سوق البطالة العراقية ترحّب بعمال آسيا! |
المقاله تحت باب قضايا ثلاث شركات متخصصة بجلب الأيادي العاملة الأجنبية إلى العراق غير مجازة من وزارة العمل حسب المستشار الإعلامي لوزير العمل "عبد الله اللامي" هي المسؤولة عن استقدام العاملين البنغلادشيين إلى البلاد. ووفقا للمستشار فإن الشركات هي: سهول المراعي، والمسار، والعالمية. وكشف اللامي أن "هذه الشركات بدأت العمل في بغداد منذ مطلع العام الحالي وهي في الواقع فروع لشركات اكبر تتخذ من كردستان العراق مقرا رئيسا لها". وكانت العمالة الأجنبية قد بدأت تفد الى كردستان منذ اعوام نظرا لاستقرار الوضع الامني مقارنة مع باقي انحاء العراق حسب ما يقول المستشار الإعلامي فضلا عن "الحاجة الى اليد العاملة الرخيصة بعد تدفق الاستثمارات الاجنبية على كردستان وارتفاع مستوى دخل الفرد العراقي هناك". ووفق معلومات الوزارة، هناك شركة وحيدة مجازة في اقليم كردستان، متعاقدة مع الحكومة الكردية، كانت قد جلبت ما يزيد عن 300 عاملا أسيويا للعمل في المطارات وفنادق الدرجة الاولى في أربيل. كما ان هناك مجموعة من الشركات الأخرى غير المجازة قانونيا، تعمل داخل كردستان وتجلب العمال لبقية أنحاء العراق وهي: "قدم الخير" وفرعها الرئيسي في البحرين، و"ايفل" وفرعها الرئيسي في دبي، وشركتين محليتين هما "بروسك" و"ميري بابان". ويمكن اليوم، نتيجة نشاط تلك الشركات غير القانوني، مشاهدة الآلاف من العمال البنغلاديشيين في العاصمة بغداد اثناء التجوال بين الكافتيريات والمطاعم الفخمة ومحال تقديم الوجبات السريعة. ويتم استقدام العمال الأسيويين إلى العراق بعد ان يدفع الواحد منهم مبلغا يتراوح بين 2000- 5000 دولار اميركي لشركات تصدير العمالة في بلدانهم. وتتقاضى شركات استيراد الايدي العاملة مبلغا يتراوح بين 2400 الى 5000 دولار من رب العمل الذي يستخدم العمالة الاجنبية كتأمينات لضمان عدم الاستغناء عن العمال حال انتفاء الحاجة لهم. ويعمل معظم العمال الأجانب في بغداد أو كردستان في تقديم الطلبات وفي التنظيف والأعمال الثانوية في المطبخ وفي استقبال وتوصيل المرضى وتنظيف الأرضيات في المستشفيات الخاصة، وكذلك في الفنادق ومدن الألعاب الخاصة. وبالرغم من سوء الوضع الامني العراقي مقارنة مع دول الخليج إلا ان كثيرا من البنغلاديشيين يفضلون القدوم للعمل في بغداد. أحد اولئك العمال "أسد الله حمد نواز" وهو بنغلاديشي الجنسية يبلغ من العمر 18 عاما، كان يعمل كمنظّف فندق في إمارة دبي ووصل بغداد منذ شباط (فبراير) الماضي وبدأ العمل في ثاني يوم من وصوله كمنظف في فندق ثلاث نجوم. ويشير أسد الله إلى أن العمل في بغداد "أفضل بكثير من العمل في دول الخليج" ويقول لمراسل "نقاش" بلغة عربية مكسّرة أن "لا حاجة (عند القدوم إلى بغداد) لفحوصات طبية وإجراءات روتينية معقدة كتلك التي نواجهها في الخليج كما اننا معفيون هنا من ضريبة العمل والحياة هنا أرخص". فيما يذهب "محمد يوسف" الذي يعمل في كافتيريا في العاصمة وهو بنغلاديشي الجنسية يبلغ من العمر 20 عاما الى ان "الناس لا تعاملنا بسخرية كما يعاملوننا في دول الخليج ولا يوجد نظام كفالة كالنظام المعمول به هناك". لكن العمل بالنسبة لأسد الله ومحمد ورفاقهما لا يخلُ من معاناة، فأجور العاملين البنغلاديشيين تقل عن 200 دولار أميركي شهريا في وقت تصل فيه أوقات الدوام إلى 16 ساعة ولستة أيام في الأسبوع. اما اجور العامل العراقي الذي يقوم بنفس الاعمال التي تؤديها العمالة الاجنبية فيتراوح بين 500 الى 600 أمريكي. ولايقع على رب العمل من التزام سوى تقديم الراتب مع توفير المأكل والملبس والمنام الذي غالبا ما يكون مكان العمل نفسه. في حين يوفّر بعض ارباب العمل غرفة صغيرة ينام فيها أكثر من عشرة عمال كما هو حال "أسد الله". ويعاني معظم البنغلاديشيين حسب مجموعة منهم التقتها "نقاش" من عدم شرعية اقامتهم في العراق وهو ما يجعل من حركتهم خارج مكان العمل معدومة حيث ان جميعهم دخل البلاد من دون تصاريح عمل ومن خلال تاشيرات