المقاله تحت باب في السياسة في
19/04/2008 06:00 AM GMT
قال اللواء علي حسين كمال وكيل وزارة الداخلية أن الوفد العراقي لاجتماعات لجنة التعاون والتنسيق الامني لدول جوار العراق الذي عقد في دمشق مؤخرا قال كل شيء ، وبصراحة ، ما عدا الاسماء . اليس من الغريب ان نقول كل شيء ، وبصراحة ، من دون ان نذكر الاسماء ؟ يتطلب الأمر عبقرية خاصة ، إما عبقرية محتال ، وإما عبقرية عبقري اجتمع مع عباقرة متواطئين ، وإما عبقري من النوع التأملي يعتقد ان الصراحة تنتمي للمفاهيم الكلية التي تبطل الاسماء وتناقش ما هو سام ورفيع المستوى وغير مشخصن أو غير مسمى. لنتفق اوليا على أن ذكر الاسماء في موضوع يخص العراق الحالي يعني ذكر الاتجاهات الجغرافية التي تهب منها الرياح على العراق من دول الجوار . بهذا المعنى نحن نتفق نسبيا مع الفلسفة اللااسمية التي حملها المجتمعون في دمشق ، بيد اننا ابقينا امكانية ان نحدد الشرق بالشرق والغرب بالغرب من دون ان نكلف انفسنا كذلك ان ندعي ان تركيا تقع الى شمال العراق بالضبط ، والسعودية والكويت الى جنوبه مع ميلان في الزوايا . اننا نقترب من جغرافية هبوب الرياح الطبيعية التي تعترف حكومتنا انها لا تريد تغييرها بل تريد أن لا تسيس اخلاصا لفلسفتها اللااسمية . لا اعرف تقديرات السيد وكيل وزارة الداخلية في هذه المسألة وما موقعه من هذه الفلسفة ، بيد ان وزير الخارجية الايراني ، رئيس وفد بلاده الى اجتماعات اللجنة ، أكد الاتجاه اللااسمي الذي شاع في الاجتماع ، فقد نفى أن يكون العراق قد اتهم ايران بلعب دور سلبي في احداث البصرة الاخيرة . هل البصرة اسم عابر ؟ انها مغطاة بالاحداث مثل الموصل ، أو ربما مثل ايرلندا ايام الجيش السري، وبهذا المعنى فهي لا ترى . الاحداث ترى ، نعم ، ولكن ما شأن الاحداث بالاتجاهات التي تعبر من والى ؟ ان الوزير الايراني يساند الفلسفة اللااسمية التأملية للحكومة العراقية ولابد ان نشكره على موقفه المتعاون . هناك تأكيد اضافي للوزير الايراني ، فقد رد على سؤال يتعلق بالمقصود من كلام وكيل وزارة الخارجية العراقي لبيد عباوي الذي اشار الى " جهات اقليمية " لعبت دورا في أحداث البصرة ، فقال الوزير الايراني ، بنفس الصراحة اللااسمية التي سادت اجتماع دمشق :" من قال لكم أن المقصود هي ايران ؟! " حقا من قال ان المقصود هي ايران؟ المسؤول الايراني لا يتواقح ولا يتذاكى بل يعيد ترجمة ما قاله صاحبنا عباوي المخلص الامين للفلسفة اللااسمية : جهات اقليمية ! ومن قال ان ايران جهة اقليمية؟ انها دولة من دول الجوار تحضر اجتماعا لدول الجوار ، وهي ليست ايران بالاسم ، بل – حبا بالله – دولة جوار بالمعنى الطبيعي ، بالمعنى الكلي الذي لا ينفتح الا من جهة الكلي ، حيث تختفي ايران الاسم كليا. هذا الاختفاء ، وهذا السحر ، لا يؤكد وجودهما الفلسفي الموظفين الصغار فقط بل رئيس الوزراء العراقي نفسه الذي يزور اوربا ، فردا على اسئلة للنواب الاوربيين بشأن دور ايران في اعمال العنف التي يشهدها العراق ، قال المالكي : " سنقوم بكل المبادرات الممكنة لمنع التدخلات الاجنبية " ، وأضاف:" نرفض أي تدخلات من الدول المجاورة وسنمنعها " . ويواصل المالكي حديث المبادئ هذا :" العراق يرفض أن يكون ميدان مبارزة قوى اقليمية ." مرة اخرى نعرف ان رئيس الوزراء الذي ما زالت احداث البصرة الدامية تومض في رأسه لا يسمي ايران بل يدمجها في الجغرافية الاقليمية ، جغرافية تشير الى نوع من العجاج المعروف في دول الخليج ودول اقليم البحر الابيض المتوسط يمكن علاجه بنظارات داكنة.
|