غونترغراس.. عنصرية اليوم /تحاسبه على عنصرية الامس

المقاله تحت باب  مقالات و حوارات
في 
11/01/2007 06:00 AM
GMT



غونترغراس واحد من مبدعي العالم الذي حصلوا على جائزة نوبل للاداب .. الجائزة التي تمنح للمبدعين المتميزين الذين حققوا انجازا ابداعيا يصب في خدمة الحياة الانسانية وفيه قدر من الخصائص المتفردة التي تميزه.. والجائزة ايضا بمثابة الشهادة العالمية على ابداع او عطاء من ينالها وبعد ان حصل غراس على هذه الجائزة اندفع بقوة للحديث عن نفسه وارائه بصدق من خلال كتابه المعنون" عند تقشير رأس البصل" والذي يتحدث فيه عن سيرته الذاتية ومذكراته.. والكتاب لم يصدر بعد ولكنه في لقاء صحفي سبق صدو ر هذا الكتاب اعترف غراس انه تحدث فيه عن جانب من حياته التي لم يكشف عنها بعد وهذا الجانب هو انضمامه الى فرقة - وافن.أس.أس.- النازية وذلك عند التحاقه بالجيش الالماني.. ومن هنا انطلقت العاصفة ضد غراس ودعا البعض الى معاقبته وسحب جائزة نوبل منه حتى ان لينخ فاليسا رئيس وزراء بولندا السابق والحاصل ايضا على جائزة نوبل للسلام عام 1983 طالب بلدية غدانسك البولندية ان تسحب من غراس -جنسية- مواطنة الشرف منه ويطالب ويصر البعض على ضرورة سحب نوبل من غراس ولكن هذا الاصرار يصطدم بقوانين الجائزة واعرافها التي لا تسمح بسحبها ممن نالها مهما كانت الاسباب كما يقول المدير العام لمؤسسة نوبل السيد ميشيل سولمان والذي يضيف قائلا (هذه القرارات قطعية ولم يحدث في تاريخ الجائزة ان سحبت من حاملها.. ويتهم البعض غراس بانه قد كشف هذا السر الاسباب تعود الى محاولته تسويق كتابه الاخير وهو بهذا يبدو قد نجم بشكل كبير على الرغم من تعرضه لكل هذه الاحتجاجات والاعتراضات .. كما يرى البعض ان صمت غراس طوال 60 عاما عن هذه القضية يثير لاستغراب خاصة وهو صوت اخلاقي يطالب المانيا بالتخلي عن تاريخها النازي..
يذكر ان غراس, كان قد دعي الى جيش الدفاع الالماني, لكن احدا لم يتصور انه كان عضوا في فرقة "وافن أس أس" السيئة الصيت. وغراس الذي يبلغ من العمر 78 عاما, كشف عن هذا بنفسه في حديث مع صحيفة المانية, مؤخرا, بمناسبة الحديث عن مذكراته التي ستصدر في ايلول (سبتمبر) المقبل, وقال انه كان في السابعة عشرة من عمره, عندما التحق بفرقة "وافن أس أس", وعلل انتماءه لتلك الفرقة, بانه اراد ترك بيت الاهل, وليس برغبة خالصة منه. الا ان غراس يقول في مذكراته التي كشفت الصحيفة عن جانب منها, انه كان في الخامسة عشرة من عمره, واراد الانخراط في صفوف البحرية الالمانية, لكنه رفض بسب صغر سنه, وبعد ان بلغ السابعة عشرة, دعى الى الالتحاق بفرقة "وافن أس أس".
غونتر غراس الالماني, والمولود في مدينة غدانسك البولندية, يعد واحدمن كبار الكتاب العالميين اليوم, وقد منحته الاكاديمة السويدية جائزة في الاداب, في نهاية الالفية الثانية وذلك "لعكسه الوجه المنسي للتاريخ من خلال حكايات مروية على السنة الحيوانات, في قالب من السخرية اللاذعة", كما جاء في تبرير منحه الجائزة. وفي روايته الشهيرة "طبل الصفيح", يسترجع غراس التاريخ المنسي لمدينتة, بالحديث عن المنبوذين والخاسرين والاكاذيب التي آمن بها الناس يوما وهم يحاولون الان نسيانها. والسؤال الذي يتداول الان على السنة الكثيرين هو: لماذا يكشف غراس اليوم عن انه كان منتميا الى الفرقة النازية, ذلك بعد مرور ستة عقود?
انه سؤال ان لم يجب عليه غراس فلا شك انه يعرض نفسه ومنجزه الابداعي للشك لان الصدق ضروري للمبدع وبدونه سوف يتسلل هذا الشك الى ماهية المنجز الابداعي حتى ولو توفرت فيه الشروط الفنية الكاملة الى جانب القيمة الابداعية والقيمة الفكرية ولكن تبقى القيمة الفنية ماثلة ولايصالها الشك كونها هندسة المنجز العمراني التي يقوم عليها النص وهي تنفصل عن غايات ومضمون النص كما ان المبدع الذي يستطيع اقناع العالم بصورته التي يريد ويخفي صورة اخرى مخالفة لها انه لمبدع شيطاني وما اظن ان الشيطان غبي وان مثل جانب الشر بكامله.. لقد نجح غراس ان يحقق ما يريده على مستوى المنجز الابداعي وعلى مستوى شخصيته ومكانتها في العالم.. ثم ان الذي اخفى انتمائه لفرقة - وافن .أس.أس- 60 عاما يستطيع الاستمرار بهذا الاخفاء ولكنه رأى ومن خلال بصيرته الثقافية ان هذا الاعتراف لو كان قد حصل في بداية حياته الابداعية لحرمة من اكمال منجزه ومن الوصول الى العالمية  العالمية ولجعله اسير اصحاب شعار محاربة النازية وهم من النازيين الجدود -الصهاينه- اذن كان الصمت عن هذا الامر ضروريا له ولمنجزه .. فان الامر الاهم ان غوتنر غراس دخل الجيش النازي وهو طفل يبلغ من العمر 17 سنةوان عمر الطفولة لا يسمح للانسان ان يحسن اتخاذ القرار ناهيك عن الثقافة السائدة آنذاك والتي تساهم مع طموح واحلام الطفولة والشباب  في الولوج دون تمعن فقد كان المجتمع مؤهلا لقبول ثقافة النازية وليس كما هو عليه الان.. ثم هل ينكر احد ان المجتمع الالماني وبعض المجتمعات الاوروبية كان الكثيرون منهم يؤمنون بالثقافة النازية فقد وضع بعضهم حياته في الحروب دفاعا عنها وبالتالي فان تلك الثقافة او الايدولوجية مهما كانت ظلامية وعنصرية لا يجب ان يحاسب كل من امن او عمل في ظلها والا حري بالعالم ان يقضي على نصف الشعب الالماني او اكثر بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.. كثير من المبدعين ادباء وفنانين عالميين سارو مع ايدولوجيات غير انسانية لظروف خارجية وذاتية ولكن بعضهم عاد الى الطريق الصواب بعد ان فكر جيدا ورأى الحقيقة بنفسه وليس كما تراها الايدولوجية والتاريخ شاهد على الكثيرين من هؤلاء .. ام ان العالم اليوم يريد محاسبة كل من يعارض المعتقد العنصري القائل - بان اليهود شعب الله المختار- هل انتهى الامر بالعالم ان يحاسب مبدعا حاصلا على جائزة نوبل للسلام من اجل  نزوة طفولية وان كانت عنصرية  دخل في ظللاها تحت تأثير ظروف اجتماعية قاسية وعقل طفولي لم ينضج انذاك...