التربية و التعليم بين زمنين

المقاله تحت باب  في السياسة
في 
22/07/2007 06:00 AM
GMT



قبل ما يقرب من ثلاثة عقود ، كان التعليم مرافقا للتربية ، تحرص وزارة التربية والتعليم على غرس القيم السامية ، تعليم الطلاب المباديء الجميلة والمثل العالية التي تمجد الإنسان ، وتجعله يديم النضال من اجل حياة أفضل أكثر جمالا وبهاء ، كان المعلمون يحرصون على بناء الإنسان الحريص على كرامته ، الذي يحترم غيره ، يضحي من اجل المباديء الإنسانية التي جاءت بها الأديان والقوانين المختلفة ، وتدعو الى تأصيل قيم الكرامة والعدالة والحق والنضال ، واحترام العمل وتقدير العاملين المخلصين ، المتصفين بالضمير اليقظ والسيرة الناصعة الجميلة ، التي لا يعكرها أي من الأمور المشينة ، كان المعلم وأولياء الأمور حريصين على تنشئة أولاد وبنات ،، يحسنون القيام بواجبهم خير قيام ، يعرفون ما هي حقوقهم ، ومستعدين تمام الاستعداد للنضال المستمر والطويل من اجل استرجاع حقوقهم اذا ما اعتدى عليها معتد ، كان الطفل ومنذ سني الابتدائية يعلم ويربى كيف يكون إنسانا محترما ، يحترم الناس ويقدرهم ويكتسب احترامهم وتقديرهم ، لما يتصف به من صفات تدعو الى الاحترام والتقدير ، لم يكن الطفل يعرض للعقاب البدني بلا سبب قوي يدعو الى العقاب ، كما كان الحرص موجودا على عدم إسماع الطفل الكلمات القاسية التي تشعره انه قليل الأهمية وان بامكان احد من الناس ان يهينه او يسمعه الكلام العنيف او يعرضه للعقاب القاسي ، كان المعلمون يستنكرون القسوة المبالغ بها والتي يقوم بها بعض المدراء ، ويأتي أولياء الأمور الى المدرسة مستنكرين،، مو قف المدير ،، ان تعرض ابنهم الى عقاب قاسي دون وجود الأسباب ،الداعية الى ذلك العقاب ، في مدارس البنات كان العقاب شبه معدوم ان كانت الطالبة حريصة على دروسها مواظبة على الدوام ، فلماذا تتعرض للعقاب وهي تطيع القوانين وتؤدي ما عليها من واجبات ، وتكون في طليعة الناجحين والمتفوقين وتحرز اعلى الدرجات ، ويعاملها الجميع باحترام وتقدير.

الآن بعد توالي السنين وبدلا من تحسين الأحوال وبذر زهور احترام الإنسان في نفوس الطلاب ، نجد ميلا الى تغليب العقاب القاسي في علاج التأخر الدراسي او الجنوح الذي نلاحظه على بعض الطلاب في فترة محددة من سني دراستهم الطويلة ، ولم يقتصر العقاب البدني ،، وإسماع الطلاب الكلمات القاسية ، المهينة ، على طلاب المرحلة الابتدائية فقط ،،والذين يرى بعض علماء التربية ،، أنهم بحاجة الى أنواع من العقاب قد لا يكون العقاب البدني احدها ، أصبحنا نجد من يتفاخر ،، انه ضرب طالبة في الجامعة ،، وعلى مراى من زملائها الطلاب ، ولم يراع أصول المعاملة ، وضرورة تعويد الطلاب على الاحترام المتبادل ،

لقد اعتاد النظام السابق ، على استعمال العنف ، ، وسيلة وحيدة للتفاهم مع الناس ، وكان يغتال عنوة من يعارضه ، او بمعنى اصح من لايجد لديه ،تأييدا لسياساته السلبية المنكرة ، ولان المعلمين قد نالهم الشيء ، الكثير جراء السياسة العدوانية التي انتهجها النظام ، فقد أرغم الكثيرون منهم على الانتماء الى حزب البعث مع أنهم لا يوافقون على مبادئه ، وهذا الإجبار انعكس سلبا على طريقة معاملة المعلمين لطلابهم ، وبدلا من سياسة التفاهم والاحترام ، التي كانت سائدة في العقود الماضية ،تدهور الوضع وساءت السياسة التعليمية وبدلا من بناء الإنسان ، ذي الشخصية السوية ، الواثقة من نفسها المتطلعة الى المستقبل السعيد ، والمجتهدة لتحقيق طموحاتها ، نجد الشخصية السلبية المنطوية على نفسها والتي ترى الحياة بمنظار اسود ، لأنها لم تنل حقها ،من الفهم والعناية والتقدير ، وإنما تعرضت الى عقاب قاس لا مبرر له والى كلمات نابية يجب على المعلم ان ينأى بنفسه عن إسماعها لطلابه.

علينا ان نبني الشخصية السليمة القادرة على مواجهة الصعاب والتغلب عليها مهما كانت ، وهذا لايتم ،، الا بغرس بذور الاحترام ،، والتقدير في نفوس الناشئة لذواتهم أولا ،،ثم لأبناء وبنات شعبهم ،، والتخلي عن تلك النظرة المتشائمة التي تعلن وبإصرار إننا مجتمع محكوم علينا ان نكون متأخرين متناحرين ، كل منا يسعى الى سلب الآخرين ما يملكون.

بناء الإنسان الجديد يبدأ من المدرسة ويكون بالتعاون بينها وبين البيت لتربية جيل قوي ، يتحدى الصعاب ،، يؤمن ان الغد لابد ان يكون أفضل من اليوم وانه علينا ان نتقدم الى الأمام لا ان نتقهقر الى الخلف.