خريجو جامعات على أرصفة البصرة |
المقاله تحت باب قضايا يرزح شبّان البصرة تحت وطأة البطالة المزمنة، وتنتشر اعداد كبيرة من خريجي الجامعات على أرصفة الطرقات فيما يعرف بـ "المساطر" عارضين خدماتهم في حمل ونقل الأمتعة وأعمال البناء.
ويتسائل علي عطوان (26 عاما) وهو خريج معهد هندسي اعتاد الجلوس يوميا والانتظار لساعات في إحدى مساطر منطقة العشّار، عن وعود السياسيين قبيل الانتخابات بشان تقديم حلول لمشكلة البطالة. وقال علي لموقع "نقاش": "تبخرت وعودهم وتبخرت الخطط السترايجية ولم يعد هناك من يتحدث عن شركات الاستثمار العالمية". وتبدو المشكلة لعلي ورفاقه العاطلين عن العمل أكبر من مسألة تحقيق وعود انتخابية، "فاليوم الذي لا نعمل فيه لا نأكل فيه، وفرص العمل تكاد تكون معدومة، وحتى هنا، البلدية والشرطة تطاردنا بذريعة أننا نشوه بجلوسنا منظر المدينة الحضاري". وفي مؤتمر خاص بالاستثمار عقد مؤخرا في البصرة جاء كلام المحافظ شلتاغ عبود لينسف ما تبقى من آمال أولئك الشبان، عندما وصف البنية التحتية الاستثمارية للمدينة بالـ "محطمة" متحدثا عن صعوبة جلب المستثمرين للمدينة علما انه اطلق تصريحا مثيرا أثناء الحملة الانتخابية عندما وعد الناخبين بأن تصبح البصرة "دبي العراق". وتشير دراسة صادرة عن لجنة التنمية والاستثمار في مجلس محافظة البصرة عن انخفاض نسبة البطالة بمقدار الثلث تقريبا، بعد عملية "صولة الفرسان" التي قادها رئيس الوزراء نوري المالكي في شباط/فبراير 2008. وتقول الدراسة أن "فتح أبواب التعيين على ملاكات وزارتي الداخلية والدفاع، سمح لـ 8000 متقدم بالحصول على وظائف". لكن مصدر في مكتب التشغيل بالبصرة طلب عدم ذكر أسمه قال لمراسل "نقاش" ان "عدد العاطلين المسجلين لدينا خلال دورة مجلس المحافظة السابق بلغ 41 الف عاطل بينما بلغ عددهم اليوم ولغاية شهر أيلول/سبتمبر 65 ألف عاطل عن العمل" ما يعني ان النسبة زادت ولم تتقلص. وأشار المصدر إلى أن "الجزء الأكبر من العاطلين عن العمل من هم الفئة غير المتعلمة لكن هناك متعلمين كثر ايضا ولدينا 117 اختصاص علمي ضمن المسجلين". و يقسّم الخبير الاقتصادي في وزارة الصناعة سالم عبد الكريم العاطلين عن العمل في محافظته إلى ثلاث فئات ويوضح لمراسل "نقاش" أن "هناك العاطلين من خريجي الكليات والمعاهد والأعداديات المهنية والتجارية، وتبلغ نسبتهم 25 % وهي في تزايد مستمر، وهناك فئة العاطلين الذين لا يملكون مؤهلات علمية أو فنية وهؤلاء شريحة واسعة نتجت عن سنوات الحصار الأقتصادي، وتبلغ نسبتهم حوالي 60% ، أما الفئة الثالثة فتتمثل بخليط من الفئتين الذين أمضوا شبابهم في حروب النظام السابق دون أن يمارسوا مهنة محددة ووجدوا أنفسهم بعد ذلك على قارعة الطريق وقد تعدوا سن الأربعين وباتت حظوظهم في التعيين محدودة". ويمثل سالم ثامر حمزة (42 سنة) خريج المعهد الفني في التسعينيات نموذجاً من الفئة الأخيرة. وعمل حمزة منذ سنتين بعقد مع شركة حكومية وبراتب ضئيل، قبل أن يجري انهاء عقده في هذا الشهر، ويقول حمزة أن " قرار التثبيت في الوظيفة لا يشملني لتجاوزي العمر المقرر في حين تم تثبيت بعض أقراني الأصغر سناً في وظائفهم". ويشعر حمزة وامثاله من العاطلين عن العمل بتخلي الحكومة عنهم، فباستثناء التوظيفات العسكرية والأمنية لم تقدم المحافظة على أية خطوات تذكر لمواجهة أزمة البطالة. ويتذرع المسؤولون بأن خزية المحافظة خاوية وأن العجز المالي يقدر بـ 97 مليار دينار عراقي. وتعترف سكنة فلك عضو مجلس محافظة البصرة بعجز الادارة عن ايجاد مخرج وتقول إن "فرص العاطلين عن العمل تبدو محدودة جدا". و على الرقم من تفاقم الأزمة، وآثارها الاجتماعية والأمنية، أقدمت الحكومة المحلية مؤخرا على قطع المساعدات الخاصة بالعاطلين عن العمل. وتقول عواطف الناهي عضو مجلس محافظة البصرة أن "التعليمات الاخيرة من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية أوقفت معونات العاطلين عن العمل التي كانت تقدمها دائرة الرعاية الاجتماعية، لذا فالقرار ليس محليا". وتبلغ معونة شبكة الحماية الاجتماعية حوالي 100 دولار شهرياً للعاطلين المتزوجين واقل من ذلك لغير المتزوجين. وهو مبلغ ضئيل مقارنة بارتفاع الأسعار الذي تشهده المحافظة، حيث يبلغ استئجار بيت في الأحياء الشعبية المتواضعة حوالي 200 دولار شهرياً. ويرى الخبير في وزارة الصناعة عبد الكريم أن مسؤولية التوظيف لا تقع على عاتق الحكومة. ويقول أن "العراقيين اعتادوا الاتكال على الدولة بسبب الظروف التي مرت بها البلاد ومن واجبنا تغيير هذا المفهوم". وأشار عبد الكريم إلى ان احصائيات وزارته تشير إلى أن "نسبة العاملين في القطاع الحكومي تزيد عن 80 % من مجموع العاملين حزء كبير منهم يمثل حالة بطالة مقنّعة" معتبرا أن "الوقت قد حان لتفعيل عمل القطاع الخاص وتشجيع المبادرات الفردية". وتغص الدوائر الحكومية بكوادر زائدة عن الحاجة، بما فيها مجمعات الشركات الصناعية الكبرى التابعة للدولة والتي تضم آلاف المنتسبين. فمجمع الحديد والصلب مثلا يضم أكثر من 6 آلاف منتسب والمعمل متوقف عن العمل، ومحاولات تأهيل بعض مفاصله بقيت محدودة. ويقول علي الناصر من المكتب الإعلامي للمجمع أن "اعداد كبيرة من الموظفين في موقع الشركة دون عمل ومجيئهم يومياً يعني تحمل الشركة مصاريف نقلهم إضافة الى صرف الرواتب وتحمل تبعات أخرى". واضاف الناصر قائلا أن "ذلك يعد نوعا جديدا من البطالة يرهق ميزانية الدولة.
عن نقاش
|