اتمناها دمعتي الأخيرة |
المقاله تحت باب في السياسة في ظل احتفالات منطقة شينغن الألمانية لانضمام تسع دول أخرى الى قائمة الاتحاد الأوربي ضمن خطة توسيع دائرة السفر بحرية تامة، دون قيود أو إخضاع جوازات السفر للفحص والتدقيق عند نقاط تفتيش المعابر الحدودية، انفلق قلبي إلى نصفين، بوصفي عراقية مضطرة للعيش في بلد أوربي، فنصف طار فرحا مع من طارت فرحا قلوبهم من أبناء بلدي الثاني، فيما غار نصف قلبي الآخر في أعماق حزن عمره عمر بلدي الأم، العراق الذبيح، هنا في شينغن يحتفل الأهالي بهذا المنجز الذي يعدونه نقطة تحوّل تاريخية هامة في تاريخ شعوب أوربا ولحظة تستدعي الفرح، كما عبرت عن ذلك المستشارة الألمانية ميركل أمس وهي تزيل الشريط الحدودي مع بولندا عند مركز زيتاو. فيما أكد رئيس الوزراء البولندي دونالد تسك في معرض كلمته بالمناسبة على أن البلدين تمكنا بهذا المنجز من التغلب على أهم حاجز، ألا وهو الخوف والكراهية. تهلل نصف قلبي بما قاله الجانبان ولما يفعله الغرب من تجميع المفتت، لكن نصف قلبي الآخر بكى لوضع العراق الذي كان على الدوام موحدا ففتتوه أرضا وشعبا، بمعول المحتل والمرتزقة فتتوه، وسرى أمام عيني شريط طويل من معاناة أبناء العراق، وهم يضطرون لعبور حواجز لا بين مدينة وأخرى فحسب، بل بين حي وآخر ضمن المدينة الواحدة بل إن أهل حي ما لا منجاة لهم من مخاطر الانتقال إلى حي آخر، إلا بأعجوبة، لما أوجدته تلك الحواجز إلى السطح من نعرات طائفية ومذهبية ودينية، حتى هجّرت الأغلبية الأقلية، وانحصر الشيعة في الجنوب والكرد في الشمال والسنة في الوسط، وباتت لا تبرح الأقليات التي نجت من بعبع التهجير مناطقها، أو ليس من حق نصف قلبي الثاني أن يتفجّع على هذا البلد، في وقت يشهد الغرب ـ الذي تدوس جيوشه رقع العراق المجزّأة، يشهد من أقصاه إلى أقصاه تواصلا في انفتاحه الحضاري والاقتصادي، فتنتعش دول وتزول الحدود المعنوية قبل المادية. أقول هذا وأنا أتهيأ لذرف آخر دمعة بحلول نهاية العام الحالي، دمعة تختزل الحُمّى في أقصى درجاتها وأودعها قلب دعاء إلى الله أن تعود بحلول بداية العام الجديد لحمة الشعب العراقي على ما كانت عليه، وتزول الحدود النفسية والمذهبية والدينية المعنوية منها والمادية، وتحل المحبة محل الكراهية والعنف اللذين كانا وما يزالان سبب الشقاء في عراقنا اليوم. |