سياحية. وهو أيضا ما يبرر عدم رؤية هؤلاء الأجانب في الشوارع في أوقات استراحتهم وعدم اعتماد أرباب العمل عليهم في مشاوير خارج مكان العمل. ثم ان جميع العمال الذين وصلوا وسط وجنوب العراق مسلمون غير أنهم لا يتقنون اللغة العربية الا قليلا ولايجيدون الانكليزية نهائيا مما يجعل التواصل معهم صعبا بعض الشيء. "ميثم حميد" رجل أعمال ومستثمر عراقي أقام مشروع لمدينة ألعاب وتنزه كبير بقيمة خمسة خمسة ملايين دولار أميركي استخدم قرابة 25 شابا بنغلادشي للعمل في المشروع خاصة في مجال التنظيف والترتيب. ويدافع ميثم عن خطوته باستخدام الأجانب قائلا ان "ايجابيات العمالة الأجنبية هو إخلاصهما في العمل أكثر من العمال المحليين خاصة في تنظيف الحمامات وأعمال الكنس الأخرى التي لا يؤديها العامل المحلي بكفاءة الأجنبي". أما السيد "عمر الطائي" وهو صاحب فندق ثلاث نجوم وقد استخدم 12 عاملا بنغلاديشيا فيشير إلى أن "العامل الأجنبي أكثر التزاما من المحلي لأنه في بلاد غربة وهو ما يبعده عن الواجبات الاجتماعية فلا يأخذ الإجازات لمرض والدته مثلا أو وفاة احد أقرباءه كما انه يسكن في مكان العمل وهو ما ينهي مشكلة التأخير والتغيب عن العمل، ثم أن أجورهم اقل من أجور العمال المحليين". عبد الله اللامي المستشار الاعلامي في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية يؤكد لـ "نقاش" ان الوزارة لا تصدر أي اجازات حتى الان للسماح لهذه الشركات باستقدام العمالة الاجنبية ويبرر ذلك "بانتشار البطالة في العراق بين مختلف مستويات الشعب الاجتماعية" ويؤكد اللامي ان الوزارة "اعدت مشروع قانون تتم دراسته الان مع وزارات اخرى ذات الشأن هي التخطيط والداخلية واتحاد الصناعات والتنمية الصناعية لتنظيم موضوع العمال الأجانب". الشارع العراقي، خاصة العاطلين عن العمل، بدا منزعجا من استقدام العاملين الاجانب. ويقول احمد الماجدي وهو شاب عراقي أنهى دراسته الإعدادية العام الماضي ولم يلتحق بالجامعة كونه درس القسم الصناعي الذي يؤهله للعمل مباشرة أن "على الحكومة العراقية أن تضع حدا لدخول العمالة الأجنبية لان العاطلين عن العمل أمثالي يملأون الشوارع ولا يجدون بابا مفتوحا للعمل وأينما توجهنا يطلبون منا تأييدات العمل المسبق في المجال بينما لا يطلبون ذلك من الآسيويين والأفارقة". وفي ظل غياب ارقام دقيقة، تتحدث تقارير إعلامية محلية عن وجود ما يزيد عن عشرة ملايين عاطل عن العمل في العراق. بينما تشير دراسة صادرة عن "مركز دراسات وبحوث الوطن العربي في الجامعة المستنصرية" شملت شرائح مختلفة في المجتمع العراقي، بأن نسبة البطالة في العراق تبلغ 42 في المئة. وكشفت الدراسة التي اعدها اكاديميون عراقيون أن 40 بالمئة من العاطلين عن العمل كانوا من حملة الشهادات الجامعية، وأن تلك النسب مرشحة للازدياد بأكثر من 4% سنويا مع تخرج دفعة جديدة من طلبة الجامعات ومع غياب الخطط الحكومية لاحتواء هذه الأيادي العاملة والإفادة من خبرات وكفاءات حاملي الشهادات الجامعية. وفي ظل هذه المعدلات، بدا الشباب العراقي أكثر تقبلا للعمل في الأعمال الثانوية التي كانت تعتبر "مهينة ودونية" قبل سنوات. وتنتشر اليوم في بغداد والمدن الرئيسية ظاهرة عمال "المساطر" وهم عشرات من العاطلين من العمل يجلسون على أرصفة طوال النهار في صيف تتجاوز الحرارة فيه 50 مئوية، طمعا في أن يأتي من يستأجرهم لعمل ما. و يقول السيد "إياد سالم" البالغ من العمر 38 عاما ويحمل بكالوريوس آداب وهو أب لطفلين يحاول تدبير قوت عائلته من بيع الشاي على باب الدار للمارين إلى إحدى دوائر الدولة القريبة من محل سكنه، يقول: "إذا كانت العمالة الآسيوية قد وجدت لها سوقا رائجة في دول الخليج فذلك لان تعداد نفوسهم قليل ووضعهم الاقتصادي ممتاز ولا يسمح لهم بالعمل في المجالات الخدمية أما نحن فلامانع لدينا من أن نقوم بأي عمل خصوصا وان الغالبية من العراقيين من الجنسين ممن خرجوا من البلاد يعملون في أعمال أشبه بتلك التي يؤديها البنغلاديشيون هنا.
- عن نقاش -
|