المقاله تحت باب أخبار و متابعات في
17/03/2008 06:00 AM GMT
بعد مرور اسبوعين على اختطاف رئيس أساقفة الموصل للكلدان الكاثوليك المطران بولس فرج رحو عُثر عليه ميتاً في ضاحية المدينة. لقد قُتل المطران مظلوماً. وسواء كان القَتَلة من تنظيم القاعدة، او من التكفيريين كما يقول رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، فان المطران قتل مظلوماً. وسقط شهيداً. اما القتلة فانهم مجرمون سفاحون أياً كانت دوافعهم ونواياهم. ان قتل انسان بريء هو بمثابة قتل للانسانية جمعاً، كما جاء في القرآن الكريم، فكيف اذا كان الضحية راهباً متبتلاً إلى الله؟ وكيف اذا كان يتمتع كسائر رجال الدين المسيحيين على اختلاف كنائسهم بعهد نبوي صدر عن رسول لله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة (في الثالث من شهر محرم من السنة الثانية للهجرة). وكان شهد على هذا العهد كبار الصحابة والتزموا به ومنهم الخلفاء الأربعة أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي ابن أبي طالب. يقول العهد النبوي : "وإن احتمى راهب او سائح في جبل أو واد أو مغارة أو عمران أو سهل أو رمل أو ردنة أو بيعة فأنا أكون من ورائهم ذاباً عنهم كل عدة، لهم بنفسي وأعواني وأهل ملّتي وأتباعي كأنهم رعيّتي وأهل ذمّتي وأنا أعزل عنهم الأذى..". إلى أن يقول :"ولا يغيّر اسقف من اسقفيته ولا راهب من رهبانيته ولا حبيس من صومعته ولا سائح من سياحته ولا يهدم بيت من بيوت كنائسهم وبيعهم ولا يدخل شيء من مال كنائسهم في بناء مسجد ولا في منازل المسلمين. فمن فعل شيئاً من ذلك فقد نكث عن الله وخالف رسوله. ولا يحمل على الرهبان والأساقفة ولا من يتعبّد، جزية ولا غرامة. وأنا أحفظ ذمّتهم اينما كانوا من برّ أو بحر، في المشرق والمغرب والشمال والجنوب، وهم في ذمّتي وميثاقي وأماني من كل مكروه. وكذلك من ينفرد بالعبادة في الجبال والمواضيع المباركة. لا يلزمهم ما يزرعوه لا خراج ولا عشر". ويختم نص العهد قائلاً: ".. ومن خالف عهد الله واعتمد بالضد من ذلك فقد عصى ميثاقه ورسوله". من هنا، فان الذين قتلوا المطران رحو والذين اعتدوا على عدد من القساوسة والرهبان في العراق وقبل ذلك في الجزائر ، خالفوا عهد الله ورسوله، ليس فقط بالنسبة لحقوق وممتلكات الرهبان المادية، بل بالنسبة لأرواحهم وحياتهم، وهذه جريمة أكبر وأفظع. في الأساس يقول الله تعإلى في القرآن الكريم (سورة المائدة، الآية 81 ) "ولتجدنّ أقربهم مودّة للذين آمنوا الذين قالوا إنّا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وانهم لا يستكبرون". يعني هذا الكلام الإلهي ان من مقومات الودّ الاسلامي تجاه النصارى ان منهم قسّيسين ورهباناً علماً بأنه "لا رهبانية في الاسلام". ويعني ايضاً ان من صفات الرهبان والقساوسة المحببة إلى الله انهم لا يستكبرون، وكان المطران رحو واحداً منهم . هذا الثناء الاسلامي على الرهبان والقساوسة يضعهم في منزلة سامية من الاحترام والتقدير عند المسلمين، ويمتّعهم بحصانة معنوية وروحية تجعلُهم في مأمن من اي تطاول أو أذى بل وتوجب على المسلم الدفاع عنهم . فكيف سمح القتلة لأنفسهم بارتكاب جريمة قتل قسيس مسنّ ومريض، لم يُعرف عنه سوى العمل على إشاعة المحبة بين الناس؟ غداً، اذا سُئل المطران أمام الله بأي ذنب قُتل، ماذا سيفعل القتلة امام العدل الالهي؟.. وكيف سيبرّرون مخالفتهم لعهد الله ورسوله؟.. من أجل ذلك تُعتبر جريمة القتل انتهاكاً، ليس فقط لحقّ انساني مقدّس في الحياة، انما انتهاكاً لنصّ إلهي مقدّس أيضاً، واعتداء على حرمة الاسلام واساءة اليه تستحق كل الإدانة وكل الشجب والاستنكار.
|