاعرة نفسها عليه وقعاً كبيراً، ومن هذه النصوص قصيدة إيديث سيتويل المعنونة أنشودة المطر (كذا) وهي مصدر الإيحاء الشكلي لقصيدة السيّاب أنشودة المطر".
يبدو أن السيّاب تأثر بإيقاع قصيدة سيتويل لا بوزنها كما أنه تأثر بالتكرار الذي لجأت إليه سيتويل لتضخيم الحدث والإشارة إلى تواصله حيث تتكرر عبارة ما يزال يهطل المطر في بداية كل مقطع  ما عدا المقطع الأخير.
كتبت سيتويل قصيدتها عام 1941، إبان القصف الألماني على بريطانيا، ومما زاد الطين بلة، أن المطر كان ينهمر دون انقطاع، بهذا يمكن تفسير تكرار ما يزال يهطل المطر في القصيدة، على أنه إيقاع المأساة البشرية، ما بين وحشية الإنسان ولا أبالية الطبيعة.
أما في أنشودة المطر فقد ظهر التكرار على صورتين: الأولى تكرار كلمة المطر، كلازمة موسيقية تشدُّ أجزاء القصيدة، والثانية تكرار مقاطع بكاملها مثل:
أصيح بالخليجْ
يا واهب اللؤلؤ والمحار والردى
فيرجع الصدى
كأنه النشيج: يا خليجْ.
أو في مقطع:
في كل قطرة من المطرْ
حمراء أو صفراء من أجنّة الزهرْ... الخ.
هذا التكرار بصورتيه كان جديداً على السياب، فإنه إنْ لم يكن قد تأثر بسيتويل فلا بدّ أنه ابتداع خاص – وإن صعب تصديقه – وقع فيه الحافر على الحافر، ولكن ما أشد اختلاف الحافرين!
قد يكون من المفيد أن نذكر ما قاله الأستاذ نجيب المانع الذي زامل السيّاب لفترة طويلة، وهو الذي عمّق ثقافة السياب في الأدب الإنكليزي، وأرشده إلى سماع الموسيقى الكلاسيكية..." وكان من بين ما استمعا إليه موسيقى ديبوسي كمقطوعة حديقة تحت المطر و الكاتدرائية الغريقة" وهذه الأخيرة ظهرت أصداؤها في قصيدة:" النهر والموت":
بويْبْ
بويْبْ
أجراس برج ضاع في قراره البحر
وظهرت مرة أخرى كعنوان باسم المعبد الغريق وأصبحت فيما بعد عنواناً لأحد دواوينه.. يبدو أن ديبوسي هو الذي نبّه السيّاب إلى بيئته المائية، وإلى المطر خاصة.
أضف إلى ذلك أن السيّاب كان قد أحب في شبابه فتاة مندائية يقيم قومها معظم شعائرهم الدينية في الماء.
هكذا تيسرت للسياب ثلاثة دوافع غيرت مجراه الشعري تماماً. دافع فني عن ديبوسي، دافع بنائي عن سيتويل، دافع شعائري عن معشوقته، إضافة إلى عامل اقتصادي، وهو ما تدرّه شبكات الأنهار في قريته من نِعَم.
ولئن ارتبطت البحيرة في الشعر العربي بامرئ القيس، وماء الاستحمام بأبي نواس، والنيل بأحمد شوقي، فإن المطر سيقترن دائماً بالسياب، وله كل الحق في إعلان براءة اختراعه هذا في الشعر عالمياً.