وردتنا العديد من الملاحظات حول استراتيجية الأمن القومي التي تم الإعلان عنها مؤخراً. وإني إذ أشكر كافة الملاحظات والتقويمات التي تناولت هذا الإعلان، أود أن أؤكد أن المعلن من الإستراتيجية إنما يتضمن إطار المباديء والأهداف في صيغها العامة، وستشفع بما يلي:
أولاً: استقراء ومسح (على وجه التحديد كمصاديق مباشرة) لكافة التهديدات القائمة والمتوقعة سواء الخارجية منها أو الداخلية في أبعادها السياسية والإقتصادية والإجتماعية والعسكرية والأمنية.
ثانيًا: رسم استراتيجية لتنمية قوى الدولة على تنوع مرافقها والحاجة إلى الانطلاق بها من خلال التنسيق والتعاون والتطبيق المشترك.
ثالثًا: رسم الخارطة اللوجستية القادرة على مواجهة التهديدات الخارجية والداخلية بإعداد البرامج المرحلية والإستراتيجية من خلال خطط مُحكمة متعددة البدائل.
رابعًا: إعداد سيناريوهات واتخاذ إجراءات لمواجهة التهديدات التي تتناسب معها.. وتتصاعد تدريجيًّا مع تصاعد التهديد سواء خارجيًّا أو داخليًّا.
إننا نعي أنّ الأمن القومي يتلخص بقدرة الحماية الذاتية المتكاملة المتأتية من الخطط الشاملة والتطبيقات المتجانسة التي تتمكن بها الدولة من خلال منابع قدراتها السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية على تحقيق مصالحها الوطنية. وندرك بأنّ عملية رسم سياسة لأمن إنساني شامل إنما تقوم على مباديء: الحماية والوقاية والردع، والإستراتيجية الأمنية إنما هي منظومة كلية توظف موارد الدولة وقدراتها لأجل الحماية والردع، على أن تكون شاملة ومتكاملة ومرنة ومتعددة السيناريوات. ومن خلال عملنا المشترك مع الوزرات والمؤسسات ذات العلاقة سنحدد التكتيك المعتمد لتحقيق الإستراتيجية على أرض الواقع، فعلى سبيل المثال سنحدد التطبيقات اللازمة لبيان كيفية مواجهة التحديات الكبرى التي تعصف بالبلاد كسلسلة خطط تمكن مباديء وأهداف الإستراتيجية.
إنَّ التطبيقات التي سيتم اعتمادها هي جملة الخطط المرسومة كسياسة عامة لتحقيق الأمن القومي وذلك على أربعة مستويات:
أولا: الأمن الشامل للمواطن ضد أية أخطار قائمة أو متوقعة تهدد حقوقه وحرياته وممتلكاته وكرامته وأمنه على الصعيد الشخصي والأسري الفردي والجماعي.
ثانياً: الأمن الشامل للوطن ضد أية أخطار قائمة أو متوقعة تهدد نظام ووحدة وسيادة وامن واستقرار وموارد ومصالح الوطن العراقي.
ثالثا: الأمن الإقليمي الشامل، ويعني إيجاد منظومة اتفاقات ومعاهدات إقليمية مشتركة لواجهة التهديدات ذات البعد الإقليمي.
رابعاً: الأمن الدولي الشامل، ويعني التعاون المشترك مع الدول والمنظمات الدولية كمجلس الأمن والجمعية العامة بما يحفظ الأمن والسلم الدوليين.
كما ستحدد التطبيقات حزمة خطط الدولة لتحقيق:
-التنمية البشرية الشاملة العلمية والثقافية والتربوية والصحية. -التنمية الاقتصادية الشاملة على مستوى الدولة ومؤسسات المجتمع الإنتاجية. -التنمية السياسية الشاملة في التفاعل الايجابي مع الديمقراطية والتعددية. -اللوائح الدستورية والقانونية الضامنة لسيادة القانون وشمولية العدالة. -برامج الحماية لمنظومات الأمن الإداري والوظيفي. -برامج الوقاية من الإرهاب والجريمة.
أختم إشارتي بالترحيب بأي نقد لهذا المشروع، والحقيقة أنني أود جعل هذا المشروع قضية وطنية تثرى بالحوار والنقاش،.. فقضايا الأمن بمعناه الإنساني الشامل هي قضايا الأمة والدولة، ولابد للأمة من ممارسة دورها في نقد وتنضيج القضايا التي تهم حياتها بالصميم. إنَّ إمتلاك الوعي والمتابعة والرصد وعلى قاعدة الحرص والمصلحة العامة إنما تمثل ركائز الدور الأمني الذي يجب أن يضطلع به المواطن لحماية ذاته ومجتمعه ودولته. وهنا فإننا نشدد على أنَّ الأمن القومي هو مسؤولية المواطنين كما هو مسؤولية الدولة وأجهزتها، فالأمن الشامل وفي مصاديقه وتطبيقاته كافة إنما هو رهن الفرد والمجتمع ومؤسسات السلطة والدولة، وإنَّ كافة التحديات القائمة والمتوقعة وطموحات التنمية والتطور إنما يتوقف انجازها على درجة التلاحم العضوي بين المواطن والدولة في الإحتضان والتبني والحماية المتقابلة.
الدائرة الاعلامية
مستشارية الأمن القومي
Insa_media@yahoo.com |