خمسٌ وعشرون مرثية للعراق

المقاله تحت باب  نصوص شعرية
في 
28/08/2008 06:00 AM
GMT



صوت المؤذن يشقّ الليل
ليخبرنا بمكوّناتنا:
حبوب القهوة؛ شفافية السكر؛
شبح الهال في كأس المسجد.

هؤلاء الجنود لن يتزوجوا أبدا.
هم مخطوبون بالفعل
لبنات الأورانيوم.

شهرزاد تجلس
في الحرّ داخل الغبار
ترقب دلوها حتى يمتلئ.
تلك القصة الأولى.

قبل الجوع
     العطش.
قبل الصلاة
     العطش.
قبل المال
     العطش.
قبل العطش
      الماء.

فتيان مقاطعة واتس وجونز1
يبنون نيرانا للطهو على أسوار أور
لكن طيور الصحراء صامتة
وكلّ ذئاب الإقليم
فرّت نحو الشمال.

بينما نصوّر الطفل المريض
الطفل المريض وراءنا
يغافلنا ويموت.
وفيما ندير كاميرانا
تروح الأسرة تهندم نفسها
كأنما الحزن
يهان.

الأحمر والذهبيّ
الحرير البغداديّ المذهّب
تحت قمر بغداد
تحت كرة البيبسي.

منذ الخليفة الأول للمسلمين
كان ثمة سوق.
ثمرات الليمون هذه،
هذا السمك،
والمنحنيات فوق الصخرة
النساء في سوادهن
كأنهن أربع باذنجانات
مغبرة.

"هذي ابنتي"، يقول،
فيما يداعب كاميرا الفيديو ماركة Sony،
بطاريتها ساخنة، والمؤشر يومض بالأحمر.
"هذي الكاميرا كأنها ابنتي".
لكن ابنته، 12 عاما، ترقد في مهدها،
تناغي، تناغي، تناغي مثل الهدهد
فوق مقبرة بريطانية.

يا للأطفال هنا!
ليسوا إلا بذور زيتون تحت أحذيتنا؟
بدلا منهم
حاول الوصول إلى البلح
قبل أن يفقد بريقه.

إلى الخلف وإلى الأمام
جيئةً وذهابا
طائر الفرات الرفراف،
مثل حبل قبطان العبّارة.

بائع الثلج ينتظر
تحت سقيفته من سعف النخيل،
أمواله تجري في بالوعة الحقل.

تحت المشاعل الكاشفة
وأوكار الرشاشات في شارع الرشيد
تنفجر الخفافيش
مثل الذخيرة مقتفيةً الأثر.

صفراء كالبلح هذه السحالي
تتشمّس في باحة الكاتدرائية.
بينما يخلع المصوّر نعليه،
وينحني للصلاة.

مشعٌّ،
له حنجرة سمكة قرش،
الملاك الذي جاء من أجل مئات اللاجئين
إلى العامرية.

في موقف سيارات الفندق
مئةٌ وخمسون عروساً وعريساً
ينتظرون المصوّر.
رقدت طوال الليل مستيقظا
أصغي إلى صيحاتهم.

هذا الدولار الأول الذي انتزع من الرزمة
يشتري كومةً من الدنانير أعلى قامةً من مستوى
قلبي.

مالك الحزين في الأبيض
وامرأةٌ في الأسود
يركعان بعمق معاً
في دجلة الخضراء.

الخوختان ترقدان جوار سريرها
لكنهم
أقصوا طفلها بعيداً.

تترجّل من الحافلة
في غيمة من السواد،
القمر والنجوم فوق تنورتها،
ومرسومٌ فوق صدرها
العين التي ترى كل شيء.

القرمزيّ على أظفار قدميها
مخدوش تقريبا
صبيّة البازار هذه،
التي تلفّ كمبيالتي كأنبوب
ثم تمسح أنقاض بابل
عبر هذا التلسكوب الورقيّ.

أربعة بلايين سنة
حتى يقوّض نفسَه الأورانيوم
الذي أريق في أور.
الأسهل
انتظار الشمس حتى تموت.

في وزارة الإعلام
الحواسيب معطلة،
المكاتب مظلمة؛
لكن معي في الممر
جيش سريّ من الصراصير.

"فراشاتٌ"، أقول.
كلا. انظر من جديد، هي تقترح عليّ.
الملتصق بالسقف ليست فراشات
ليست إلا الأيادي السوداء
لأطفال العامرية.

أحيانا
بعض الأشياء اليقينية تعود:
هذه الوسائد، النارجيلة،
والشاي البصريّ المحلّى بالسكّر
المطهوّ مع الزيزفون.

* مقاطعتان في الولايات المتحدة