يغسل العنب بلعابه خوفا على الماء |
المقاله تحت باب في السياسة وحبة على حبة حتى صار الأمر قبة أو كاد يصير كما اردت واشتهيت وعزمت وعشقت . أما المشتهى والمراد والمبتغى فهو في ما انا منكب عليه من زمان لكتاب سآتي فيه على خصلة ذميمة كريهة ابتلى بها نفر من بنين وبنات آدم وحواء ، تلك هي خصلة البخل . وقد ميزت في واحد من بيبان الكتاب قيد الشغل والمعاينة والتأمل والتفكر ما بين البخل والفقر اذ البخيل من كان بيمينه وبخزائنه ذهب ودنانير مكدسة وتجارة رابحة لن تفنى او تبور لكن يده مغلولة ابداَ الى عنقه وليس في خزنته حق للسائل والمحروم واليتيم والمقطوع من شجرة ، اما الفقير فلا سيف بكفه يهديه ولا ناقة يذبحها فتأكلها الناس سنة جدب وموسم قحط . وفي مذهبي هذا قصرت الحكي عن بخلاء الأدب والفن من دون سائر الناس ورحت ابحوش في ذاكرتي المشتعلة عن شعراء وقصاصين وروائيين ورسامين حتى وقعت على كنز عظيم فسارت السفينة ببخلائها واذ شاع وراج وماج نبأ الكتاب ، جاءتني كثرة منهم تسأل وتضحك وتنقل وتتشمم ان كانت اسماؤها وصفاتها قد أنزلت ورسمت في بطن الكتاب فأجيبهم بما لا يجاب وامعمعهم بكلام مستجاب فلا يبرحوا مجلسي الا وكانت صفرة تعلو وجوههم وكدرة تخدد جبائنهم وتجعلهم في ايامهم يتبلبلون . وبينا انا أدق بابا عاشراَ من بيبان الكتاب حتى وقعت فوق رأسي سلة خيفات فتلكّأت وتوسوست وفكرت في عاقبتين ثقيلتين ما بي حيل على شيلهما ، فأما الأولى فهي الخشية من ان اسقط في عب وجب أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ وحاشيته وحواشيه ومن شابهه وقلده ومن فسّره ومن قوّله ، والثانية التي لا تثنى فقد نامت على حرج ذكر صريح شديد اللمعان لأسم الاديب البخيل وكنيته وكنفه وطرفه وملحه وكانوا جلّهم من الصحب الذين عاشرتهم ونادمتهم وكرعت على موائدهم أكؤساَ سمينات من عرق متبوع بمثرودة خبز في مرق عليها هبر لحم طلي هرفي طيب معافاة ببعض شحم ودهن يشفطه الشارب ولا يتنفس حتى سيلان الزيت من زوايا الحلق ، فصار الكتاب حملاَ عظيماَ لو انزلته على جبل لتصدع وصار تراباَ بعد عين . قيل وما انت بفاعل ؟ |