موت جماعي لنخيل العراق وتردي أنواع التمور المنتجة

المقاله تحت باب  قضايا
في 
10/10/2009 06:00 AM
GMT



عرفت زراعة النخيل في العراق عرفت منذ القدم وكان العراق، وإلى وقت قريب، يتصدر قائمة الدول سواء من حيث أعداد النخيل أو إنتاج التمور المتميزة بأنواعها. لكن القطاع يشهد ما يمكن وصفه بـ«موت جماعي» وتراجع عدد أشجاره من أكثر من 32 مليون شجرة عام 1960 إلى 16 مليون عام 2000 حسب الإحصاءات المتوفرة.
وثمة عوامل كثيرة وراء هذا التراجع، منها الحروب، وعدم اهتمام الحكومات العراقية بالنهوض بواقع زراعة النخيل، إضافة إلى سياسة الدولة في تصدير التمور وما اتبعته من آليات في هذا السياق نالت من سمعة التمور العراقية وجعلتها دون المستوى المطلوب.
رئيس الهيئة العامة للنخيل، فرعون أحمد حسن، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «أعداد النخيل ومنذ ستينات القرن الماضي بدأت تتراجع بشكل كبير، ويعود ذلك إلى عدم اهتمام الحكومات السابقة في وضع الخطط الطموحة لإبقاء العراق متصدرا الدول في أعداد النخيل والإنتاج». وذكر حسن من بين العوامل وراء هذا التراجع أن «الإهمال وقلة العناية بأشجار النخيل من عمليات التسميد والمكافحة والتلقيح والتكريب والتكريس، إضافة إلى لجوء المزارعين إلى أعمال أقل خطورة وبأرباح كبيرة وشح المياه وارتفاع نسبة الملوحة، خصوصا في مناطق الجنوب، وانعدام أو توقف المبازل وعدم استعمال نظام الري المقنن». وأشار إلى أن «الحروب أتلفت مساحات واسعة من بساتين النخيل في مدينة البصرة، إضافة إلى الحرب الأخيرة في عام 2003 وما رافقها من احتلال وتدمير للبنى التحتية وحرق كثير من البساتين».
وحول المشكلات التي تعترض تطوير النخيل قال حسن إن «مشكلات كثيرة تعترض تطوير النخيل منها مشكلات تتعلق بالإنتاج، حيث الأسلوب المتبع في زراعة النخيل ما زال يوصف بالمتخلف في كل عمليات الزراعة من الري والتسميد والتلقيح والجني وغيرها»، مضيفا إلى ما سبق «استخدام الطرق البدائية في الجني والتسويق والنقل، مما يؤدي إلى تلوث التمور، فضلا عن عدم كفاية المخازن لاستيعاب التمور المنتجة وبعدها عن مواقع الإنتاج». وتناول حسن منشآت تصنيع التمور وقال: «إن معظم مصانع التمور توقفت بسبب الحروب التي مر بها العراق لذا يجب علينا بناء مصانع حديثة، وحسب المواصفات العالمية، وعلى الحكومة تقديم الدعم من خلال تشجيع البحوث والباحثين لتطوير عمليات تصنيع التمور وتحسينها»، مذكرا بأن «الكثير من الصناعات تعتمد على التمور، منها صناعة الدبس وعصير التمر المركز وصناعة والسكر السائل».
وفي مجال تسويق التمور قال حسن إن «الإنسان العراقي قبل أكثر من 5000 سنة مارس كبس التمور بالخصاف لأغراض التخزين والتداول، أما تنظيم تجارة التمور في العراق فيعود إلى عام 1888 عندما باشر فرع شركة (هلس إخوان) البريطانية في البصرة بكبس التمور وتصديرها». ويضيف: «بعدها تم تشكيل الكثير من الجمعيات والهيئات وإصدار القوانين التي تخص التسويق ودخلت التمور كمادة رئيسية في المقايضة التي ساهمت في تدهور تجارتها، إضافة إلى عدم اكتراث المصدرين سواء من حيث النوعية أو السعر أو التعبئة، وكان همّ المصدرين هو الحصول على أذونات الاستيراد والسفر.. وما زال المصدر العراقي يعاني من مشكلات، منها رداءة وسائط النقل وازدياد تكاليف الشحن، كما أن جميع مبيعات التمور المصدرة تتم بطريقة البيع الآجل، دون تغطية من المصارف التجارية».
وفي ما يخص أصناف النخيل قال المهندس الزراعي، علي جاسم: «يوجد في العراق أكثر من 230 صنفا من أصناف التمر وغالبيتها مهددة بالانقراض. ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «أفضل الأصناف هو الخستاوي، الساير، الخضراوي، الحلاوي، الديري، وهذه الأصناف تتمتع بشعبية كبيرة عند الدول المستوردة للتمور العراقية».
من جهته، شكا رئيس جمعية التمور في العراق، سعد كندوح، من أن «الحكومة أهملت أشجار النخيل منذ وقت بعيد حتى أصبح العراق من الدول المتأخرة في أعداد النخيل وإنتاج التمور إضافة إلى عدم توفير المستلزمات الزراعية ومكافحة آفات النخيل». وأضاف: «زيادة أعداد النخيل وعودة العراق إلى المراتب المتقدمة بين الدول تكمن في فتح المجال أمام الاستثمار، خصوصا أن العراق لديه من الأراضي الصحراوية مساحات واسعة يمكن استغلالها». وقال: «منذ عام 2003 وإلى الآن أهملت مئات البساتين الكبيرة لأشجار النخيل بسبب رخص أسعار شراء التمور، إضافة إلى أن الدول تقوم بشراء التمور من الفلاح وتقوم ببيعه إلى أصحاب المواشي بأسعار مدعومة وهذا أثّر بشكل كبير على أسعار التمور العراقية في الخارج».