الأنفجار العاطفي .. ويقصد به كمية المشاعر المنبثقة من أعماق النفس التي لها من القوة والشدة بما يؤثر على الشخص المنفجر عاطفيا ً ، وكذلك المتلقي بنفس القوة يفقد فيها الشخص السيطرة على مشاعره وسلوكه .
يصاب الأفراد على إختلاف أمزجتهم وتقلبهم للأمور في بعض الاحيان ، بما يسمى بالأنفجار العاطفي ، حيث تنشأ قوته من قوة الضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية التى يتعرض لها الفرد في حياته اليومية ، وتختلف الدوافع للأنفجار العاطفي بين فئات الناس المختلفة ، فنجد أن الأنفجار العاطفي لدى الاطفال يتوقف حصوله على الشئ الذي يريده الطفل ، إذ أن حاجته للأنفجار حاجة وقتية ، فمثلا ، ينفجر الطفل باكيا ً حينما يرى أمه تعود من عملها ، بينما لم يحرك ساكنا ً طوال فترة غيابها بعيدا ً عن المنزل ، إن مثل هذا السلوك المعبّر ، هو سلوك طبيعي ، إذ تعتبر الأم الملاذ الآمن للطفل ، خاصة في سنين حياته الأولى لما توفره من حب ورعاية وتلبية للحاجات الطبيعية والنفسية . و حين تذهب الأم بعيدا ً عنه لفترة نجده يكبت مشاعره ويتحدد في تصرفاته ، يسمع ويأتمر لأوامر الكبار المعيلين له في غياب أمه حتى عودتها ، فنجده يتمرد عليهم ويبكي ويضرب الارض بقدميه ، وقد يضرب أمه رفضا ً منه لغيابها وحرمانه منها ، ولو لفترة وجيزة .
إن هذا الشعور بالفراغ العاطفي قد يصبح فيما بعد بؤرة لتراكم الأضطرابات النفسية المختلفة التى نجدها غالبا ً ما تظهر بين الأطفال الذين تتركهم أمهاتهم لفترة ما ، في الحضانة مثلا ً أكثر من الأطفال الذين يتربون في أحضان أمهاتهم .
وقد تنتشر هذه العادة النفسية لتشمل الفئات العمرية الأكبر ، فنجدها بين المراهقين ، وخاصة الذكور منهم ، كأداة للتعبير عن رفضهم للطاعة الجبرية للكبار التى دامت فترة الطفولة بأسرها .
وحيثما يدخل الصبي مرحلة المراهقة ، يجد نفسه أمام تغيرات بايولوجية متنوعة ، إبتداءً من المظهر الخارجي وحتى التركيب الداخلي ، تدفعه قوة التغيير الى الأعتراض والصراخ ، فيجد نفسه كمن يصرخ في حضور الطرشان ، ظنا ً منه بعدم وجود من يسمعه أو يعيره الأنتباه ، فيعبر عن أفكاره وآرائه بمشاعر جياشة عارمة في حالات الفرح والحزن على حد سواء .
وتكمن خطورة الأنفجار العاطفي عند الاطفال ، بتحوله من عادة يستعملها الطفل كأداة للضغط على والديه ، الى سلوك ٍ يتبناه ، وعادة ٍ يتطبع بها أجتماعيا ، ويعتبرها وسيلة ناجحة للتأثير على الغير في حياته المستقبلية ، فضلا ً عن إستخدام هذه الأداة في تحطيم ذاته ، إذ تتعطل هذه الذات وتكبح لديها مشاعر المنافسة والأندفاع لتحقيق مبتغاها بالطرق السلمية الواضحة السوية.
إن واجبنا كأمهات وآباء يكمن في التوجيه الصحيح لأمتصاص هذا الانفجار الذي قد يتحول الى كارثة ، إذا لم نستطع أن نتعامل معه في الوقت المناسب ، فعلى الوالدين أن يتركا فسحة من الوقت لرعاية الاولاد ، وترك مجال كاف ٍ لهم للتعبير عما يجول في خواطرهم وأفكارهم وقلوبهم الهائجة الصغيرة ، ومحاولة تفهم وجهات نظرهم تجاه الأمور المختلفة ، مع التأكيد على الحدود التي يتوقف عندها المُثار نفسيا ً ومحاولة عدم تجاوزها ، والعمل على منح الثقة للأبناء في طلب المساعدة من الوالدين في حالة اليأس من إيجاد الحلول المناسبة لأي موقف قد يتعرضون له في مسيرة الحياة الطويلة. |