المحاسبة الثقافة والاعلامية

المقاله تحت باب  مقالات و حوارات
في 
27/07/2007 06:00 AM
GMT



أن الثقافة غرس ووتد عميق لحضارات الأمم والشعوب وهي تعد علامة فارقة ودالة على براعة وذهنية العقل الإنساني .. وهي المنهل والعطاء والتاريخ وهي بحر وسفر ومدرسة وتجربة تجمع بين الإبداع القديم والمعاصر وكذلك الإعلام والذي يعد ملازما لثقافتنا فالحياة بينهما اخذ وعطاء يتلاقحان وليتم بهما معناها الكبير.

ولهذا تزداد اليوم أهمية ( المحاسبة الثقافية والإعلامية ) في حياة المثقفين وان المحاسبة هنا تعد اضعف رد فعل نمارسه في مواجهة تطاول الآخرين عليها وحصرها في زاوية ضيقة أنانية وتسييسها لما يخدم الذات أو الشخص والشخوص أو الحزب أو المؤسسة أو الدائرة الضيقة كما يفعل البعض .

وان كنت وكنتم ومن خلال طرح هكذا مفاهيم وفي أحيان كثيرة نواجه صعوبة في اعتراف الأخر بأننا محقون وهو مخطأ وان تأخيره في الاعتراف ( المسؤول ) والنزول عند رأي العقلاء من المثقفين والأدباء يترتب عليه كوارث قد لا تحمد عقباها من الناحية التاريخية والإبداعية والثقافية في جميع أعمدة الفن والتي تبد اليوم أخذت بالتصدع وان الأرضة وجدتها طعاما سائغا مضغه .

وقد يسال كل من يتابع مقالاتي عن السر في الكتابة دوما في هكذا مواضيع ؟

سر الكتابة يكمن في الدور الذي تلعبه الثقافة في حياة الإنسان والشعوب ولان حياة أعمدة الثقافة والفن والأدب والإبداع وقبل إحرازهم النجومية وقبل أن يتوج التاريخ أسمائهم بأحرف من نور وتعلق صورهم على طبق من الذهب في ساحات جماهير الثقافة والفن .. كان سعيهم ( العمالقة ) الوحيد وهمهم المطلق وفرصتهم التي لا تعوض هي التربية والبناء والتقويم والتي يفترض أن تزدهر في أيامنا هذه وذلك لان كل وسائل التربية والتعليم والبناء متوفرة وفي متناول الأيدي بل ونستطيع أن نتحفها بمفاهيم جديدة قد تكون غابت عمن سبقنا أما بسبب الظروف السياسةالقاهرة أو الكسل أو عدم توفر ثمن أدوات الإبداع .. وعندما يتناغم الإبداع والفن والثقافة مع التربية الثقافية والإعلامية سيظهر في مجتمعنا – مثقف – متصالح مع نفسه وارثه وثقافته ومجتمعه وبيئته حينها سيكون بمثابة حمامة سلام صالحة تلعب دورا رئيسيا لتمثيلنا أمام الشعوب والإنسانية وان بصماتها سوف تترك للأجيال ارث وتركة بمثابة مصباح هدى يستنير به التائهون في دروب الثقافة المتعددة الممتدة من الصدر الأول لتاريخ الخليقة والى يومنا هذا .

وكذلك يفترض أن يشعر كل من المثقف والصحافي والإعلامي والأديب والفنان وغيرهم من الذين ينتمون لهذه الأسرة الرائعة بينه وبين نفسه بأهمية الزمن وهو يمر مر السحاب وهذا المرور السريع يفرض علينا جميعا أن نتسابق في ميادين البذل والعطاء والإبداع ونسعى بكل ما أوتينا من قوة ومساحة وأدوات وخبرة لبناء صرح ثقافي رائع نفتخر به أمام الناس والإنسانية وأمام خلق الله وان تتضافر الجهود جميعا في الدأب والمثابرة وان يشعر احدنا مكملا للأخر لكي نبني أجهزتنا الإعلامية ومؤسساتنا الثقافية من خلال تسابق مشروع بعيد عن المصالح الشخصية والحزبية .. وينبغي أن يكون تسابقنا مرتكز على الإعلام الثقافي كواحد من القطاعات التي لا تخلو من أهمية لما يرفد ثقافتنا اليوم ولا يفوتني حيث أن كبواته ( الإعلام الثقافي ) عادة من النوع الذي لا يمكن صياغة تبرير مقنع له كما يفعل البعض وذلك لان الإعلام الثقافي انعكاس كامل لتضحيات وجهود المثقفين والشعراء والأدباء والفنانين والشهداء والمناضلين المضحين والمشردين والمهاجرين والكادحين وهنا وجب عليه ( الإعلام ) أن يكون غير منحاز لفئة دون أخرى وذلك لان الإعلام الثقافي أذا أصيب بنفس مرض بعضنا ممن يمارسون مهنة الصحافة الرسمية والإعلام الحكومي فسوف يخلق أو يصنع هكذا إعلام الفاصلة التي نخاف منها هي فصل المثقف والمبدع عن جمهوره ومريديه وفي هذه الحركة الغير مدروسة ومحسوبة سوف نخلق ( مثقف الدولة أو فنان الحكومة ) وهنا أسسنا حالة اسميها ( الإعلام الشخصي ) الذي يبتعد متعمدا عن تسليط الضوء على ما ينتجه ويبدعه الآخرين ولهذا نرى أن هكذا إعلام بعيد عن رضا الأمة ومبدعيها ومثقفيها ورويدا رويدا تسحب منه شرعيتها بعدم المتابعة والاهتمام حيث نجد الأمة لاشترك في تقيم مسيرة هكذا إعلام .

