الحروفيون العرب...الريادة و الهوية

المقاله تحت باب  مقالات و حوارات
في 
16/11/2007 06:00 AM
GMT



في نهاية الاربعينيات من القرن الماضي ،ظهرت تيارات جديدة في الادب والفن تحمل سمات التجديد والبحث عن هوية تميزها ومثل ما حدث للشعر العربي الحديث (الشعر الحر) كان للوحة التشكيلية الحروفية في تبوءسمة الريادة . وبقى جدل الريادة ومازال قائما ، فمن هو الشاعر الرائد في قطع حبال بحور الخليل أهو السياب في (هل كان حبا ) أم نازك الملائكة وقصيدة ( الكوليرا ) ؟ وهكذا يعاد الجدل ،فمن هو الحروفي الاول.؟؟. الفنانة العراقية مديحة عمر ؟ ام الفنان جميل حمودي ؟

مديحة عمر الحائزة على درجة الشرف من كلية (ماريا غري )بلندن 1933 ثم الدراسة في جامعة جورج واشنطن 1943 والمنسبة الى كلية الكوركوران للفنون حتى 1950 ، تعرض اول عمل لها تستلهم في الكتابة العربية عام 1949 وذلك في المعرض الدوري لمتحف الكوركوران بواشنطن بلوحتها (صور تجريدية للحروف العربية ) ثم تعرض في المعرض الشامل لاعمالها المقام على قاعة الرواق ببغداد 1981عددا من اعمالها الحروفية الاولى مؤرخه بعام 1946 ، اهي رائدة الحروفية الاولى ام ما يؤكده الفنان جميل حمودي من مواليد1924 من انه الرائدالاول في استلهام الحرف العربي كما يؤرخ له الفنان شاكر حسن ال سعيد في كتابه البعد الواحد " كان جميل حمودي منذعام 1947 قد اتخذ من الكلمة المكتوبة ضمن عالم اللوحة المرسومة عنصرا جديدا في البناء الفني ".

لكن مديحة عمر تعطينا بعدا اخر اكثر وضوحا للصورة بكونها الرائد بوعي ومعرفة في استلهام الحروف والكتابة العربية لكونها اول من نظًر وكتب عن ماهية العلاقة بين الفن والحروف العربية ففي واشنطن كانت قد نشرة بيانا فنيا عام 1949 تحت عنوان (الخط العربي عنصر استلهام في الفن ) درست فيه امكانية الاستفاده من الخواص المطاوعه للحروف العربية وامكانية استخدام القيم التجريدية في بناء اللوحة الفنية الحديثة وهي بذلك سبقت كل المهتمين بالفن التشكيلي من فنانين ونقاد في هذا المجال. لكننا قبل الحكم على هذه الريادة العراقية للحروفية لابد من النظر الى التجارب العربية الاخرى في هذا المضمار والتي توءكد ريادتها ايضا ،

فالفنانة اللبنانية سلوى روضة شقير من مواليد 1931 . تقدم لوحتها الحروفية باسم ( يا ليل ) والمنفذه بتاريخ 1947 كذلك الفنان اللبناني وجية نحلة يؤرخ لوحته ( المحارب) بتاريخ 1954 مستغلا امكانية الخطوط العربية ومطاوعتها التشكيلية في بنائه الفني .ثم هناك تجربة الفنان سعيد عقل واعماله بالحبر الصيني التي اعتمد فيها تشكيل الحرف بنظرة جديدة واطلق عليها ( كتابه ) في معرضه الاول 1954 .

 

كذلك لابد من الوقوف عند التجربة السودانية ودور مدرسة الخرطوم التشكيلية وريادة البروفسور احمد محمد شبرين 1930 ورفاقة عثمان وقيع الله وابراهيم الصلحي اذ حاولوا ادخال ايقاعات ورؤى جديدة للفنون الحرفية واعطوها مذاق خاص

ثم تجربة أدهم اسماعيل وامتدادها الى محمود حماد اذ استخدما النسيج الكتابي باشكال لونية مموهة لصورت الحرف والكتابة بتجاه تجريدي واضح

اما فناني المغرب العربي فانهم تأثروا بشكل واضح باستلهام الحرف من الاطار التاريخي لصفحات المخطوطات العربية والزخرفة ليتجاوزوا الشكل الصريح للحروف ففي اعمال الفنان التونسي نجيب بلخوجة تبرز قدرة التعاطي مع الحرف بيقاعات هندسية مميزه . وكذلك في اعمال المغربي محمد المويلحي الذي اقتبس انسيابية الحرف ومطاوعتة لخلق اشكال تجريدية متفردة . وفي الجزائر تجربة الاخوان محمد وعمر راسم والفنان سيد علي الذين قربهم الخط من الفن التجريدي وان لم يدعوا الانتماء الية.

وفي مصر كان الفنان الرائد حامد عبد الله(المتوفي عام 1986 ) من اوائل رواد الحروفية في الخمسينات من القرن الماضي . وكذلك الفنان عمر النجدي في بحثة عن البيئة الشعبية واستخدام جمالية الحروف العربية في نسق روحي .كما استفاد الفنان الرائد صلاح طاهرمن طواعيت الحرف .

وتبقى تجربة الفنان العراقي شاكر حسن ال سعيد عبر اعماله المستمده من تنظيرة لجماعة ( البعد الواحد ) وتأويلاته الصوفية في نسج العمل الفني من ابرز ما قدمته للحروفيين العرب في وضع الاسس الاولى لمدرسة فنية معاصرة تعتمد استلهام الحرف العربي .

وتتسع التجربة في اعمال العديد من رواد التشكيل لعربي فا لفنان الفلسطيني كمال بلاطه و السوري عبد القادر الارناؤؤط ومروان قصاب باشي و المصري احمد فؤاد سليم وسعيد وائلي وعصمت داوستاشي و من لبنان يسار صفي الدين و حسين ماضي والمغربي احمد الشرقاوي وغيرهم الكثير لتمتد الى الجيل اللاحق ليضيفوا الكثير كتجربة الفنان ضياء العزاوي والذي يعد من اكبر الملونيين .وكرافييكية نجى المهداوي وجراره المؤشاة بحروف ورموز ممطوطة .ونقوش فريد بلكاهية على الجلود .واختام رشيد القريشي الصينية فوق الخط الكوفي المغربي . وتجربة الفنان محمد سعيد الصكار وتجديداتة في الخط العربي التقليدي .وتتسع الرؤية في ستلهام الحروف بالعديد من الاساليب لتشمل اغلب الفنانين العرب حتى لتكاد لا تجد فنانا الا واستقى من هذا النبع الجميل. ليس في انجاز اللوحة فحسب بل امتدت الى النحت كما فعل الفنان الرائد جواد سليم في ادخال الكتابة في اعمالة وكذلك فعل الفنان النحات محمد غني حكمتعبرمنحوتاته والخزاف المصري الرائد كمال عبيد .