سنكلير، هو الكاتب الأمريكي: سنكلير لويس، صاحب الأسلوب المميز في الكتابة، والمُفرد في كيفية التحضير لرواياته وقصصه ومقالاته الأدبية. وهذه كلها زبدة حديث اليوم.
أما توماس وولف، فهو الكاتب الأمريكي الشهير، الذي يرى في المتناقضات جوهر الحياة. ومن أجل ذلك تراه في رواياته، كما في قصصه القصيرة، يجمع ما بين الشمال والجنوب، والحياة والموت، والغنى والفقر، والحرب والسلم، والأمانة والخديعة.
هكذا، متناقضات، ومتناقضات، ومتناقضات، أي: أضداد، ومن وحدة الأضداد، أو تصادمها، تولد الأفكار، وتصطرع الأمم، وتنشب الحروب، مثلما توجد الكائنات الكريستالية من ذلك البرد الشديد والحر الشديد.
وعندما تقرأ “سنكلير” مثلاً، تجد نفسك في حاجة الى قاموس في طبائع البشر. وهنا تكمن قدرة الكاتب - الكاتب، التي يعجز عنها، الذين يدخلون الى هذا المحفل، بوساطات حزبية، أو قبلية، وما شابه ذلك.
ولا أشك في أن صاحبنا “الحريري” أبا محمد القاسم بن علي بن محمد بن عثمان، الحريري، البَصري، إلا واحد من هؤلاء القلة من الكتّاب العالميين، وأن مقاماته الخمسين، أو الأربعين كما كانت في البدء، شأن معقد وبليغ في الإحاطة بالكتابة وموضوعاتها، وكذلك في التحضير لإنجاز الموضوع، مختصراً، وهذا هو الإيجاز كما تقول العرب، أو طويلاً حيث التفاصيل لا غنى عنها أبداً.
وفي “خطبة” المقامات: الخطبة، هي المقدمة، يُنشئ الحريري: “اللهم إنا نحمدك على ما علّمت من البيان، وألهمت من التبيان”. ولو رجعت الى معاجم العرب، لوجدت أن “البيان” و”ألهمت”، و”التبيان” حين تشرح معانيها باختصار تفوق ما هو مخصص لهذه “الذاكرة” من مساحة.
أما سنكلير لويس، فهو “ذاكرة” عجيبة حقاً.
فهو عندما يفكر بكتابة مقال أو رواية، يحتكم الى قواعد ثابتة، يستمع ويراقب، ثم يدون ملاحظات. وتتضمن هذه أدق تفصيلات المظاهر الخارجية والتوترات الداخلية، بل وحتى الأثاث بتفصيلاته الأشد دقة، ثم يكتب مسودة، بعدما يجمع المعلومات الأخرى ذات العلاقة بالموضوع.
بعد المسودة، تأتي نسخة أخرى لمسودة معدلة، بإضافات وحذف، ثم ينتهي الى الصورة ما قبل الأخيرة للعمل، قصة أو مقالاً.
لكن قبل هذا كله، كان يكتب مشروعاً للمقال أو القصة، على أساس تصوره الخاص.
أما النص المنشور، فهو كمال الكمالات في الأدب الأمريكي.
ولا أوضح من الوضوح هنا. |