أما زال «الحلم» ممكناً في بغداد؟ |
المقاله تحت باب مقالات و حوارات ولعلّ هذا الوزير يلخّص المعالم الأساسية للثقافة العراقية في واقعها الراهن، بعد أربع سنوات من الاحتلال. إذ إنّ الصراع بين مكوّنات احتكمت طوال قرون الى عقد اجتماعي غير معلن، وتعايش سلمي إثنياً وفكرياً انقلب الى ما يشبه حرباً أهلية وفق قواعد جديدة. وإذا بإمام جامع في أحد أحياء بغداد، يتولّى سدة الوزارة، محاطاً بأفواج من المدجّجين بالسلاح... وفق ما جاء في الصحف العراقية. وتداركاً لغياب المؤسسة الثقافية الرسمية أو تقاعسها، جرت محاولات لإيجاد بديل ما، مشاريع ذات واجهات برّاقة. وكان المثقفون يهرعون إليها، ثم سرعان ما يكتشفون أغراضها الحقيقية! ذلك ما حدث مع المجلس العراقي للثقافة الذي تأسس في عمان منذ أشهر بمشاركة عدد من المثقفين. لكنّ الاتهامات توالت بين أعضائه بعد أسابيع من تشكيله، كما توالت الاستقالات من لجانه المختلفة وقد يختفي من الوجود فجأةً كما بدأ في سنته الثانية. لنقل أيضاً إنّ الكثير من المشاريع الثقافية المماثلة فشلت بعدما شملتها المحاصصة الطائفية والعرقية والعشائرية، وخاصة أنّ الكثير من التوافقات الشكلية التي تمت على أساس الكفاءة في مرحلة انعدام الوزن التي أعقبت الاحتلال، جرى الرجوع عنها أو تجاوزها واستبدالها بقواعد تتعلق بانتماءات المثقف المسبّقة وولاءاته قبل الاحتكام إلى منجزه الثقافي. شهد 2007 رحيل اثنين من أبرز أعمدة الثقافة العراقية: رائدة الشعر الحر نازك الملائكة والشاعر المجدِّد سركون بولص، كلاهما مات في المنفى بعد صراع طويل مع المرض. كما رحل أيضاً مغترباً في دمشق راسم الجميلي أشهر ممثل كوميدي عراقي. راحلو الثقافة الآخرون اختلفت مصائرهم: في دمشق، انتحر الروائي مهدي علي الراضي، وقُتل المخرج التلفزيوني عدنان إبراهيم، قُتل طعناً. الشاعر رعد مطشر اغتالته ميليشيا مسلّحة في كركوك، محمد الحمراني الشاعر الشاب توفي إثر عملية فاشلة في البصرة، كما شهد العام رحيل المفكر مدني صالح والناقد محمد مبارك. أمّا السينما العراقية، فظلّت غائبة فيما النشاط المسرحي المحلي لم يخرج عن نطاق المسرحيات القصيرة ذات التكاليف البسيطة. ومن أبرز العروض «حلم في بغداد» تأليف وإخراج أنس عبد الصمد و«نساء لوركا» تأليف وإخراج عواطف نعيم وعرضتا في مهرجان قرطاج. وأخيراً، نال سبعة أدباء عراقيين سبع جوائز راوحت بين الأولى والخامسة في مسابقة دبي الثقافية بين 15 جائزة في الرواية والشعر والقصة القصيرة. وبقدر ما كان ذلك مفاجئاً، فإنّه يدلّ على أنّ للأدباء العراقيين حضوراً بين أقرانهم، وأن الثقافة هي الحل الأفضل لإعادة الروح الى واقع اجتماعي وسياسي يتردّى ويتشرذم في ظل الاحتلال. |