وبناء على ما مر أن هناك حقيقة يجب على كل مسؤول ان يدركها وهي أن المثقف والفنان والإعلامي والصحفي والأديب يشعرون أنهم وليدي الجماهير ولسان حال عذابها ومحنها وهم ملك لها وحسب .. ولا يستطيعون في سلوكهم الفني والثقافي والإبداعي أن يبتعدوا عنها أو يتظاهروا بالصمم إزاء ما تتعرض له ثقافتهم بل أن أجمل وأبهى وأصفى وأعمق لحظة لهم هي لحظة البوح الصادق المعبر .

وهذه الإشارة تفرض علينا الرجوع للأمة .. وصحيح أن العودة والرجوع للأمة والناس واخذ رأيهم في أمر ثقافي أو إعلامي هي عملية تنطوي على صعوبات كبيرة من جميع النواحي.. ( واعترف من دون مكابرة ) قد يكون من السهل وفي منتهى الجاذبية التحدث عبر مقال اكتبه وانشره عن موضوع الاحتكام للأمة والمثقف وجمهوره --- وأنا على يقين أقولها بتواضع صادق ليس تواضع المرائين لو كلفت على صعيد الممارسة العملية للثقافة والإعلام أو الرجوع للأمة والمثقف قد يكون من أصعب ما للثقافة من أعمال ولعلي اخفق وافشل في اليوم الأول !! وذلك لان الاتصال بالجمهور المثقف وعمالقة الأدب والفن في الأجواء المضطربة عمل شاق , خاصة وان الدائرة الثقافية المكلفة في هكذا أعمال وانجازات ( البيت الثقافي أو المركز الإعلامي ) بمعنى جمع المثقفين تحت بيت واحد يعتبر تقليد جديد في تكوين خيمة تستوعب الكاتب والفنان والمثقف والصحفي والإعلامي والأديب والشاعر والرجل والمراءة والفقير والغني والمسؤول والرئيس والمرؤوس والبيدق والعصي الدم وخفيفه والأناني والمنكر للذات والمتملق وشاعل البخور وحامل الفانوس من اجل السرقة والغث والسمين والشريف والنزيه وماسح الأكتاف إذن أي خيمة تلم هؤلاء وأي عقل يشترك في إدارة هكذا خيمة ؟؟ إذن لابد من مثقف فني صارم ينتمي إلى حكومات من القلاع الحصينة حكومة الإخلاص وحكومة التواضع وحكومة الحب وحكومة التصالح وحكومة الاستيعاب وحكومة الصدق وحكومة المهنة وحكومة الخير وحكومة الإنسانية وحكومة الدموع وحكومة الجوع وحكومة العوز وحكومة الخبز الحلال وحكومة الشجاعة وحكومة الهموم وحكومة الفن والأدب والكلمة والقلم وفوق كل ما تقدم حكومة الضمير النابض الحي وكذلك تتطلب المسؤولية رجلا أميننا يعمل الخير ويطوي صفحة الشر لا يكذب ولا يتجسس ولا يأخذ الناس بالظن والتهمة والشكوك ليس عنده عقدة التفوق على الآخرين لسانه عامر بذكر الله ويجب أن ينتمي انتماء حقيقيا لتلك الحكومات لا انتماء شكلي ظاهري كاذب خادع وان يسعى ونسعى معه ونكافح من اجل تأليف محتوى جديد اسميه ( حب الإنسان ) وإذا فشل أو اخفق المتصدي لأي عمل ثقافي أو إعلامي عليه أن لا يخجل أن اكتشف فشله أو إخفاقه مثقف أخر ويجب أن لا يستغرب عندما يقترح عليه الثاني من أصحاب النوايا الحسنة مطالبا أجراء تعديل على مركزه أو مؤسسته أو بيته الثقافي كما يسميه وان لا يعتبر كلمة اقتراح أو المطالبة هي بمثابة إقصاء أو استحواذ بغض النظر عن الوضع الاصطلاحي للكلمة بل يجب على كل مسؤول ومهما كان مقامه ومنصبه أن يدرك أن في بعض مراحل العمل السياسي و الإعلامي والثقافي خاصة يحتاج إلى لغة الأمر الصادرة من رواد وعمالقة الثقافة ولا يحق له أن يحتكر منصة التسديد والتوجيه والإرشاد بل عليه أن يعكس الحالة ولو في الشهر مرة !! فليس عيبا لو سألنا الناس يوما عن رأيهم بإعلامنا وسياستنا وثقافتنا وعن مؤسساتها وعن مدى قبولهم لها ومدى رضاهم عنها نسألهم مثلا هل يحق لنا صرف كل هذه الأموال لأجل مهرجان أو أمسية أو مؤتمر كهذا .. مثلا . أم لا يحق لنا ؟؟ نسألهم .

وأخيرا ..

هل يمكن ل ( ماجد ألكعبي ) مثلا الخوض في هكذا مواضيع وتسلط عليها الضوء معناه دخل جهنم من أوسع أبوابها وهل يمكن أن يشعر المثقف في برزخه بعقدة في لسانه وهو يحاول الإجابة على سؤال منكر ونكير الذي يتضمن فقرة تستفسر عن عمره فيم أفناه ؟؟

الجواب من دون تردد – لا –

كذلك افعل أنا واكتب من دون تردد.

Majid_alkabi@yahoo.com