موتانا |
المقاله تحت باب قصة قصيرة تضيق بهم القبور .. وتتسع المآقي ... وحين نكف عن انتظارهم لفرط حضورهم .. نجدهم يقفون عند بيبان الحلم بانتظار دخولنا وهروبنا من صحو يرتدي الصباحات الضريرة ... .يطرقون باصابعم الواهنه فوق جدران ارتباكنا واحلامنا وخساراتنا المتّقده برحيلهم .. نفتح لهم نوافذ الرؤى ... نهطل بالاسئله فوق ارتباك الحنين .. نسألهم عن احوال الطقس عندهم .. عن السعال الذي كان يرافقهم .. عن اضراسهم ان كانت قد وجدت طبيبا يقتلع المها في عيادات الاخرة .. عن الاحزاب .. والحروب التي ازدهرت بعدهم .. عن اخر لوحه .. واخر قصيده عن آخر امرأه راودت موتهم عن نفسه عن الماء .. والكهرباء يبهتون لفداحة الاسئله ..، ويبادروننا بالشفقه ..فهم ابناء الازل .. ونحن ابناء اللحظه ... ابناء الزمن العابر .. والفرح العابر .. والوجوه العابره امام وجودنا الخزفي فوق شوارع ارتحال مافتيء يحفر خرائطه في عروقنا المضمخه بحكاياتهم ..وظلالهم...وحفيف اقدامهم فوق ارض الذاكرة .. اولئك الغائبين والذين سيغيبون قبل غروبنا الاخير .. ............................... في الحلم زارني طيف تلك التي تربعت على عرش الامومه دون ان تلدني .. قالت لي تلك الزبيريه وخصلات شيبها تختبيء تحت(الشيله) بلغة الجنوب و(الفوطه) بلغتنا وفي كل لغات العالم لها نفس العطر .. ونفس الدفء ..والوجع ..والسواد الذي عبثا يخبيء سطوع الشيب .. سألتني بصوتها المعاتب الحميم: لماذا انت غائبه الى هذا الحد؟ ارتبكت ! ورحت اعضّ عقوق قلبي الذي تهاون في الخفقان لها في زحمة موتاه ... إذكنت منشغله بدفن بقية سلالة الاحبه .. جدتي الجميله حتى وهي على فراش الرحيل ، لحقت بك بعد اقل من عام في مركب واحد مع جدي ..وثلاثة من اجمل اصدقاء الطفوله.. لابد وانك التقيتهم في باب المقبره ..واستقبلتيهم ب (بيالة الجاي ) كعادتك .. ولابد انهم سألوك عن قصباتك الهوائيه وتفقدو البخاخ في يدك .. اعوام طويله مرت على آخر لقاء بك .. حينئذ كانت المقبره تفتح ابوابها بوجه السماء وبوجهنا دون ان تسأل الرائحين والقادمين عن هوياتهم او تتفحص اسماءهم ..! كيف ابرر لك يا امي ..يا دجلة ..يا رائحة (السيبه ) ..وعرق الهال وهو يفتك بذاكرة الحنين ... وانا اراني طفلة تختبيء في احضانك بعد كل المشاغبات التي لايحتملها بشري على وجه الارض ..لكنك تدسّينها بين أحضانك ..وتمنحيها مباركتك ..وترددين بإصرار كلما انهالت سياط الغضب فوق عبثيتي ( دعوها ..لم تفعل شيئا )! كيف ابرر لك هذا الغياب وانت ولحسن حضك في الحياة لم تحضري حرب القبيله والقبيله ..! كيف اقول لك ان اسما في شهادة الميلاد يعني الموت ..!.وان الطريق اليك اليوم معبد بالسيطرات ونقاط التفتيش التي استعانت اخيرا بمحللين ياخذون من الرائح والقادم عينه من دمه ليحللوها الى أي جزء في جسد الوطن الممزق تنتمي ؟ فلتغفري غيابي .. المدينة لم تعد المدينه .. والبصره التي انجبتني وارضعتني دبسها وغرينها .. لم تعد مضيافة فقد باعو مضايفها ودفوف غنائها وسفن حكاياتها وغرف جلوسها وحولها الى مناضد يلتف حول دبقها ازيز الاحزاب والمتحزبين .. كنت صغيره ..ابنة الاثنى عشر عاما حين اجتمعنا معا وتحلقنا حول الأب الذي لم يلدني حيث كان يرقد رقدته الاخيره ..لم ينطق بشيء عدا اسمي..وعيناه شاخصتان في السماء.. ناديته ..ولم يتمكن من النظر الي .. هربت اركض في الممر الطويل ..اصطدم بالوجوه ..بالأطباء .. بالدموع ..بأصوات موتى ينادونني مثله ..بألوان ستائر مازالت تستفز هربي حتى اليوم .. حتى وجدتني خارج ألبوابه ..خارج المستشفى .. خارج الزمن ..ادسّ يدي في التراب واملأ جيوبي منه.. فاضت جيوبي..ففاض قلبي برائحة الدمع .. وعطر حروفك وهي تنزلق بلهجة ..ودفء البصره.. امتلأت بالتراب .. وبصوتكما معا .. كنت اخبئكما فيه لتضيئا لي الليالي المقفره .. وحين استيقظت في المدينه المستحيله ...رحت اتفحص جيوبي الممتلئه بكما .. هالني الفراغ ا لذي اخذت اصابعي تتخبّط فيه ..! تسرب التراب من ثقب صغير ..! هكذا ضاعت المدن .. من ثقوب عيوبنا .. وهكذا اخذنا نتسرب في هوّة الدماء حلما اثر آخر.. فلتغفري لي غيابي .. ولا تترقبيني عن سفوح قبرك بعد اليوم .. فالبيبان مؤصده حتى بوجه الموتى ..لا تنهضي من عرشك الترابي وتنتظريني فقد يحاكمون موتك بتهمة التوحد .. |